مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٧٨
شرعي، ولان دخوله في معصية كما حكاه الماوردي عن الأصحاب، بخلاف البيع والكنائس فيلاعن بينهم في مجلس حكمه. وصورة المسألة أن يدخل دارنا بأمان أو هدنة ويترافعون إلينا، وإلا فأمكنة الأصنام مستحقة للهدم أما تغليظ الكافر بالزمان فيعتبر بأشرف الأوقات عندهم كما ذكره الماوردي، وإن كان قضية كلام المصنف أنه كالمسلم، ونقله ابن الرفعة عن البندنيجي وغيره.
تنبيه: سكت المصنف عمن لا ينتحل ملة كالدهري - بفتح الدال كما ضبطه ابن شهبة وبضمها كما ضبطه ابن قاسم - والزنديق الذي لا يتدين بدين، وعابد الوثن، والأصح أنه لا يشرع في حقه تغليظ يلاعن في مجلس الحكم لأنه لا يعظم زمانا ولا مكانا فلا يزجر. قال الشيخان: ويحسن أن يحلف بالله الذي خلقه ورزقه، لأنه وإن علا في كفره وجد نفسه مذعنة لخالق مدبر. ثم شرع في القسم الثاني من التغليظات، فقال: (و) يغلظ بحضور (جمع) من عدول أعيان بلد اللعان وصلحائه، لقوله تعالى: * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) * ولان فيه ردعا عن الكذب. و (أقله أربعة) لثبوت الزنا بهم، فاستحب أن يحضر ذلك العدد إتيانه باللعان. ولا بد من حضور الحاكم، ويكفي السيد في رقيقه ذكرا كان أو أنثى.
تنبيه: سكت المصنف عن التغليظ باللفظ، وسيأتي بيانه في فصل اليمين من كتاب الدعوى. (والتغليظات) بما ذكر من زمان ومكان وجمع، (سنة) في مسلم أو كافر كما هو قضية كلام الجمهور، (لا فرض على المذهب) كتغليظ اليمين بتعدد أسماء الله تعالى، وقيل: إنه فرض للاتباع، وهما قولان في المكان طردا في الزمان والجمع. ومنهم من قطع بالاستحباب فيهما، والأصح القطع به في الجمع دون الزمان. (ويسن للقاضي) ونائبه ومحكم وسيد (وعظهما) أي المتلاعنين بالتخويف من عذاب الله، وقد قال رسول الله (ص) لهلال: اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويقرأ عليهما: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية، ويقول لهما: قال رسول الله (ص) للمتلاعنين: حسابكما على الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب. (و) بعد الفراغ من الكلمات الأربع، (يبالغ) القاضي ومن في حكمه في وعظهما ندبا (عند الخامسة) من لعانهما قبل شروعهما فيها، فيقول للزوج: اتق الله في قولك علي لعنة الله فإنها موجبة للعن إن كنت كاذبا، وللزوجة: اتقي في قولك غضب الله علي فإنها موجبة للغضب إن كنت كاذبة لعلهما ينزجران ويتركان. ويأمر رجلا أن يضع يده على فيه وامرأة أن تضع يدها على فيها للامر به في خبر أبي داود. ويأتي الذي يضع يده من ورائه كما صرح به الإمام والغزالي، فإن أبيا إلا إتمام اللعان تركهما على حالهما ولقنهما الخامسة. (و) يسن لهما (أن يتلاعنا قائمين) ليراهما الناس ويشتهر أمرهما، فيقوم الرجل عند لعانه والمرأة جالسة، ثم تقوم عند لعانها ويقعد الرجل، فقوله: قائمين حال من مجموعهما لا من كل واحد منهما، ولو قال: عن قيام كان أوضح. وإذا كان أحدهما لا يقدر على القيام لاعن قاعدا أو مضطجعا إن لم يقدر على الجلوس كما في الام. (و) التلاعن (شرطه زوج) فلا يصح لعان أجنبي ولا سيد أمة وأم ولد، لأن الله تعالى لم يجعل لغير الزوج مخرجا من القذف إلا البينة، فقال تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) * إلى قوله تعالى:
* (فاجلدوهم) * فأوجب سبحانه وتعالى الحد إن لم يأت بالبينة وذلك يشمل الزوج وغيره. ثم خص الزوج بدفع الحد باللعان بقوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم) * الآية، فبقي غيره على الأصل. والفرق بينهما احتياج الزوج للقذف لافسادها فراشه بخلاف غيره. فإن قيل: يصح لعان غير الزوج في صورتين: البائن لنفي الولد، ولاسقاط الحد بالقذف في النكاح كما سيأتي، والموطوءة بنكاح فاسد أو شبهة كأن ظنها زوجته أو أمته ثم قذفها ولاعن لنفي السبب.
أجيب بأن المراد بالزوج من له علقة النكاح كما قاله المصنف في التنقيح. وقوله: (يصح طلاقه) بأن يكون بالغا عاقلا مختارا صادق بالحر والعبد والمسلم والذمي والرشيد والسفيه والسكران والمحدود والمطلق رجعيا وغيرهم، فلا يصح من صبي
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460