مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٧٩
ومجنون، ولا يقتضي قذفها لعانا بعد كمالها ويعزر المميز منهما على القذف تأديبا.
تنبيه: المراد يصح طلاقه في الجملة لئلا يرد ما لو قال لزوجته: إذا وقع عليك طلاق فأنت طالق قبله ثلاثا، وفرعنا على انسداد باب الطلاق فإنه زوج لا يصح طلاقه، ومع ذلك يصح لعانه. (ولو ارتد) زوج (بعد وطئ) منه لزوجته أو استدخالها منيه، (فقذف‍) - ها (وأسلم في العدة لا عن) لدوام النكاح. (ولو لاعن) حال الردة (ثم أسلم فيها) أي العدة، (صح) لعانه لتبين وقوعه في صلب النكاح، وكفره لا يمنع صحته كالذمي. (أو أصر) على ردته إلى انقضاء العدة، (صادف) لعانه (بينونة) لتبين انقطاع الزوجية بالردة، فإن كان هناك ولد ونفاه باللعان صح كما لو أبانها ثم قذفها بزنا مضاف إلى حال النكاح وهناك ولد، وإلا تبينا فساده، ولا يندفع بذلك حد القذف في الأصح. هذا إن قذف في حال الردة، فإن كان قذفها في حال الاسلام صح اللعان كما لو قذف في حال الزوجية ثم أبانها فإن له الملاعنة.
فروع: لو امتنع أحد الزوجين من اللعان ثم طلبه مكن منه. ولو قذف أربع نسوة بأربع كلمات لاعن لهن أربع مرات لأنه يمين لجماعة لا يتداخل، ويكون اللعان على ترتيب قذفهن، فلو أتى بلعان واحد لم يعتد به إلا في حق من سماها أولا، فإن لم يسم بل أشار إليهن لم يعتد به عن واحدة منهن وإن رضين بلعان واحد كما لو رضي المدعون بيمين واحدة، وإن كان قذفهن بكلمة واحدة لاعن لهن أربع مرات أيضا لأنه يجب لكل واحدة حد على الجديد. ثم إن رضين بتقديم واحدة فذاك ظاهر، وإن تشاحن في البداءة أقرع بينهن، إذ لا مزية لواحدة على الأخرى. فإن بدأ الحاكم بلعان واحدة من غير قرعة جاز لأن الباقيات يصلن إلى حقهن من غير نقصان، وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: رجوت أن لا يأثم. وحملوه على ما إذا لم يقصد تفضيل بعضهن. ولا يتكرر الحد بتكرر القذف ولو صرح فيه بزنا آخر لاتحاد المقذوف. والحد الواحد يظهر الكذب ويدفع العار فلا يقع في النفوس تصديقه، ويكفي الزوج في ذلك لعان واحد يذكر فيه الزانيات كلها، وكذا الزناة إن سماهم في القذف بأن يقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به هذه من الزنا بفلان وفلانة ويسقط الحد عنه بذلك. فإن لم يذكرهم في لعانه لم يسقط عنه حد قذفهم، لكن له أن يعيد اللعان ويذكرهم، لا إسقاطه عنه. وإن لم يلاعن ولا بينة وحد لقذفها بطلبها فطالبه الرجل المقذوف به بالحد وقلنا بالأصح أنه يجب عليه حدان، فله اللعان وتأبدت حرمة الزوجية باللعان لأجل الرجل فقط.
ولو ابتدأ الرجل فطالبه بحد قذفه كان له اللعان لاسقاط الحد في أحد وجهين يظهر ترجيحه، بناء على أن حقه يثبت أصلا لا تبعا لها كما هو ظاهر كلامهم، وإن عفا أحدهما فللآخر المطالبة بحقه. ولو قذف امرأته أو أجنبية عند الحاكم بزيد، فعلى الحاكم إعلام زيد بذلك ليطالب بحقه إن شاء، بخلاف ما إذا أقر له عنده بمال لا يلزمه إعلامه، لأن استيفاء الحد يتعلق به فيعلمه ليستوفي إن شاء بخلاف المال. ومن قذف شخصا فحد ثم قذفه ثانيا عزر لظهور كذبه بالحد الأول.
ومن ذلك يؤخذ ما قاله الزركشي أنه لو قذفه فنفا عنه ثم قذفه ثانيا أنه يعزر كما مرت الإشارة إليه، لأن العفو بمثابة استيفاء الحد، والزوجة كغيرها في ذلك إن وقع القذفان في حال الزوجية. فإن قذف أجنبية ثم تزوجها ثم قذفها بالزنا الأول حد حدا واحدا ولا لعان لأنه قذفها بالأول وهي أجنبية، فإن قذفها بغيره تعدد الحد لاختلاف موجب القذفين لأن الثاني يسقط باللعان بخلاف الأول. وإن أقام بأحد الزناءين بينة سقط الحدان لأنه ثبت أنها غير محصنة، فإن لم يقمها وبدأت بطلب حد قذف الزنا الأول حد له ثم للثاني إن لم يلاعن وإلا سقط عنه حده. وإن بدأت بالثاني فلاعن لم يسقط الحد الأول وسقط الثاني إن لم يلاعن حد للقذف الثاني ثم للأول بعد طلبها بحده، وإن طالبته بالحدين معا فكابتدائها بالأول. ولو قذف زوجته ثم أبانها بلعان ثم قذفها بزنا آخر، فإن حد للأول قبل القذف عزر للثاني، كما لو قذف أجنبية فحد ثم قذفها ثانية. هذا إذا لم يضف الزنا إلى حال البينونة لئلا يشكل بما مر فيما لو قذف أجنبية ثم تزوجها ثم قذفها بزنا آخر من أن الحد يتعدد، فإن لم تطلب حد القذف الأول حتى قذفها. فإن لاعن للأول عزر للثاني للايذاء، وإن لم يلاعن حد حدين
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460