سواء أعجز بتعجيز نفسه أم بتعجيز سيده لعدم اختيار السيد. فإن قيل: هو مختار في الثانية. أجيب بأنه إنما قصد التعجيز والملك حصل ضمنا. وما لو اشترى أو انهب المكاتب بعض ابنه أو أبيه وعتق بعتقه لم يسر، لأنه لم يعتق باختياره، بل ضمنا. وما لو ملك شخص بعض ابن أخيه وباعه بثوب مثلا ومات فورثه أخوه ورد الأخ الثوب بعيب وجده فيه واسترد البعض عتق عليه ولم يسر كما هو مقتضى كلام الروضة ك الرافعي قبيل الخاصة الثالثة، لأن المقصود فيه رد الثوب لا استرداد البعض. وصوبه الزركشي، ولكن المصحح في الروضة هنا السراية، وجرى عليه ابن المقري، وهو الذي يظهر ترجيحه، لأن تسبب في ملكه بالفسخ. والفرق بينه وبين ما مر في تعجيز السيد مكاتبه بأن الرد يستدعي حدوث ملك فأشبه الشراء بخلاف التعجيز. وما لو رد عليه ذلك البعض بعيب فإنه لم يسر، لأنه قهري كالإرث.
وما لو أوصى لزيد مثلا ببعض ابن أخيه فمات زيد قبل القبول وقتله الأخ عتق عليه ذلك البعض ولم يسر، لأنه بقبوله يدخل البعض في ملك مورثه ثم ينتقل بالإرث. ثاني شروط السراية: أن يكون له يوم الاعتاق مال يفي بقيمة الباقي أو بعضه كما مر، ويباع فيها ما يباع في الدين من مسكن وخادم وغيرهما على ما مر في الفلس. وإن كان المعتق مديونا واستغرقت الديون ماله كما مر في كلام المصنف حتى يضارب الشريك بقيمة نصيبه مع الغرماء، فإن أصابه بالمضاربة ما يفي بقيمة نصيبه فذاك، وإلا أخذ حصته، ويعتق جميع العبد بناء على حصول السراية بنفس الاعتاق فلا يسري على معسر. (والمريض) أيضا (معسر إلا في ثلث ماله) فإنه إذا عتق في مرض موته نصيبه ولم يخرج من الثلث غيره فلا سراية، فإن خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه فلا سراية في الباقي. (والميت) أيضا (معسر) مطلقا، (فلو أوصى) أحد شريكين في رقيق (بعتق نصيبه) منه فأعتق بعد موته، (لم يسر) إلى باقيه وإن خرج كله من الثلث لانتقال المال غير الموصى به إلى الوارث. ثالث شروط السراية: أن يكون محلها قابلا للنقل، فلا سراية في نصيب حكم بالاستيلاد فيه، ولا إلى الحصة الموقوفة، ولا إلى المنذور إعتاقه ونحوه مما لزم إعتاقه بموت المريض أو المعلق على صفة بعد الموت إذا كان أعتق بعد الموت. ولو استولد أحد شريكين نصيبه معسرا ثم أعتقه وهو موسر سرى إلى نصيب شريكه، وقول الزركشي نقلا عن القاضي أبي الطيب لا يسري إليه بعكسه ممنوع. ويسري العتق إلى بعض مرهون، وإلى بعض مدبر، وإلى بعض مكاتب عجز عن أداء نصيب الشريك. رابع شروط السراية: أن يعتق نصيبه أولا ليعتق ثم يسري العتق إلى نصيب شريكه، فلو أعتق نصيب شريكه لغا، إذ لا ملك ولا تبعية، فلو أعتق نصيبه بعد ذلك سرى إلى حصة شريكه. وإن أعتق نصف المشترك وأطلق فهل يقع العتق على النصف شائعا لأنه لم يخصه يملك نفسه أو على ملكه فقط لأن الانسان إنما يعتق ما يملكه؟ وجهان، أرجحهما الثاني كما جزم به صاحب الأنوار كما في البيع والاقرار. وعلى كلا التقديرين لا يعتق جميعه إلا إن كان المعتق موسرا. قال الإمام: ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا في تعليق طلاق أو عتق.
تتمة: أمة حامل من زوج اشتراها ابنها الحر وزوجها معا وهما موسران، فالحكم كما لو أوصى سيدها بها لهما وقبلا الوصية معا فتعتق الأمة على الابن، والحمل يعتق عليهما ولا يقوم.
فصل: في العتق بالبعضية: (إذا ملك أهل تبرع أصله أو فرعه) الثابت النسب (عتق) عليه. أما الأصول فلقوله تعالى: * (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) * ولا يتأتى خفض الجناح مع الاسترقاق، ولما في صحيح مسلم:
لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أي فيعتقه الشراء لا أن الولد هو المعتق بإنشائه العتق كما فهمه داود الظاهري، بدليل رواية: فيعتق عليه. وأما الفروع فلقوله تعالى: * (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) *، وقال تعالى: * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) *، دل على