الحر أن دية كل منهما في نفس أو جرح (كنصف) دية (رجل) حر ممن هما على دينه (نفسا وجرحا) بضم الجيم.
ولما فرغ من مغلظات الدية شرع في منقصاتها، فمنها الأنوثة لما روى البيهقي خبر دية المرأة نصف دية الرجل وألحق بنفسها جرحها، وبها الخنثى، لأن زيادته عليها مشكوك فيها، ففي قتل المرأة أو الخنثى خطأ عشر بنات مخاض وعشر بنات لبون، وهكذا، وفي قتلها أو قتله عمدا أو شبه عمد خمس عشرة حقة وخمس عشرة جذعة وعشرون خلفة .
تنبيه: اقتصر المصنف بإلحاقه بالأنثى على النفس والجرح، وألحق بهما في المحرر الأطراف، ولعل حذف المصنف لذلك أن الخنثى لا يلتحق بالأنثى في الأطراف مطلقا، فإن في حلمتيها ديتها، وفي حلمتيه أقل الأمرين من دية المرأة والحكومة. وشفريه كذلك بخلافها (ويهودي ونصراني) ومعاهد ومستأمن دية كل منهم إذا كان معصوما تحل مناكحته (ثلث) دية (مسلم) نفسا وغيرها. أما في النفس فروي مرفوعا. قال الشافعي في الام: قضى بذلك عمر وعثمان رضي الله عنهما، ولأنه أقل ما أجمع عليه، وهذا التقدير لا يعقل بلا توقيف، ففي قتله عمدا أو شبه عمد عشر حقاق وعشر جذعات وثلاث عشرة خلفة وثلث، وفي قتله خطأ لم تغلظ ستة وثلثان من كل من بنات المخاض وبنات اللبون وبني اللبون والحقاق والجذاع. وقال أبو حنيفة: دية مسلم. وقال مالك: نصفها. وقال أحمد: إن قتل عمدا فدية مسلم أو خطأ فنصفها. أما غير المعصوم من المرتدين ومن لا أمان له فإنه مقتول بكل حال. وأما من لا تحل مناكحته فهو كالمجوسي. وأما الأطراف والجراح فبالقياس على النفس.
تنبيه: السامرة كاليهود، والصابئة كالنصارى إن لم يكفرهما أهل ملتهما، وإلا فكمن لا كتاب له (ومجوسي) له أمان ديته أخس الديات وهي (ثلثا عشر) دية (مسلم) كما قال به عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم، ففيه عند التغليظ حقتان وجذعتان وخلفتان وثلثا خلفة، وعند التخفيف بعير وثلث من كل سن، والمعنى في ذلك أن في اليهودي والنصراني خمس فضائل، وهي حصول كتاب ودين كان حقا بالاجماع، وتحل مناكحتهم وذبائحهم، ويقرون بالجزية، وليس للمجوسي من هذه الخمسة إلا التقرير بالجزية، فكانت ديته من الخمس من دية اليهودي والنصراني.
تنبيه: قوله: ثلثا عشر أولى منه خمس، لأن في الثلثين تكريرا، وأيضا فهو الموافق لتصويب أهل الحساب لكونه أخصر (وكذا وثني) ونحوه، كعابد شمس وقمر وزنديق، وهو من لا ينتحل دينا ممن له (أمان) كدخوله لنا رسولا، أما من لا أمان له فهدر.
تنبيه: سكت المصنف هنا عن دية المتولد بين كتابي ووثني مثلا. وهي دية الكتابي اعتبارا بالأشرف، سواء أكان أبا أم أما لأن المتولد يتبع أشرف الأبوين دينا، والضمان يغلب فيه جانب التغليظ ويحرم قتل من له أمان لامانه. ودية نساء وخناثى من ذكر على النصف من دية رجالهم. ولو أخر المصنف ذكر المرأة والخنثى إلى هنا لشمل الجميع ويراعى في ذلك التغليظ والتخفيف. والوثن: هو الصنم. وذكر السهيلي: أنه لا يقال وثن إلا لما كان من غير صخرة كنحاس وحديد. (والمذهب) المنصوص. وعبر في الروضة بالأصح (أن من) قتل معصوما. و (لم يبلغه الاسلام) أي دعوة نبينا محمد (ص) (إن يمسك بدين لم يبدل فدية) أهل (دينه) ديته. فإن كان كتابيا فدية كتابي، وإن كان مجوسيا فدية مجوسي. وقيل: دية مسلم لأنه ولد على الفطرة ولم يظهر منه عناد.
ورد بأنه تمسك بدين منسوخ فلم يثبت له حكم الاسلام ولكن ثبت له نوع عصمة، فألحق المستأمن من أهل دينه فإن جهل قدر دية أهل دينه وجب فيه أخس الديات كما قاله ابن الرفعة لأنه المتيقن، وأما من لم يعلم هل بلغته الدعوة أو لا ففي ضمانه وجهان بناء على أن الناس قبل ورود الشرع على أصل الايمان والكفر، والأشبه بالمذهب كما قال شيخنا الضمان خلافا للأذرعي لأن الانسان يولد على الفطرة، وعليه ينبغي أن يجب أخس الديات (وإلا) بأن تمسك بدين بدل. ولم يبلغه ما يخالفه أو لم يبلغه دعوة نبي أصلا. وهذه المسألة ليست في المحرر وهي التي فيها الطرق