غير المميز فدخل في هذا المميز، والأولى أن يقال فيه أخذا مما مر: إن كان ضعيف التمييز فهو كغير المميز، وإن كان قوي التمييز فهو كالمراهق. وقال الزركشي: الامر منوط بالتمييز وعدمه لا بالبلوغ، والمراهقة وعدمها مع أن ظاهر كلام الشافعي والأصحاب أن الصبي لا يضمن ولو كان مراهقا لأنه لم يكمل عقله (ولو) لم يقصد الصبي ونحوه ممن ذكر بل (صاح) شخص (على) نحو (صيد) ولو كان الصائح على الصيد محرما أو في الحرم (فاضطرب) به (صبي) لا يميز، وما في معناه ممن سبق، وهو كائن على طرف سطح (وسقط) ومات منه (فدية مخففة على العاقلة) لأنه لم يقصد الشخص.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لو لم يضطرب لم يضمنه، وهو كذلك، وما ذكره هنا من اشتراط اضطراب الصبي مشعر باشتراطه أيضا في مسألة الصياح المذكورة أول الباب، وتقدم ما فيه (ولو طلب سلطان من) أي امرأة (ذكرت) عنده (بسوء) وأمر بإحضارها (فأجهضت) أي ألقت جنينا فزعا منه قبل تمامه (ضمن الجنين) - بضم أوله - أي وجب ضمانه بغرة على عاقلة السلطان.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: أسقطت لأن الاجهاض مختص بالإبل كما قاله ابن سيده وغيره، وتصويرهم المسألة بطلب السلطان قد يقتضي اشتراط كون الطالب مرهوبا، فإن كان غير مرهوب فلا ضمان وهو ظاهر، والأظهر لحوق القاضي، وكذا كل من له سطوة في ذلك بالإمام، وقول المصنف: بسوء ليس بقيد، بل لو كذب شخص وأمرها بالحضور على لسان الإمام كان الحكم كذلك، وكذا لو تهددها بلا طلب. قال البلقيني: وكذا لو طلبها في دين فأسقطت ضمن إن كانت مخدرة لتعديه أو غير مخدرة لكنها تخاف من سطوته، فإن لم تخف من سطوته وهي غير مخدرة فلا ضمان، وطلبها أيضا ليس بقيد، بل لو طلب سلطان رجلا عندها فأجهضت كان الحكم كذلك على النص. وظاهر كلامه أن الضمان على السلطان، لكن سيأتي أن الغرة إنما تحملها العاقلة، ولذا قيدت كلامه بذلك.
قال البلقيني: وينبغي للحاكم أن يسأل هل هي حامل قبل أن يطلبها؟ ولم أر من يفعله، وهو حسن، واحترز بقوله: أجهضت عما لو ماتت فزعا فلا ضمان لأن مثله لا يفضي إلى الموت. نعم لو ماتت بالاجهاض ضمن عاقلته ديتها لأن الاجهاض قد يحصل منه موت الام، قاله البلقيني. ولو فزع إنسانا فأحدث في ثيابه فأفسدها فلا ضمان، لأنه لم ينقصه جمالا ولا منفعة. (ولو وضع صبيا) حرا كما قيده الرافعي ك الغزالي وغيره (في مسبعة) بميم وباء موحدة مفتوحتين:
اسم لأرض كثيرة السباع، وجوز في المحكم ضم الميم وكسر الموحدة (فأكله سبع فلا ضمان) عليه، لأن الوضع ليس بإهلاك ولم يوجد منه ما يلجئ السبع، بل الغالب أنه ينفر من الانسان في المكان الواسع، سواء أمكنه الانتقال عن موضع الهلاك أم لا (وقيل إن لم يمكنه انتقال) عنه (ضمن) لأن الوضع والحال ما ذكر بعد إهلاكا عرفا، والأول يمنع ذلك. أما إذا أمكنه فلم ينتقل فلا ضمان عليه قطعا، وإن خالف في ذلك البلقيني كما لو فتح عرقه فلم يعصبه حتى مات، وخرج بالصبي البالغ فإنه لا يضمن جزما كما صرح به في أصل الروضة. واحترز بمسبعة عن وضع صبي بمضيعة لا سباع فيها فاتفق افتراس سبع له فلا ضمان جزما، وهذا بخلاف ما لو وضع الصبي أو البالغ في زريبة السبع وهو فيها، أو ألقى السبع على أحدهما، أو ألقاه على السبع في مضيق أو حبسه معه في بيت أو بئر أو قذفه له حتى اضطر إلى قتله، والسبع مما يقتل غالبا كأسد ونمر وذئب فقتله في الحال أو جرحه جرحا يقتل غالبا فعليه القود لأنه ألجأ السبع إلى قتله فإن كان جرحه لا يقتل غالبا فشبه عمد، وهذا بخلاف ما لو ألقاه على حية أو ألقاها عليه أو قيده وطرحه في مكان فيه حياة ولو ضيقا فإنه لا يضمنه، فإن قيل: لم لم يفرقوا في إلقاء الحية بين المضيق والمتسع كما في السبع؟. أجيب بأنها تنفر بطبعها من الآدمي بخلاف السبع فإنه يثب عليه في المضيق دون المتسع، فإن