الامر فيه إلى معارضة كما هنا وإلا فيشترط علمهما. قال الزركشي في قواعده: أما في الخلع فلا بد من علم الزوج بمقدار ما أبرأته منه قطعا لأنه يؤول إلى المعارضة، قال: وقد غلط في هذه المسألة جماعة وأخذوا بظاهر كلام الأصحاب أنه لا يشترط علم المبرأ على إطلاقه. ويستثنى من البينونة بالخمر ما لو خالع مع غير الزوجة من أب أو أجنبي على هذا الخمر، أو المغصوب، أو عبدها هذا، أو على صداقها ولم يصرح بنيابة ولا استقلال بل أطلق، فيقع رجعيا، وليس لنا صورة تقع بسبب ذلك رجعيا ولا مهر سواها.
فرع: لو خالعها بما في كفها ولم يكن فيه شئ، ففي الرافعي عن الوسيط وقوع الطلاق رجعيا، وعن غيره وقوعه بائنا، ثم قال: ويشبه أن يكون الأول فيما إذا كان عالما بالحال، والثاني فيما إذا ظن أن في كفها شيئا. وقال المصنف:
المعروف الذي أطلقه الجمهور وقوعه بائنا بمهر المثل، وصوبه في فتاويه، وهذا موافق لما نقلاه في فتاوى البغوي وأقراه من ترجيح أنها تبين بمهر المثل فيما لو خالعها ببقية مهرها ولم يكن بقي منه شئ، ووجه ما جرى عليه المصنف الجوجري بأن ما في بما في كفها نكرة أو موصولة وكلاهما بمعنى شئ، وإسناده إلى كفها يشبه إسناد الاقرار بشئ يرفعه فيلغو. فإن قيل: هذا يشكل بوقوعه رجعيا في خلع بدم. أجيب بأن الدم لا يقصد كما مر فذكره صارف للفظ عن العوض، بخلاف خلعها على ما في كفها ولو مع علمه بأنه لا شئ فيه، إذ غايته إنه كالسكوت عن ذكر العوض وهو لا يمنع البينونة ووجوب مهر المثل. ولو خالعها بمعلوم ومجهول فسد المسمى ووجب مهر المثل، بخلاف الخلع على صحيح وفاسد معلوم نشأ فاسده من غير الجهالة فيصح في الصحيح، ويجب في الفاسد ما يقابله من مهر المثل. (و) يجوز (لهما) أي الزوجين (التوكيل) في الخلع لأنه عقد معاوضة كالبيع، وهذا واضح، وإنما ذكر توطئة لبيان مخالفة الوكيل. (فلو قال) الزوج (لوكيله خالعها بمائة) من دراهم مثلا معلومة، (لم ينقص) وكيله (منها) لأنه مأذون فيه. وأفهم جواز الزيادة عليها، وهو كذلك إن كانت من جنسها قطعا كمائة وعشرة، وكذا من غيره على الأصح كمائة ثوب. فإن قيل: ينبغي أن لا يصلح فيما إذا زاد، كما لو قال: بعه من زيد بكذا فباعه بأكثر، لأنه قد يقصد محاباته. أجيب بأن الخلع إنما يقع غالبا عند الشقاق ومع ذلك يبعد قصد المحاباة. (وإن أطلق) الاذن لوكيله كخلعها بمال أو سكت عنه، (لم ينقص عن مهر المثل) لأنه المرد، وله أن يزيد عليه من جنسه وغيره كما مر. (فإن نقص فيهما) بأن خالع بدون المائة في الأولى وبدون مهر المثل في الثانية نقصا فاحشا وهو ما لا يحتمل غالبا، (لم تطلق) للمخالفة كما لا ينفذ بيعه في مثل هذا. (وفي قول يقع) الطلاق (بمهر مثل) لفساد المسمى بنقصه عن المأذون فيه والمراد، ورجحه في أصل الروضة وتصحيح التنبيه في الثانية، ونقله الرافعي عن الأكثرين، بخلاف الأولى للمخالفة فيها لصريح الاذن، وهذا هو المعتمد كما قال الأسنوي إن الفتوى عليه.
تنبيه: يلتحق بنقصانه عن المسمى أو مهر المثل ما لو خالع بمؤجل أو بغير نقد البلد. (ولو قالت لوكيلها اختلع بألف) من الدراهم مثلا، (فامتثل نفذ) لوقوعه كما أمرته، وكذا إن اختلع بأقل من ألف كما في المحرر، وحذفه المصنف لأنه يفهم من باب أولى. وفي تسليم الوكيل الألف بغير إذن جديد وجهان، أوجبهما كما قاله بعض المتأخرين المنع. (وإن زاد) وكيلها على ما سمعته له (فقال اختلعها بألفين) مثلا (من مالها بوكالتها بانت) على النص، (ويلزمها مهر مثل) لفساد المسمى بزيادته على المأذون فيه سواء أكان زائدا على ما سمعت للوكيل أم ناقصا. (وفي قول) يلزمها (الأكثر منه) أي مهر المثل، (ومما سمته) للوكيل، لأن مهر المثل إن كان أكثر فهو المرجوع إليه عند فساد المسمى، فإن كان الذي سمته أكثر فقد رضيت به.
تنبيه: ما ذكره المصنف في حكاية هذا القول تبع فيه المحرر، والصواب فيه ما جوازه في الشرح والروضة أنه