تنبيه: قوله: لزوجته قد يوهم أنه لا يكون كناية في الأجنبية، وليس مرادا، فلا فائدة للتقييد بالزوجة وقوله: لم أجدك عذراء، ينبغي كما قال الزركشي تصويره فيمن لم يعلم لها تقدم افتضاض مباح، فإن علم فليس بشئ قطعا.
تنبيه: اختلف في قول الشخص لغيره: يا لوطي، فقيل: هو كناية، قال المصنف في الروضة: وهو المعروف في المذهب، وصوبه في تصحيحه، لاحتمال أنه يريد أنه على دين قوم لوط، لكنه قال في الروضة ما مر: قد غلب استعماله في العرف بإرادة الوطئ في الدبر، بل لا يفهم منه إلا هذا، فينبغي أن يقطع بأنه صريح، وإلا فيخرج على الخلاف فيما إذا شاع لفظ في العرف، كقوله: الحلال علي حرام. وأما احتمال كونه أراد أنه على دين قوم لوط فلا يفهمه العوام، فالصواب الجزم بأنه صريح، وبه جزم صاحب التنبيه اه. قال الأذرعي: والصواب أنه كناية كما قاله الأئمة اه. وهذا هو المعتمد. وقال ابن الرفعة: إن نسخ التنبيه مختلفة، ففي بعضها: يا لائط، قال: والظاهر أن لائط هي الصحيحة. قال ابن القطان: ولو قال له: يا بغي، أو لها: يا قحبة فهو كناية. قال شيخنا: ومقتضى ما مر أواخر الطلاق أن قوله: يا قحبة صريح اه. وهذا أظهر، وبه أفتى ابن عبد السلام، وأفتى أيضا بصراحة: يا مخنث، للعرف، والظاهر أن هذا كناية. (فإن أنكر) شخص في الكناية (إرادة قذف) بها، (صدق بيمينه) لأنه أعرف بمراده فيحلف أنه ما أراد قذفه، قاله الماوردي. ثم عليه التعزير للايذاء، نص عليه الشافعي، وجرى عليه الجمهور، وقيده الماوردي بما إذا خرج لفظه مخرج السب والذم وإلا فلا تعزير، وهو ظاهر. وإذا عرضت عليه اليمين فليس له الحلف كاذبا دفعا للحد وتحرزا من إتمام الايذاء، بل يلزمه الاعتراف بالقذف ليحد أو يعفى عنه كالقاتل لغيره خفية، لأن الخروج من مظالم العباد واجب. قال الأذرعي: لكن لو كان صادقا في قذفه يعلم زناه يقينا فهل يكون عذرا في التورية عند تحليف الحاكم له ليدرأ الحد عن نفسه وتجوز التورية أو لا؟ الأقرب عندي جوازه، ولما فيه من دفع المعرة عن المقول له، بل يقرب إيجاب ذلك إذا علم أنه يحد بذلك، وتبطل عدالته وروايته وما تحمله من الشهادات ونحو ذلك اه.
وهذا ظاهر. وصيغة الحلف أن يحلف أنه ما أراد قذفه كما صرح به الماوردي، قال: ولا يحلف أنه ما قذفه. وهل وجب الحد بمجرد اللفظ مع النية أو لا يجب حتى يعترف أنه أراد بالكناية بالقذف؟ تردد فيه الإمام، والظاهر كما قاله بعض المتأخرين الأول. (وقوله) لغيره في خصومة أو غيرها، (يا ابن الحلال، وأما أنا فلست بزان ونحوه) كليست أمي بزانية ولست ابن خباز أو إسكافي، وما أحسن اسمك في الجيران، (تعريض) بغيره، و (ليس بقذف) له صريح ولا كناية، (وإن طواه) في الأصح، لأن النية إنما تؤثر إذا احتمل اللفظ المنوي، وههنا ليس في اللفظ إشعار به، وإنما يفهم بقرائن الأحوال، فلا تؤثر فيه، كمن حلف لا يشرب ماء من عطش ونوى أن لا يتقلد منه فإنه إن شربه من غير عطش لم يحنث. فاللفظ الذي يقصد به القذف إن لم يحتمل غيره فصريح، وإلا فإن فهم منه القذف بوضعه فكناية وإلا فتعريض. وليس الرمي بإتيان البهائم قذفا والنسبة إلى غير الزنا من الكبائر وغيرها مما فيه إيذاء، كقوله لها:
زنيت بفلانة أو أصابتك فلانة يقتضي التعزير للايذاء لا الحد لعدم ثبوته. (وقوله) لامرأة أجنبية: علوت رجلا حتى دخل ذكره في فرجك صريح. وقوله لغيره: (زنيت بك) بفتح الكاف أو كسرها، (إقرار بزنا) على نفسه (وقذف) للمخاطب أما كونه إقرارا فلقوله: زنيت، وأما كونه قذفا فلقوله: بك رأى الإمام أنه ليس بصريح في القذف لاحتمال كون المخاطب مكرها أو نائما. قال الرافعي: ويؤيده أنه لو قال: زنيت مع فلان كان قذفا لها دونه. قال الزركشي: ولا يظهر بينهما فرق اه. وفرق في الوسيط بأن إطلاق هذا اللفظ يحصل به الايذاء التام لتبادر الفهم منه إلى صدوره عن طواعية وإن احتمل غيره، ولهذا يحد بالنسبة إلى الزنا مع احتمال إرادة زنا العين والرجل. (ولو قال لزوجته: يا زانية) بنت الزانية، وجب حدان لها ولامها. فإن طلبتا الحد بدئ