ومجنون، ولا يقتضي قذفها لعانا بعد كمالها ويعزر المميز منهما على القذف تأديبا.
تنبيه: المراد يصح طلاقه في الجملة لئلا يرد ما لو قال لزوجته: إذا وقع عليك طلاق فأنت طالق قبله ثلاثا، وفرعنا على انسداد باب الطلاق فإنه زوج لا يصح طلاقه، ومع ذلك يصح لعانه. (ولو ارتد) زوج (بعد وطئ) منه لزوجته أو استدخالها منيه، (فقذف) - ها (وأسلم في العدة لا عن) لدوام النكاح. (ولو لاعن) حال الردة (ثم أسلم فيها) أي العدة، (صح) لعانه لتبين وقوعه في صلب النكاح، وكفره لا يمنع صحته كالذمي. (أو أصر) على ردته إلى انقضاء العدة، (صادف) لعانه (بينونة) لتبين انقطاع الزوجية بالردة، فإن كان هناك ولد ونفاه باللعان صح كما لو أبانها ثم قذفها بزنا مضاف إلى حال النكاح وهناك ولد، وإلا تبينا فساده، ولا يندفع بذلك حد القذف في الأصح. هذا إن قذف في حال الردة، فإن كان قذفها في حال الاسلام صح اللعان كما لو قذف في حال الزوجية ثم أبانها فإن له الملاعنة.
فروع: لو امتنع أحد الزوجين من اللعان ثم طلبه مكن منه. ولو قذف أربع نسوة بأربع كلمات لاعن لهن أربع مرات لأنه يمين لجماعة لا يتداخل، ويكون اللعان على ترتيب قذفهن، فلو أتى بلعان واحد لم يعتد به إلا في حق من سماها أولا، فإن لم يسم بل أشار إليهن لم يعتد به عن واحدة منهن وإن رضين بلعان واحد كما لو رضي المدعون بيمين واحدة، وإن كان قذفهن بكلمة واحدة لاعن لهن أربع مرات أيضا لأنه يجب لكل واحدة حد على الجديد. ثم إن رضين بتقديم واحدة فذاك ظاهر، وإن تشاحن في البداءة أقرع بينهن، إذ لا مزية لواحدة على الأخرى. فإن بدأ الحاكم بلعان واحدة من غير قرعة جاز لأن الباقيات يصلن إلى حقهن من غير نقصان، وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: رجوت أن لا يأثم. وحملوه على ما إذا لم يقصد تفضيل بعضهن. ولا يتكرر الحد بتكرر القذف ولو صرح فيه بزنا آخر لاتحاد المقذوف. والحد الواحد يظهر الكذب ويدفع العار فلا يقع في النفوس تصديقه، ويكفي الزوج في ذلك لعان واحد يذكر فيه الزانيات كلها، وكذا الزناة إن سماهم في القذف بأن يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به هذه من الزنا بفلان وفلانة ويسقط الحد عنه بذلك. فإن لم يذكرهم في لعانه لم يسقط عنه حد قذفهم، لكن له أن يعيد اللعان ويذكرهم، لا إسقاطه عنه. وإن لم يلاعن ولا بينة وحد لقذفها بطلبها فطالبه الرجل المقذوف به بالحد وقلنا بالأصح أنه يجب عليه حدان، فله اللعان وتأبدت حرمة الزوجية باللعان لأجل الرجل فقط.
ولو ابتدأ الرجل فطالبه بحد قذفه كان له اللعان لاسقاط الحد في أحد وجهين يظهر ترجيحه، بناء على أن حقه يثبت أصلا لا تبعا لها كما هو ظاهر كلامهم، وإن عفا أحدهما فللآخر المطالبة بحقه. ولو قذف امرأته أو أجنبية عند الحاكم بزيد، فعلى الحاكم إعلام زيد بذلك ليطالب بحقه إن شاء، بخلاف ما إذا أقر له عنده بمال لا يلزمه إعلامه، لأن استيفاء الحد يتعلق به فيعلمه ليستوفي إن شاء بخلاف المال. ومن قذف شخصا فحد ثم قذفه ثانيا عزر لظهور كذبه بالحد الأول.
ومن ذلك يؤخذ ما قاله الزركشي أنه لو قذفه فنفا عنه ثم قذفه ثانيا أنه يعزر كما مرت الإشارة إليه، لأن العفو بمثابة استيفاء الحد، والزوجة كغيرها في ذلك إن وقع القذفان في حال الزوجية. فإن قذف أجنبية ثم تزوجها ثم قذفها بالزنا الأول حد حدا واحدا ولا لعان لأنه قذفها بالأول وهي أجنبية، فإن قذفها بغيره تعدد الحد لاختلاف موجب القذفين لأن الثاني يسقط باللعان بخلاف الأول. وإن أقام بأحد الزناءين بينة سقط الحدان لأنه ثبت أنها غير محصنة، فإن لم يقمها وبدأت بطلب حد قذف الزنا الأول حد له ثم للثاني إن لم يلاعن وإلا سقط عنه حده. وإن بدأت بالثاني فلاعن لم يسقط الحد الأول وسقط الثاني إن لم يلاعن حد للقذف الثاني ثم للأول بعد طلبها بحده، وإن طالبته بالحدين معا فكابتدائها بالأول. ولو قذف زوجته ثم أبانها بلعان ثم قذفها بزنا آخر، فإن حد للأول قبل القذف عزر للثاني، كما لو قذف أجنبية فحد ثم قذفها ثانية. هذا إذا لم يضف الزنا إلى حال البينونة لئلا يشكل بما مر فيما لو قذف أجنبية ثم تزوجها ثم قذفها بزنا آخر من أن الحد يتعدد، فإن لم تطلب حد القذف الأول حتى قذفها. فإن لاعن للأول عزر للثاني للايذاء، وإن لم يلاعن حد حدين