مع الشرائط المعتبرة. وأما اللعان فله تأخيره. (ويعذر) الملاعن في تأخير النفي على قول الفور (لعذر) كأن بلغه الخبر ليلا فأخر حتى يصبح، أو كان جائعا فأكل أو عاريا فلبس. فإن كان محبوسا أو مريضا أو خائفا ضياع مال أرسل إلى القاضي ليبعث إليه نائبا يلاعن عنده أو ليعلمه أنه مقيم على النفي، فإن لم يفعل بطل حقه، فإن تعذر عليه الارسال أشهد إن أمكنه، فإن لم يشهد مع تمكنه منه بطل حقه. وللغائب النفي عند القاضي إن وجده في موضعه وله مع وجوده التأخير إلى الرجوع إن بادر إليه بحسب الامكان مع الاشهاد، وإلا فلا على الأصح في الشرح الصغير. أما إذا لم يكن عذر فإن حقه يبطل من النفي في الأصح ويلحقه الولد. (وله نفي حمل) لما في الصحيحين: أن هلال بن أمية لاعن عن الحمل (و) له أيضا (انتظار وضعه) ليلاعن على يقين، فإن المتوهم حملا قد يكون ريحا فينفش بخلاف انتظار وضعه لرجاء موته، كأن قال: علمته ولدا وأخرت رجاء وضعه لينزل ميتا فأكفى اللعان، فإن حقه يبطل من المنفي لتفريطه مع علمه. (ومن أخر) نفي نسب ولد، (وقال: جهلت الولادة، صدق بيمينه إن كان غائبا) ولم يستفض وينتشر، لأن الظاهر يوافقه. فإن استفاض وانتشر لم يصدق كما حكياه عن الشاشي وأقراه. (وكذا الحاضر في مدة يمكن جهله) بالولادة (فيها) كأن كانا في محلتين وأمكن الخفاء عليه، لاحتمال صدقه، بخلاف ما لا يمكن كأن كانا في دار واحدة ومضت مدة يبعد الخفاء فيها فإنه لا يقبل كما جزم به الرافعي وغيره لأنه خلاف الظاهر. (ولو) قال: لم أصدق من أخبرني بالولادة، وقد أخبره من لا تقبل روايته كصبي وفاسق، صدق بيمينه، أو مقبول الرواية ولو رقيقا، أو امرأة لم يقبل منه. ولو (قيل له) تهنئة بولد: (متعت بولدك أو جعله الله لك ولدا صالحا، فقال) مجيبا للقائل:
(آمين أو نعم) أو نحو ذلك مما يتضمن إقرارا، كاستجاب الله دعاءك، (تعذر) عليه (نفيه) ولحقه الولد، لأن ذلك يتضمن الرضا به نعم إن عرف له ولد آخر وادعى حمل التهنئة والتأمين أو نحوه عليه فله نفيه، إلا إن كان أشار إليه فقال: نفعك الله بهذا الولد فقال: آمين أو نحوه فليس له نفيه لما مر. (و) إن أجاب بما لا يتضمن الاقرار، كأن (قال) للقائل: (جزاك الله خيرا، وبارك) الله (عليك، فلا) يتعذر نفيه. لأن الظاهر أنه قصد مكافأة الدعاء بالدعاء.
فإن قيل: قد مر أن وجوب النفي على الفور وقد زال بذلك. أجيب بأن ذلك وجد في توجهه للقاضي، أو قاله في حالة يعذر فيها بالتأخير لنحو ليل.
تنبيه: سكت المصنف عن حالة ثالثة، وهي التصريح بما يشعر بإنكار الولد كأعوذ بالله ونحوه، لظهوره في نفي الولد.
تتمة: لو قال بعد علمه بالولد: لم أعلم جواز اللعان أو فوريته وهو عامي وإن لم يكن قريب العهد بالاسلام، أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء، صدق كنظيره من خيار المتعة، بخلاف ما إذا كان فقيها. (وله) أي الزوج (اللعان مع إمكان بينة بزناها) لأن كلا منهما حجة. فإن قيل: ظاهر القرآن يدل على أن تعذر البينة شرط، لقوله تعالى: * (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) * أجيب بأن الاجماع صد عنه، أو أن الآية مؤولة بأن لم يرغب في إقامة البينة فليأت باللعان، لقوله تعالى: * (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * (و) يجوز (لها) اللعان في مقابلة لعان زوجها، (لدفع حد الزنا) المتوجه عليها بلعانه، لقوله تعالى: * (ويدرأ عنها العذاب) * الآية، ولا يتعلق بلعانها غير ذلك.
تنبيه: قضية قوله: لها أنه لا يلزمها ذلك، لكن صرح ابن عبد السلام في قواعده بوجوبه عليها إذا كانت صادقة في نفس الامر، فقال: إذا لاعن الزوج امرأته كاذبا فلا يحل لها النكول على اللعان كي لا يكون عونا على جلدها أو رجمها. وفضيحة أهلها. وصوبه الأذرعي والزركشي وغيرهما، وهو ظاهر. فإن أثبت الزوج زناها بالبينة امتنع لعانها،