أي المفقود (لا يعيش فوقها) فلا يشترط القطع بأنه لا يعيش أكثر منها وإذا مضت المدة المذكورة، (فيجتهد القاضي) حينئذ (ويحكم بموته) لأن الأصل بقاء الحياة فلا يورث إلا بيقين. أما عند البينة فظاهر، وأما عند مضي المدة مع الحكم فلتنزيله منزلة قيام البينة.
تنبيه: أفهم كلامه أن هذه المدة لا تتقدر وهو الصحيح. وقيل: مقدرة بسبعين سنة، وقيل: بثمانين، وقيل: بتسعين، وقيل: بمائة، وقيل: بمائة وعشرين، لأنها العمر الطبيعي عند الأطباء، وأنه لا بد من اعتبار حكم الحاكم فلا يكفي مضي المدة من غير حكم بموته، لكن بحث الرافعي أن القسمة حيث وقعت بالحاكم تضمنت الحكم بموته، ومقتضاه أن تصرف الحاكم حكم حتى لا يجوز نقضه، وفي هذه المسألة اضطراب. وقال السبكي في باب إحياء الموات:
الصحيح عندي وفاقا للقاضي أبي الطيب أنه ليس بحكم للشك. ثم أشار لفائدة الحكم بقوله: (ثم يعطي ماله من يرثه وقت) إقامة البينة أو (الحكم) بموته فإنه فائدة الحكم، فمن مات قبل ذلك ولو بلحظة لم يرث منه شيئا لجواز موته فيها. وقوله: وقت كذا جزما به، وفي البسيط: قبيل الحكم. قال السبكي: ويشبه أن لا يكون خلافا محققا فإن الحكم إظهار فيقدر موته قبيله بأدنى زمان، وقولهم من مات قبل الحكم بلحظة لم يرثه لا ينافي ما قلناه، فإنه وإن لم يفصل بينهما زمان فكموتهما معا. قال:
وهذا إذا أطلق الحكم. فإن أسنده إلى ما قبله لكون المدة زادت على ما يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقه وحكم بموته من تلك المدة السابقة فينبغي أن يعطي من كان وارثا له ذلك الوقت وإن كان سابقا على الحكم. قال: ولعله مرادهم وإن لم يصرحوا به اه. ومثل الحكم في ذلك البينة بل أولى. ولا يدفع الحاكم منه إلا لوارث ذي فرض لا يسقط بيقين، وهو الأبوان والزوج أو الزوجة.
تنبيه: أراد المصنف بغلبة الظن نفس الظن كما قاله الأبوان والزوج أو الزوجة بعض المحققين، قال: وإنما عبروا بهذه العبارة للتنبيه على أن الغلبة أي الرجحان مأخوذ في ماهية الظن. ولما فرغ من حكم لإرث من المفقود شرح في حكم إرثه من غيره فقال: (ولو مات من يرثه المفقود) قيل إقامة البينة أو الحكم بموته، (وقفنا) كل التركة إن لم يكن له وارث غير المفقود، وإلا وقفنا (حصته) فقط حتى يتبين أنه كان عند الموت حيا أو ميتا.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: من يرث منه ليناسب قوله: حصته كما علم من التقدير، أو يقال: إن حصته الكل أو البعض، ولكن ينافيه قوله: (وعملنا في الحاضرين بالأسوأ) فمن يسقط بالمفقود لا يعطى شيئا حتى يتبين حاله، ومن ينقص منهم حقه بحياته أو موته قدر فيه موته، ومن لا يختلف نصيبه بهما أعطيه، فهذه ثلاثة أحوال: فالأول كزوج مفقود وأختين لأب وعم حاضرين إن كان الزوج حيا للأختين أربعة من سبعة وسقط العم، أو ميتا فلهما سهمان من ثلاثة والباقي للعم فيقدر في حقهم حياته. والثاني: كجد وأخ لأبوين وأخ لأب مفقود، فيقدر في حق الجد حياته فيأخذ الثلث، وفي حق الأخ للأبوين موته فيأخذ النصف، ويبقى السدس، إن تبين موته فللجد، أو حياته فللأخ. والثالث:
كابن مفقود وبنت وزوج حاضرين للزوج والربع بكل حال.
تنبيه: لو تلف الموقوف للغائب ثم حضر أخذ ما دفع للحاضرين وقسم ما بين الكل على حسب إرثهم كما صرحوا به في نظير المسألة، وهو نظير مسألتي الحمل والخنثى إذا بانت حياة الحمل وذكورة الخنثى. ثم شرع في السبب الثاني من أسباب التوقف، وهو الشك في الحمل، فقال: (ولو خلف حملا يرث) بكل تقدير بعد انفصاله بأن مات عن زوجة حامل منه، (أو قد يرث) على تقدير دون تقدير. أما على تقدير الذكورة فكمن مات عن حمل زوجة أخيه لأبيه أو عمه أو معتقه فإن الحمل إن كان ذكرا في الصور الثلاث ورث وإلا فلا. وأما على تقدير الأنوثة فكمن مات عن زوج وأخت شقيقة وحمل من الأب فإنه إن كان الحمل ذكرا لا يرث شيئا لاستغراق أهل الفرض المال، وإن كان