مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦
والزوج والمعلم أم لا، مكرها أم لا. (وقيل: إن لم يضمن) بضم أوله، أي القتل، كأن وقع قصاصا أو حدا، (ورث) القاتل لأنه قتل بحق، ويحمل الخبر على غير ذلك المعنى.
تنبيه: قد يفهم كلام المصنف أن غير المضمون يمنع الإرث ولو بسبب، وليس مرادا، فإن المرأة لو ماتت من الولادة لم يضمنها مع أنه يرثها. وقد يفهم أن المقتول يرث من قاتله، ولا خلاف فيه كما قاله الدارمي وغيره، وصورته بأن يخرج مورثه ثم يموت الجارح ثم يموت المجروح من تلك الجراحة. (و) خامسها: إبهام وقت الموت، فعليه (لو مات متوارثان بغرق) أو حرق (أو هدم أو في) بلاد (غربة معا أو جهل أسبقهما) علم سبق أو جهل، (لم يتوارثا) أي لم يرث أحدهما من الآخر، لأن من شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث كما مر وهو هنا منتف، والجهل بالسبق صادق بأن يعلم أصل السبق ولا يعلم عين السابق وبأن لا يعلم سبق أصلا وصور المسألة خمس: العلم بالمعية، العلم بالسبق وعين السابق، الجهل بالمعية والسبق، الجهل بعين السابق مع العلم بالسبق، التباس السابق بعد معرفة عينه. ففي الصورة الأخيرة يوقف الميراث إلى البيان أو الصلح، وفي الصورة الثانية تقسم التركة، (و) في الثلاثة الباقية (مال) أي تركة (كل) من الميتين بغرق ونحوه (لباقي ورثته) لأن الله تعالى إنما يورث الاحياء من الأموات، وهنا لا تعلم حياته عند موت صاحبه فلا يرث كالجنين إذا خرج ميتا، ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط فهو تحكم وإن ورثنا كلا من صاحبه تيقنا الخطأ لأنهما إن ماتا معا ففيه توريث ميت من ميت، أو متعاقبين ففيه توريث من تقدم ممن تأخر، وحينئذ فيقدر في حق كل ميت أنه لم يخلف الآخر.
تنبيه: كان الأولى التعبير بقوله: لم يرث أحدهما من الآخر كعبارة التنبيه. فإن استبهام تاريخ الموت مانع من الحكم بالإرث لا من نفس الإرث. وقوله: لم يتوارثا ليس بخاص، فإنه لو كان أحدهما يرث من الآخر دون عكسه كالعمة وابن أخيها كان الحكم كذلك. وحاصل ما ذكر المصنف من الموانع خمسة كما تقرر، وأهمل الدور الحكمي، وهو أن يلزم من توريثه عدم توريثه كما لو أقر الأخ بابن أخيه الميت فإنه يثبت نسبه ولا يرث، وقد ذكره في الاقرار.
وقال ابن الهائم في شرح كافيته: الموانع الحقيقية أربعة: القتل والرق واختلاف الدين والدور، وما زاد عليها فتسميته مانعا مجاز، وقال في غيره إنها ستة: الأربعة المذكورة والردة واختلاف العهد، وأن ما زاد عليها مجاز. وانتفاء الإرث معه لا لأنه مانع، بل الانتفاء الشرط كما في جهل التاريخ أو السبب كما في انتفاء النسب، وهذا أوجه. وعد بعضهم من الموانع النبوة لخبر الصحيحين: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة. والحكمة فيه أن لا يتمنى أحد من الورثة موتهم لذلك فيهلك. وأن لا يظن بهم الرغبة في الدنيا، وأن يكون ما لهم صدقة بعد وفاتهم توفيرا لأجورهم. وتوهم بعضهم من كونها مانعة أن الأنبياء لا يرثون كما لا يورثون، وليس كذلك، فإن الناس في الإرث على أربعة أقسام: منهم من يرث ويورث وعكسه فيهما، ومنهم من يورث ولا يرث وعكسه. فالأول كزوجين وأخوين. والثاني كرقيق ومرتد.
والثالث كمبعض وجنين في غرته فقط فإنها تورث عنه لا غيرها. والرابع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم يرثون ولا يورثون كما تقرر. ولما فرغ من موانع الميراث شرع في موجبات التوقف عن الصرف في الحال، وهي أربعة: أحدها:
الشك في النسب، ولم يذكره المصنف، كأن يدعي اثنان ولدا مجهولا نسبه صغيرا كان أو مجنونا ويموت الولد قبل إلحاقه بأحدهما، فيوقف ميراث كل منهما منه ويصرف للأم نصيبها إن كانت حرة، وإن مات أحد المدعيين وقف ميراث الولد ويعمل في حق قريبه بالأسوأ. الثاني والثالث والرابع: الشك في الوجود والحمل والذكورة. وبدأ بالأول من هذه الثلاثة فقال: (ومن أسر) أي أسره كفار أو غيرهم، (أو فقد وانقطع خبره) وله مال وأريد الإرث منه، (ترك) أي وقف (ماله) ولا يقسم (حتى تقوم بينة بموته أو) ما يقوم مقام البينة بأن (تمضي مدة) يعلم أو (يغلب على الظن أنه)
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460