مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٧
الحر أن دية كل منهما في نفس أو جرح (كنصف) دية (رجل) حر ممن هما على دينه (نفسا وجرحا) بضم الجيم.
ولما فرغ من مغلظات الدية شرع في منقصاتها، فمنها الأنوثة لما روى البيهقي خبر دية المرأة نصف دية الرجل وألحق بنفسها جرحها، وبها الخنثى، لأن زيادته عليها مشكوك فيها، ففي قتل المرأة أو الخنثى خطأ عشر بنات مخاض وعشر بنات لبون، وهكذا، وفي قتلها أو قتله عمدا أو شبه عمد خمس عشرة حقة وخمس عشرة جذعة وعشرون خلفة .
تنبيه: اقتصر المصنف بإلحاقه بالأنثى على النفس والجرح، وألحق بهما في المحرر الأطراف، ولعل حذف المصنف لذلك أن الخنثى لا يلتحق بالأنثى في الأطراف مطلقا، فإن في حلمتيها ديتها، وفي حلمتيه أقل الأمرين من دية المرأة والحكومة. وشفريه كذلك بخلافها (ويهودي ونصراني) ومعاهد ومستأمن دية كل منهم إذا كان معصوما تحل مناكحته (ثلث) دية (مسلم) نفسا وغيرها. أما في النفس فروي مرفوعا. قال الشافعي في الام: قضى بذلك عمر وعثمان رضي الله عنهما، ولأنه أقل ما أجمع عليه، وهذا التقدير لا يعقل بلا توقيف، ففي قتله عمدا أو شبه عمد عشر حقاق وعشر جذعات وثلاث عشرة خلفة وثلث، وفي قتله خطأ لم تغلظ ستة وثلثان من كل من بنات المخاض وبنات اللبون وبني اللبون والحقاق والجذاع. وقال أبو حنيفة: دية مسلم. وقال مالك: نصفها. وقال أحمد: إن قتل عمدا فدية مسلم أو خطأ فنصفها. أما غير المعصوم من المرتدين ومن لا أمان له فإنه مقتول بكل حال. وأما من لا تحل مناكحته فهو كالمجوسي. وأما الأطراف والجراح فبالقياس على النفس.
تنبيه: السامرة كاليهود، والصابئة كالنصارى إن لم يكفرهما أهل ملتهما، وإلا فكمن لا كتاب له (ومجوسي) له أمان ديته أخس الديات وهي (ثلثا عشر) دية (مسلم) كما قال به عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم، ففيه عند التغليظ حقتان وجذعتان وخلفتان وثلثا خلفة، وعند التخفيف بعير وثلث من كل سن، والمعنى في ذلك أن في اليهودي والنصراني خمس فضائل، وهي حصول كتاب ودين كان حقا بالاجماع، وتحل مناكحتهم وذبائحهم، ويقرون بالجزية، وليس للمجوسي من هذه الخمسة إلا التقرير بالجزية، فكانت ديته من الخمس من دية اليهودي والنصراني.
تنبيه: قوله: ثلثا عشر أولى منه خمس، لأن في الثلثين تكريرا، وأيضا فهو الموافق لتصويب أهل الحساب لكونه أخصر (وكذا وثني) ونحوه، كعابد شمس وقمر وزنديق، وهو من لا ينتحل دينا ممن له (أمان) كدخوله لنا رسولا، أما من لا أمان له فهدر.
تنبيه: سكت المصنف هنا عن دية المتولد بين كتابي ووثني مثلا. وهي دية الكتابي اعتبارا بالأشرف، سواء أكان أبا أم أما لأن المتولد يتبع أشرف الأبوين دينا، والضمان يغلب فيه جانب التغليظ ويحرم قتل من له أمان لامانه. ودية نساء وخناثى من ذكر على النصف من دية رجالهم. ولو أخر المصنف ذكر المرأة والخنثى إلى هنا لشمل الجميع ويراعى في ذلك التغليظ والتخفيف. والوثن: هو الصنم. وذكر السهيلي: أنه لا يقال وثن إلا لما كان من غير صخرة كنحاس وحديد. (والمذهب) المنصوص. وعبر في الروضة بالأصح (أن من) قتل معصوما. و (لم يبلغه الاسلام) أي دعوة نبينا محمد (ص) (إن يمسك بدين لم يبدل فدية) أهل (دينه) ديته. فإن كان كتابيا فدية كتابي، وإن كان مجوسيا فدية مجوسي. وقيل: دية مسلم لأنه ولد على الفطرة ولم يظهر منه عناد.
ورد بأنه تمسك بدين منسوخ فلم يثبت له حكم الاسلام ولكن ثبت له نوع عصمة، فألحق المستأمن من أهل دينه فإن جهل قدر دية أهل دينه وجب فيه أخس الديات كما قاله ابن الرفعة لأنه المتيقن، وأما من لم يعلم هل بلغته الدعوة أو لا ففي ضمانه وجهان بناء على أن الناس قبل ورود الشرع على أصل الايمان والكفر، والأشبه بالمذهب كما قال شيخنا الضمان خلافا للأذرعي لأن الانسان يولد على الفطرة، وعليه ينبغي أن يجب أخس الديات (وإلا) بأن تمسك بدين بدل. ولم يبلغه ما يخالفه أو لم يبلغه دعوة نبي أصلا. وهذه المسألة ليست في المحرر وهي التي فيها الطرق
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548