بحد الام لوجوبه بالاجماع، وحد الزوجة مختلف فيه، والزوج ممكن من إسقاطه باللعان، بخلاف حد الام، ويمهل للثاني إلى البرء. ولو قال لها: يا زانية، (فقالت) له جوابا: (زنيت بك أو أنت أزنى مني فقاذف) لها فيحد لاتيانه بلفظ القذف الصريح. (وكانية) في قذفه فتصدق في إرادة عدم قذفه بيمينها، لأن قولها الأول يحتمل نفي الزنا، أي لم أفعل كما لم تفعل، وهذا مستعمل عرفا كقولك لمن قال تغديت تغديت معك، وقولها الثاني يحتمل إرادة ما وطئني غيرك، فإن كنت زانية فأنت أزنى مني، لأني ممكنة وأنت فاعل.
تنبيه: قضية كلامه أنها ليست مقرة بالزنا لأنه لم يتعرض لذلك إلا في الصورة الآتية، قال البلقيني: وهو المنصوص في الام والمختصر واتفق عليه الأصحاب اه. وهذا ظاهر في قولها الثاني، وأما الأول فهي مقرة بالزنا كما صرح به بعض المتأخرين، وهو ظاهر، لأن قولها إقرار صريح بالزنا. وكانية اسم فاعل من كنيت ويجوز كانونة من كنوت عن كذا إذا لم تصرح به. (فلو قالت) في جواب الزوج في المثال المتقدم: (زنيت وأنت أزنى مني، فمقرة) على نفسها بالزنا بقولها زنيت، (وقاذفة) لزوجها باللفظ الآخر صريحا فتحد للقذف والزنا. ويبدأ بحد القذف لأنه حق آدمي، فإن رجعت سقط حد الزنا لما سيأتي في بابه دون حد القذف لأنه حق آدمي. ولو قالت لزوجها ابتداء: أنت أزنى من فلان كان كناية، إلا أن يكون قد ثبت زناه وعلمت بثبوته فيكون صريحا فتكون قاذفة، لا إن جهلت فيكون كناية فتصدق بيمينها في جهلها، فإذا حلفت عزرت ولم تحد. ولو قالت له ابتداء: أنت أزنى مني فهو كهذه الصورة وإن ذكر فيها في أصل الروضة وجهين بلا ترجيح. ولو قالت له: يا زاني فقال: زنيت بك، أو أنت أزنى مني فقاذفة له صريحا وهو كان على وزان ما مر الخ. فلو قال في جوابها: زنيت وأنت أزنى فهو مقر بالزنا وقاذف لها على وزان ما مر أيضا.
وقوله لأجنبية: يا زانية فقالت: زنيت بك أو أنت أزنى مني فهو قاذف وهي في الجواب الأول قاذفة له مع إقرارها بالزنا.
وفي الجواب الثاني كانية لاحتمال أن تريد أنه أهدى إلى الزنا وأحرص عليه منها. ويقاس بما ذكر قولها لأجنبي: يا زاني فيقول: زنيت بك، أو: أنت أزنى مني، ولو قالت له ابتداء: فلان زان وأنت أزنى منه، أو: في الناس زناة وأنت أزنى منهم فصريح، لا إن قالت: الناس زناة، أو: أهل مصر مثلا زناة وأنت أزنى منهم فليس قذفا لتحقق كذبها إلا إن نوت من زنى منهم فيكون قذفا. (وقوله) لغيره: (زنى فرجك أو ذكرك) أو قبلك أو دبرك بفتح الكاف أو كسرها فيما ذكر، (قذف) لأنه آلة ذلك العمل أو محله.
تنبيه: قد مر أن ذلك لا يكون قذفا صريحا في الخنثى إلا إذا جمع بين الفرج والذكر، وقد نقله الرافعي في باب القذف والمصنف هنا.
فرع: لو تقاذف شخصان فلا تقاص، لأنه إنما يكون إذا اتحد الجنس والقدر والصفة ومواقع السياط وألم الضربات متفاوتة. (والمذهب أن قوله) زنت (يدك) ورجلك (وعينك، و) أن قوله (لولده) اللاحق به ظاهرا: ( لست مني أو لست ابني كناية) في قذف أمه، فإن قصد القذف كان قاذفا وإلا فلا. أما في الأولى فلان المفهوم من زنا هذه الأعضاء اللمس والمشي والنظر كما في خبر الصحيحين: العينان تزنيان واليدان تزنيان فلا ينصرف إلى الزنا الحقيقي إلا بالإرادة، ولهذا لو نسب ذلك إلى نفسه لم يكن إقرارا بالزنا قطعا. وقيل: إنه صريح قياسا على الفرج، ولأنه أضاف الزنا إلى عضو من الجملة. وأما في الثانية فلان الأب يحتاج إلى تأديب ولده إلى مثل هذا الكلام زجرا له فيحمل على التأديب. (و) أن قوله (لولد غيره: لست ابن فلان، صريح) في قذف أم المخاطب، لأنه لا يحتاج إلى تأديب ولد غيره. وقيل: إنه كناية كولده. (إلا لمنفي بلعان) ولم يستلحقه الملاعن فلا يكون صريحا في قذف أمه لجواز إرادة: لست ابنه شرعا، أو لست تشبهه خلقا أو خلقا. ولها تحليفه أنه لم يرد قذفها، فإن نكل وحلفت أنه أراد