والزوج والمعلم أم لا، مكرها أم لا. (وقيل: إن لم يضمن) بضم أوله، أي القتل، كأن وقع قصاصا أو حدا، (ورث) القاتل لأنه قتل بحق، ويحمل الخبر على غير ذلك المعنى.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أن غير المضمون يمنع الإرث ولو بسبب، وليس مرادا، فإن المرأة لو ماتت من الولادة لم يضمنها مع أنه يرثها. وقد يفهم أن المقتول يرث من قاتله، ولا خلاف فيه كما قاله الدارمي وغيره، وصورته بأن يخرج مورثه ثم يموت الجارح ثم يموت المجروح من تلك الجراحة. (و) خامسها: إبهام وقت الموت، فعليه (لو مات متوارثان بغرق) أو حرق (أو هدم أو في) بلاد (غربة معا أو جهل أسبقهما) علم سبق أو جهل، (لم يتوارثا) أي لم يرث أحدهما من الآخر، لأن من شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث كما مر وهو هنا منتف، والجهل بالسبق صادق بأن يعلم أصل السبق ولا يعلم عين السابق وبأن لا يعلم سبق أصلا وصور المسألة خمس: العلم بالمعية، العلم بالسبق وعين السابق، الجهل بالمعية والسبق، الجهل بعين السابق مع العلم بالسبق، التباس السابق بعد معرفة عينه. ففي الصورة الأخيرة يوقف الميراث إلى البيان أو الصلح، وفي الصورة الثانية تقسم التركة، (و) في الثلاثة الباقية (مال) أي تركة (كل) من الميتين بغرق ونحوه (لباقي ورثته) لأن الله تعالى إنما يورث الاحياء من الأموات، وهنا لا تعلم حياته عند موت صاحبه فلا يرث كالجنين إذا خرج ميتا، ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم وإن ورثنا كلا من صاحبه تيقنا الخطأ لأنهما إن ماتا معا ففيه توريث ميت من ميت، أو متعاقبين ففيه توريث من تقدم ممن تأخر، وحينئذ فيقدر في حق كل ميت أنه لم يخلف الآخر.
تنبيه: كان الأولى التعبير بقوله: لم يرث أحدهما من الآخر كعبارة التنبيه. فإن استبهام تاريخ الموت مانع من الحكم بالإرث لا من نفس الإرث. وقوله: لم يتوارثا ليس بخاص، فإنه لو كان أحدهما يرث من الآخر دون عكسه كالعمة وابن أخيها كان الحكم كذلك. وحاصل ما ذكر المصنف من الموانع خمسة كما تقرر، وأهمل الدور الحكمي، وهو أن يلزم من توريثه عدم توريثه كما لو أقر الأخ بابن أخيه الميت فإنه يثبت نسبه ولا يرث، وقد ذكره في الاقرار.
وقال ابن الهائم في شرح كافيته: الموانع الحقيقية أربعة: القتل والرق واختلاف الدين والدور، وما زاد عليها فتسميته مانعا مجاز، وقال في غيره إنها ستة: الأربعة المذكورة والردة واختلاف العهد، وأن ما زاد عليها مجاز. وانتفاء الإرث معه لا لأنه مانع، بل الانتفاء الشرط كما في جهل التاريخ أو السبب كما في انتفاء النسب، وهذا أوجه. وعد بعضهم من الموانع النبوة لخبر الصحيحين: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة. والحكمة فيه أن لا يتمنى أحد من الورثة موتهم لذلك فيهلك. وأن لا يظن بهم الرغبة في الدنيا، وأن يكون ما لهم صدقة بعد وفاتهم توفيرا لأجورهم. وتوهم بعضهم من كونها مانعة أن الأنبياء لا يرثون كما لا يورثون، وليس كذلك، فإن الناس في الإرث على أربعة أقسام: منهم من يرث ويورث وعكسه فيهما، ومنهم من يورث ولا يرث وعكسه. فالأول كزوجين وأخوين. والثاني كرقيق ومرتد.
والثالث كمبعض وجنين في غرته فقط فإنها تورث عنه لا غيرها. والرابع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم يرثون ولا يورثون كما تقرر. ولما فرغ من موانع الميراث شرع في موجبات التوقف عن الصرف في الحال، وهي أربعة: أحدها:
الشك في النسب، ولم يذكره المصنف، كأن يدعي اثنان ولدا مجهولا نسبه صغيرا كان أو مجنونا ويموت الولد قبل إلحاقه بأحدهما، فيوقف ميراث كل منهما منه ويصرف للأم نصيبها إن كانت حرة، وإن مات أحد المدعيين وقف ميراث الولد ويعمل في حق قريبه بالأسوأ. الثاني والثالث والرابع: الشك في الوجود والحمل والذكورة. وبدأ بالأول من هذه الثلاثة فقال: (ومن أسر) أي أسره كفار أو غيرهم، (أو فقد وانقطع خبره) وله مال وأريد الإرث منه، (ترك) أي وقف (ماله) ولا يقسم (حتى تقوم بينة بموته أو) ما يقوم مقام البينة بأن (تمضي مدة) يعلم أو (يغلب على الظن أنه)