متباينان. (فالأصل) أي أصل كل مسألة اجتمع فيها ما ذكر (اثنا عشر) حاصل ضرب أحد المخرجين، وهو الثلث أو الربع في الآخر، والمتباينان: هما العددان اللذان ليس بينهما موافقة بجزء من الاجزاء. (فالأصول) أي مخارج الفروض مفردة ومركبة عند المتقدمين، (سبعة: اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون) لأن الفروض المذكورة في القرآن لا يخرج حسابها إلا من هذه السبعة. وإنما انحصرت المخارج في سبعة والفروض ستة لأن الفروض لها حالتان: حالة انفراد، وحالة تركيب، ففي حالة الانفراد يحتاج إلى خمسة مخارج، وهي النصف والثلث والربع والسدس والثمن، ويسقط الثلثان لأن مخرجهما الثلث، وهو واحد من ثلاثة، وفي حال التركيب يحتاج إلى مخرجين لأن التركيب لا يخرج عن أربعة أحوال: التماثل، والتداخل، والتوافق، والتباين، فإن كان مع التماثل كسدس وسدس، أو التداخل كسدس وثلث لم يحتج مجموعهما إلى مخرج لأن أحد العددين أو أكثرهما أصل المسألة، وإن كان مع التوافق أو التباين احتاج إلى مخرج لجميع الفروض بضرب وفق أحدهما أو جملته في كامل الآخر، فاحتجنا إلى مخرجين آخرين: أحدهما إثنا عشر، وهو مع التوافق تركيب الربع والسدس، ومع التباين تركيب الربع والثلث أو الثلثين لأنه أقل عدد له ربع وسدس أو ربع وثلث أو ربع وثلثان. والثاني: أربعة وعشرون، وهو مع التوافق تركيب الثمن والسدس، ومع التباين تركيب الثمن والثلثين لأنه أقل عدد له ثمن وسدس وثلثان، ولا يتصور اجتماع الثمن والثلث فظهر انحصار المخارج في السبعة المذكورة.
وزاد بعض المتأخرين عليها أصلين آخرين في مسائل الجد والاخوة: ثمانية عشر وستة وثلاثين، فأولهما: كأم وجد وخمسة إخوة لغير أم، وإنما كانت من ثمانية عشر لأن أقل عدد له سدس صحيح وثلث ما يبقى هو هذا العدد. والثاني: كزوجة وأم وجد وسبعة إخوة لغير أم، وإنما كانت من ستة وثلاثين لأن أقل عدد له ربع وسدس صحيحان وثلث ما يبقى هو هذا العدد. والمتقدمون يجعلون ذلك تصحيحا، واستصوب الإمام وغيره طريق المتأخرين، وقال في الروضة: هو المختار الأصح الجاري على القواعد لأنه أخصر. واحتج له المتولي بأنهم اتفقوا في زوج وأبوين أن تكون المسألة من ستة، ولولا إقامة الفريضة من النصف وثلث ما يبقى لقالوا هي من اثنين للزوج واحد، يبقى واحد، وليس له ثلث، صحيح فيضرب مخرج الثلث في اثنين فتصير ستة، وأقره المصنف على هذا الاحتجاج، لكن قال في المطلب: إنه غير سالم من النزاع، فإن جماعة من الفرضيين ذكروا أن أصلها من اثنين اه. وعلى تسليم ذلك يفرق بأن ثلث ما يبقى في هذه المسألة فرض أصلي ولا كذلك في حق الجد. واعتذر الإمام عن القدماء بأنهم إنما لم يعدوهما مع ما سبق لأن الأصول موضوعة على المقدرات المنصوصة، وهي المجمع عليها، وثلث ما يبقى من المسألتين ليس منصوصا ولا متفقا عليه، قال: والامر فيه قريب. وقال بعضهم: طريقة القدماء أصل وطريقة المتأخرين استحسان.
تنبيه: لما كان الاثنا عشر والأربعة والعشرون زائدين على الأصول الخمسة السابقة حسن الاتيان بالفاء في قوله:
فالأصول. ثم شرع في بيان ما يعول من هذه الأصول، فقال: (والذي يعول منها) ثلاثة: (الستة) وضعفها وضعف ضعفها، فالستة تعول أربع مرات أوتارا وأشفاعا (إلى سبعة، كزوج وأختين) لغير أم: للزوج ثلاثة، ولكل أخت اثنان فعالت بسدسها، ونقص لكل واحد سبع ما نطق له به. قيل: وهي أول فريضة عالت في الاسلام في زمن عمر رضي الله تعالى عنه، فجمع الصحابة وقال لهم: فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلث، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا علي فأشار عليه العباس رضي الله تعالى عنه بالعول، وقال: أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم ولرجل عليه ثلاثة ولآخر أربعة، أليس تجعل المال سبعة أجزاء؟ فقال: نعم، فقال العباس: هو ذاك فأجمع الصحابة عليه. (و) تعول الستة أيضا (إلى ثمانية كهم) أي كزوج وأختين (وأم) فيزاد عليها سهم واحد للأم فتعول بمثل ثلثها. وإدخال الكاف على الضمير