شرعي، ولان دخوله في معصية كما حكاه الماوردي عن الأصحاب، بخلاف البيع والكنائس فيلاعن بينهم في مجلس حكمه. وصورة المسألة أن يدخل دارنا بأمان أو هدنة ويترافعون إلينا، وإلا فأمكنة الأصنام مستحقة للهدم أما تغليظ الكافر بالزمان فيعتبر بأشرف الأوقات عندهم كما ذكره الماوردي، وإن كان قضية كلام المصنف أنه كالمسلم، ونقله ابن الرفعة عن البندنيجي وغيره.
تنبيه: سكت المصنف عمن لا ينتحل ملة كالدهري - بفتح الدال كما ضبطه ابن شهبة وبضمها كما ضبطه ابن قاسم - والزنديق الذي لا يتدين بدين، وعابد الوثن، والأصح أنه لا يشرع في حقه تغليظ يلاعن في مجلس الحكم لأنه لا يعظم زمانا ولا مكانا فلا يزجر. قال الشيخان: ويحسن أن يحلف بالله الذي خلقه ورزقه، لأنه وإن علا في كفره وجد نفسه مذعنة لخالق مدبر. ثم شرع في القسم الثاني من التغليظات، فقال: (و) يغلظ بحضور (جمع) من عدول أعيان بلد اللعان وصلحائه، لقوله تعالى: * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) * ولان فيه ردعا عن الكذب. و (أقله أربعة) لثبوت الزنا بهم، فاستحب أن يحضر ذلك العدد إتيانه باللعان. ولا بد من حضور الحاكم، ويكفي السيد في رقيقه ذكرا كان أو أنثى.
تنبيه: سكت المصنف عن التغليظ باللفظ، وسيأتي بيانه في فصل اليمين من كتاب الدعوى. (والتغليظات) بما ذكر من زمان ومكان وجمع، (سنة) في مسلم أو كافر كما هو قضية كلام الجمهور، (لا فرض على المذهب) كتغليظ اليمين بتعدد أسماء الله تعالى، وقيل: إنه فرض للاتباع، وهما قولان في المكان طردا في الزمان والجمع. ومنهم من قطع بالاستحباب فيهما، والأصح القطع به في الجمع دون الزمان. (ويسن للقاضي) ونائبه ومحكم وسيد (وعظهما) أي المتلاعنين بالتخويف من عذاب الله، وقد قال رسول الله (ص) لهلال: اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويقرأ عليهما: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية، ويقول لهما: قال رسول الله (ص) للمتلاعنين: حسابكما على الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب. (و) بعد الفراغ من الكلمات الأربع، (يبالغ) القاضي ومن في حكمه في وعظهما ندبا (عند الخامسة) من لعانهما قبل شروعهما فيها، فيقول للزوج: اتق الله في قولك علي لعنة الله فإنها موجبة للعن إن كنت كاذبا، وللزوجة: اتقي في قولك غضب الله علي فإنها موجبة للغضب إن كنت كاذبة لعلهما ينزجران ويتركان. ويأمر رجلا أن يضع يده على فيه وامرأة أن تضع يدها على فيها للامر به في خبر أبي داود. ويأتي الذي يضع يده من ورائه كما صرح به الإمام والغزالي، فإن أبيا إلا إتمام اللعان تركهما على حالهما ولقنهما الخامسة. (و) يسن لهما (أن يتلاعنا قائمين) ليراهما الناس ويشتهر أمرهما، فيقوم الرجل عند لعانه والمرأة جالسة، ثم تقوم عند لعانها ويقعد الرجل، فقوله: قائمين حال من مجموعهما لا من كل واحد منهما، ولو قال: عن قيام كان أوضح. وإذا كان أحدهما لا يقدر على القيام لاعن قاعدا أو مضطجعا إن لم يقدر على الجلوس كما في الام. (و) التلاعن (شرطه زوج) فلا يصح لعان أجنبي ولا سيد أمة وأم ولد، لأن الله تعالى لم يجعل لغير الزوج مخرجا من القذف إلا البينة، فقال تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) * إلى قوله تعالى:
* (فاجلدوهم) * فأوجب سبحانه وتعالى الحد إن لم يأت بالبينة وذلك يشمل الزوج وغيره. ثم خص الزوج بدفع الحد باللعان بقوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم) * الآية، فبقي غيره على الأصل. والفرق بينهما احتياج الزوج للقذف لافسادها فراشه بخلاف غيره. فإن قيل: يصح لعان غير الزوج في صورتين: البائن لنفي الولد، ولاسقاط الحد بالقذف في النكاح كما سيأتي، والموطوءة بنكاح فاسد أو شبهة كأن ظنها زوجته أو أمته ثم قذفها ولاعن لنفي السبب.
أجيب بأن المراد بالزوج من له علقة النكاح كما قاله المصنف في التنقيح. وقوله: (يصح طلاقه) بأن يكون بالغا عاقلا مختارا صادق بالحر والعبد والمسلم والذمي والرشيد والسفيه والسكران والمحدود والمطلق رجعيا وغيرهم، فلا يصح من صبي