تفاحتان فقال لزوجته: إن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم فأنت طالق ثلاثا، ولامته: إن لم تأكلي هذه الأخرى اليوم فأنت حرة فاشتبهت تفاحة الطلاق وتفاحة العتق، فذكر طريقين عن بعض الأصحاب في الخلاص. ثم قال: فلو خالع زوجته ذلك اليوم وباع الأمة ثم جدد النكاح واشترى الأمة خلص، وظاهر هذين الفرعين لمخالف لما قاله ابن الرفعة والباجي اه.
وهو كما قال، فالمعتمد إطلاق كلام الأصحاب. وذكرت في شرح التنبيه صور أخرى، ولا يكره الخلع فيها فليراجعه من أراد. وأركان الخلع خمسة: ملتزم لعوض وبضع وعوض وصيغة وزوج، وبدأ به فقال: (شرطه) أي ركنه (زوج يصح) أي ينفذ (طلاقه) يعني أن يكون الزوج يصح طلاقه بأن يكون بالغا عاقلا مختارا كما سيأتي في بابه، وذلك لأن الخلع طلاق فالزوج ركن لا شرط، وكونه يصح طلاقه شرط في الزوج، فلا يصح من صبي ومجنون ومكره كطلاقهم.
(فلو خالع عبد) ولو مدبرا، (أو محجورا عليه بسفه صح) بإذن ودونه بمهر المثل أو أقل، إذ لكل منهما أن يطلق مجانا فبعوض أولي. (ووجب دفع العوض) عينا كان أو دينا (إلى مولاه) أي العبد ويملكه مولاه قهرا، وإن لم يأذن كسائر أكسابه. ويستثنى من إطلاقه المكاتب فإنه يجب التسليم إليه لاستقلاله. والمبعض إن خالع وبينه وبين سيده مهايأة وقبض في نوبته صح، وأما في نوبة سيده فلا يقبض شيئا، وإن لم يكن مهايأة قبض ما يخص حريته والعبد المأذون على أحد وجهين في الحاوي بلا ترجيح يقبض أيضا ما خالع به. (ووليه) أي المحجور عليه بسفه كسائر أمواله، فإن سلمت العوض إلى السفيه بغير إذن الولي وهو دين لم تبرأ ويسترده منه، نعم إن بادر الولي فأخذه منه برئت كما في الشامل والبحر، فإن تلف في يده فلا ضمان في الحال ولا بعد رشده. وهل يبرأ فيما بينه وبين الله تعالى؟ وجهان في الحاوي، أوجههما لا، أو وهو عين وعلم الولي أخذها منه. فإن تركها حتى تلفت فهل يضمن أو لا؟
وجهان، أوجههما الأول كما قاله بعض المتأخرين. وإن لم يعلم الولي فتلفت فهي مفرطة فتضمن مهر المثل لا قيمة العين، والتسليم إلى العبد كالسفيه، لكن المختلع له مطالبته بعد العتق بما تلف تحت يده بخلاف السفيه لا يطالب أصلا كما مر. أما قبضها بإذن فيصح ولو علق بالدفع إليه كأن قال: إن دفعت إلي كذا فأنت طالق كان لها أن تدفعه إليه لا إلى وليه، لأنه فيما مر ملكه قبل الدفع، وفي هذه إنما يملكه إليه وعلى وليه المبادرة إلى أخذه منه، فإن لم يأخذه منه حتى تلف فلا غرم فيه على الزوجة كما نقله الأذرعي عن الماوردي، ولو دفعته إلى وليه لم تطلق لعدم وجود المعلق عليه.
تنبيه: أسقط المصنف من المحرر خلع المفلس لتقدمه في بابه. ثم شرع في الركن الثاني وهو الملتزم، فقال: (وشرط قابله) أي الخلع أو ملتمسه ليصح خلعه من زوجة أو أجنبي، (إطلاق تصرفه في المال) بكونه مكلفا غير محجور عليه، أي بالنسبة لثبوت المال، أما الطلاق فلا يعتبر في قابله ذلك بل صحة عبارته فقط. وللحجر أسباب خمسة، ذكر المصنف منها ثلاثة: الرق والسفه والمرض، وأسقط الصبا والجنون لأن الخلع معهما لغو، ولو كانت المختلعة مميزة كما جرى عليه ابن المقري، لانتفاء أهلية القبول فلا عبرة بعبارة الصغيرة والمجنونة، بخلاف السفيهة، وجعل البلقيني المميزة كالسفيهة. ثم شرع في السبب الأول، فقال: (فإن اختلعت أمة بلا إذن سيد) لها مطلق التصرف (بدين) في ذمتها، (أو عين ماله) أي السيد أو عين مال أجنبي أو عين غير مملوكة كخمر، (بانت) في الجميع لوقوعه بعوض فاسد.
تنبيه: محل ذلك إذا نجز الطلاق، فإن قيده بتمليك تلك العين لم تطلق كما قاله الماوردي. (وللزوج في ذمتها) إذا بانت (مهر مثل في صورة العين) لأنه المراد حينئذ، (وفي قول: قيمتها) إن كانت متقومة، وإلا فمثلها.
ولو عبر بالبدل كما عبر به الرافعي لكان أعم. (وفي صورة الدين المسمى) كما في الروضة وأصلها كما يصح التزام الرقيق