تنبيه: قوله: ولو بدل لفظ شهادة بحلف قال ابن النقيب: عبارة مقلوبة، وصوابه: حلف بشهادة لأن الباء تدخل على المتروك، وأما قوله: أو غضب بلعن وعكسه فقريب، فإنهما مسألتان في كل مأخوذ ومتروك اه. وقد مر جواب ذلك في صفة الصلاة، وقوله: وعكسه مزيد على المحرر كما قاله في الدقائق. (ويشترط فيه) أي اللعان الموالاة بين الكلمات الخمس في الجانبين فيضر الفصل الطويل، و (أمر القاضي) به أو نائبه كاليمين في سائر الخصومات ، لأن المغلب على اللعان حكم اليمين كما مر، وإن غلب فيه معنى الشهادة فهي لا تؤدي إلا عنده. (ويلقن كلماته) في الجانبين، فيقول له:
قل كذا وكذا، ولها: قولي كذا وكذا، والمحكم حيث لا ولد كالحاكم، ويصح أن يقرأ أو يلقن، بالبناء للمفعول، فيشمل المحكم، لكن يحتاج إلى زيادة حيث لا ولد. وأما إذا كان هناك ولد فلا يصح التحكيم إلا أن يكون مكلفا ويرضى بحكمه، لأن له حقا في النسب، فلا يؤثر رضاهما في حقه. والسيد في اللعان بين أمته وعبده إذا زوجها منه كالحاكم لا المحكم كما قاله العراقيون وغيرهم، لأن له أن يتولى لعان رقيقه.
تنبيه: عطفه التلقين على الامر يقتضي أنهما متغايران، وليس مرادا، بل الامر هو التلقين، ولهذا اقتصر في الروضة على الامر. ويحتمل التغاير بأن يكون المراد بالامر قول القاضي: قل، وبالتلقين: أشهد الخ. (و) يشترط فيه أيضا تمام الكلمات الخمس، (وأن يتأخر لعانها عن لعانه) لأن لعانها لاسقاط الحد. وإنما يجب عليها الحد بلعانه فلا حاجة إلى لعانها قبله، فلو حكم حاكم بالفرقة قبل تمام الخمس أو بابتداء لعانها نقض.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يشترط الموالاة بين لعانه ولعانها، وهو كذلك كما صرح به الدارمي، فقال: إنه يجوز أن يلاعن في يوم وهو في يوم آخر. (و) يقذف و (يلاعن أخرس) خلقة (بإشارة مفهمة أو كتابة) بمثناة فوقية قبل الألف بخطه، لأنهما في حقه كالنطق من الناطق، وليس كالشهادة منه لضرورته إليه دونها، لأن الناطقين يقومون بها ولان المغلب في اللعان معنى اليمين كما مر. فإن لم يكن واحد منهما لم يصح قذفه ولا لعانه، ولا شئ من تصرفاته لبعد الوقوف على ما يريده. أما إذا عرض له الخرس، فإن رجي نطقه في مدة ثلاثة أيام انتظر نطقه فيها، فإن لم يرج نطقه أو رجي في أكثر من ثلاثة أيام فهو كالخرس الخلقي.
تنبيه: أفهم كلامه الاكتفاء بأحدهما، وهو ما نقلاه عن مفهوم كلام الأكثرين وتصريح الشامل، فإذا لاعن بالإشارة أشار بكلمة الشهادة أربع مرات ثم بكلمة اللعن، وإن لاعن بالكتابة كتب كلمة الشهادة أربع مرات ثم كلمة اللعن، ولكن لو كتب كلمة الشهادة مرة وأشار إليها أربعا جاز. قال الرافعي: وهذا جمع بين الإشارة والكتابة، وهو جائز. وقضية إطلاق المصنف أنه لا فرق بين الرجل والمرأة، وهو كذلك كما صرح به في الشامل والتتمة وغيرهما وإن كان النص على خلافه. ولو نطق لسان الأخرس من بعد قذفه ولعانه بالإشارة، ثم قال: لم أرد القذف بإشارتي لم يقبل منه، لأن إشارته أثبتت حقا لغيره. أو قال: لم أرد اللعان بها قبل منه فيما عليه لا فيما له، فيلزمه الحد والنسب، ولا ترتفع الفرقة والحرمة المؤبدة، ويلاعن إن شاء لاسقاط الحد ولنفي الولد إن لم يفت. (ويصح) اللعان مع معرفة العربية (بالعجمية) وهي ما عدا العربية، لأن اللعان يمين أو شهادة، وهما باللغات سواء. فيراعي الأعجمي الملاعن ترجمة الشهادة واللعن والغضب، ثم إن أحسن القاضي العجمية استحب أن يحضر أربعة ممن يحسبها وإلا فلا بد من مترجم، ويكفي اثنان، وقيل: يشترط من جانب الزوج أربعة. (وفيمن عرف العربية وجه) أنه لا يصح لعانه بغيرها، لأنها التي ورد الشرع بها فليس له العدول عنها مع قدرته عليها. ثم شرع في تغليظ اللعان، وهو إما بزمان أو مكان، وقد شرع في القسم الأول فقال: (ويغلظ) لعان مسلم (بزمان، وهو بعد) صلاة (عصر) كل يوم كان إن كان طلبه حثيثا، لأن اليمين الفاجرة بعد العصر أغلظ عقوبة، لخبر الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وعد منهم رجلا حلف يمينا كاذبة بعد العصر يقتطع بها