وقيل: يضمن لمطلق المخالفة. (وبالعكس) أي أمره بوضعها في الجيب فربطها في الكم، (يضمن) قطعا، لأن الجيب أحرز منه لأنه قد يرسل الكم فتسقط. (ولو أعطاه دراهم بالسوق ولم يبين كيفية الحفظ) فيها (فربطها في كمه) نحو، كعلى تكته كما قاله القاضي حسين، أو على طرف ثوبه، (وأمسكها بيده، أو) لم يربطها بل (جعلها في جيبه) الضيق أو الواسع المزرور، (لم يضمن) لأنه احتاط في الحفظ. أما إذا كان الجيب واسعا غير مزرور فإنه يضمن كما مر لسهولة أخذها منه باليد.
قال الماوردي: وكذا لو كان الجيب مثقوبا ولم يعلم به فسقطت أو حصلت بين ثوبيه ولم يشعر بها فسقطت ضمنها، وفي الكافي في باب الغصب: إذا كان الثقب موجودا عند جعلها فيه ضمن، وإن حدث بعده فلا.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لو اقتصر على الربط من غير إمساك أنه يضمن، قال في الروضة كأصلها: وقياس ما سبق النظر لكيفية الربط وجهة التلف. ولو وضعها في كمه ولم يربطها فسقطت، فإن كانت خفيفة لا يشعر بها ضمن لتفريطه في الاحراز، وإن كانت ثقيلة يشعر بها لم يضمن، قاله الماوردي. هذا إذا لم يكن بفعله، فلو نفض كمه فسقطت ضمن وإن كان سهوا، قاله القاضي. ولو وضعها في كور عمامته ولم يشدها ضمن. وخرج بالسوق ما لو أعطاه دراهم في البيت وقال احفظها فيه فإنه يلزمه الحفظ فيه فورا، فإن أخر بلا مانع ضمن، وإن لم يحفظها فيه وربطها في كمه أو شدها في عضده لا مما يلي أضلاعه وخرج بها أو لم يخرج وأمكن إحرازها في البيت ضمن، لأن البيت أحرز من ذلك، بخلاف ما إذا شدها في عضده مما يلي أضلاعه، لأنه أحرز من البيت. قال الأذرعي: ويجب تقييده بما إذا حصل التلف في زمن الخروج لا من جهة المخالفة، وإلا فيضمن. قال الرافعي: وفي تقييدهم الصورة بما إذا قال احفظها في البيت إشعار بأنه لو لم يقل ذلك جاز له أن يخرج بها مربوطة، ويشبه أن يكون المرجع فيه إلى العادة اه. وهذا هو الظاهر. (وإن أمسكها بيده لم يضمن إن أخذها غاصب ويضمن إن تلفت بغفلة أو نوم) لتقصيره. (وإن) دفع إليه دراهم بالسوق، و (قال احفظها في البيت فليمض إليه) فورا (ويحرزها فيه) عقب وصوله: (فإن أخر بلا عذر ضمن) لتفريطه. قال السبكي: وينبغي أن يرجع فيه إلى العرف، وهو يختلف باختلاف نفاسة الوديعة وطول التأخير وضدهما. وقال الفارقي: إن كان ممن عادته القعود بالسوق إلى وقت معلوم لاشتغاله بتجارة وغيرها فأخرها إلى ذلك الوقت لم يضمن، فإن لم تجر عادته بالقعود ولا له وقت معلوم في المضي إلى البيت فأخرها ضمن، هذا عند الاطلاق، فأما إذا قال أحرزها الآن في البيت فقبل وأخرها ضمن مطلقا اه. قال الأذرعي: وهذا متجه من جهة العرف، لكن المنقول في الشامل وحلية الروياني وغيرهما عن النص من غير مخالفة يرده، فإنهم قالوا: لو قال له وهو في حانوته احملها إلى بيتك لزمه أن يقوم في الحال ويحملها إليه، فلو تركها في حانوته ولم يحملها إلى البيت مع الامكان ضمن اه. وهذا هو المعتمد، ولا نظر إلى عادته لأنه هو الذي ألزم نفسه ذلك، ولذلك قال بعضهم: ثلاثة أحرف شنيعة: ضاد الضمان، وطاء الطلاق، وواو الوديعة، ولو قال:
احفظ هذا في يمينك فجعله في يساره ضمن، وبالعكس لا يضمن، لأن اليمين أحرز، لأنها تستعمل أكثر غالبا.
قال الأذرعي: لكن لو هلك للمخالفة ضمن. وقضية التعليل أنه لو كان أعسر انعكس الحكم، وأنه لو كان يعمل بهما على السواء كانا سواء. (ومنها) أي عوارض الضمان، (أن يضيعها بأن يضعها) بغير إذن مالكها (في غير حرز مثلها) ولو قصد بذلك إخفاءها، لأن الودائع مأمور بحفظها في حرز مثلها. (أو يدل) بضم الدال، (عليها سارقا) بأن يعين له مكانها وتضيع بالسرقة كما في الروضة وأصلها. (أو) يدل عليها (من يصادر المالك) فيها، بأن عين له