مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦١
حال بينهما حتى يظن أنه عدل، إذ لو لم يحل بينهما واقتصر على التعزير لربما بلغ منها مبلغا لا يستدرك اه‍. وهذا ظاهر.
فمن لم يذكر الحيلولة أراد الحال الأول، ومن ذكرها كالغزالي والحاوي الصغير والمصنف في تنقيحه أراد الثاني، والظاهر كما قال شيخنا أن الحيلولة بعد التعزيز، والاسكان وإن كان لا يتعدى عليها لكنه يكره صحبتها لكبر أو مرض أو نحوه ويعرض عنها فلا شئ عليه. ويسن لها أن تستعطفه بما يجب كأن تسترضيه بترك بعض حقها كما تركت سودة نوبتها ل عائشة، فكان (ص) يقسم لها يومها ويوم سودة، كما أنه يسن له إذا كرهت صحبته لما ذكر أن يستعطفها بما تحب من زيادة نفقة ونحوها. ثم شرع فيما إذا كان التعدي منهما بقوله: (وإن قال كل) من الزوجين (إن صاحبه متعد) عليه، وأشكل الامر بينهما، (تعرف القاضي الحال) الواقع بينهما (بثقة) واحد (يخبرهما) بفتح المثناة التحتية أوله وضم الباء الموحدة بعد الخاء المعجمة، ويكون الثقة جارا لهما، فإن لم يتيسر أسكنهما في جنب ثقة يتعرف حالهما ثم ينهى إليه ما يعرفه. واكتفى هنا بثقة واحد تنزيلا لذلك منزلة الرواية لما في إقامة البينة عليه من العسر، وظاهر هذا أنه لا يشترط في الثقة أن يكون عدل شهادة بل يكفي عدل الرواية، ولهذا قال الزركشي: والظاهر من كلامهم اعتبار من تسكن النفس بخبره، لأنه من باب الخبر لا الشهادة. (و) إذا تبين له حالهما (منع الظالم) من عوده لظلمه، وطريقه في الزوج ما سلف، وفي الزوجة بالزجر والتأديب كغيرها. (فإن اشتد الشقاق) بكسر الشين: أي الخلاف والعداوة بينهما، مأخوذ من الشق، وهو الناحية، إذ كل واحد صار في ناحية، وذلك بأن دام بينهما التساب والتضارب وفحش ذلك. (بعث) القاضي (حكما من أهله وحكما من أهلها) لنظر في أمرهما بعد اختلاء حكمه به وحكمها بها ومعرفة ما عندهما في ذلك، ولا يخفى حكم عن حكم شيئا إذا اجتمعا ويصلحا بينهما أو يفرقا بطلقة إن عسر الاصلاح على ما يأتي، الآية: * (وإن خفتم شقاق بينهما) * والخطاب فيها للحكام، وقيل: للأولياء. والبعث واجب كما صححه في زيادة الروضة وجزم به الماوردي، وإن صحح في المهمات والاستحباب لنقل البحر له عن نص الشافعي، وقال الأذرعي: بل ظاهر نص الام الوجوب. وأما كونهما من أهلهما فمستحب غير مستحق إجماعا كما في النهاية، لأن القرابة لا تشترط في الحاكم ولا في الوكيل.
تنبيه: اقتضى كلام المصنف عدم الاكتفاء بحكم واحد، وهو الأصح لظاهر الآية، ولان كلا من الزوجين يتهمه ولا يفشي إليه سره. (وهما وكيلان) في الأظهر (لهما) أي عنهما. (وفي قول) هما حاكمان (موليان من الحاكم) واختاره جمع، لأن الله تعالى سماهما حكمين، والوكيل مأذون ليس بحكم. ووجه الأول أن الحال قد يؤدي إلى الفراق، والبضع حق الزوج، والمال حق الزوجة، وهما رشيدان، فلا يولى عليهما، ولان الطلاق لا يدخل تحت الولاية إلا في المولى، وهو خارج عن القياس. (فعلى الأول يشترط رضاهما) يبعث الحكمين. ويشترط في الحكمين: التكليف، والاسلام، والحرية، والعدالة، والاهتداء إلى المقصود بما بعثا له، ولا يشترط فيهما الذكورة وإنما اشترط فيهما ذلك مع أنهما وكيلان لتعلق وكالتهما بنظر الحاكم كما في أمينه. (فيوكل) الزوج إن شاء (حكمه بطلاق وقبول عوض خلع، وتوكل) الزوجة إن شاءت (حكمها ببذل عوض) للخلع (وقبول طلاق به) أي العوض كسائر الوكلاء. ويفرق الحكمان بينهما إن رأياه صوابا، وإن اختلف رأيهما بعث القاضي اثنين غيرهما حتى يجتمعا على شئ. فإن أغمي على أحد الزوجين أو جن ولو بعد استعلام الحكمين رأيه لم ينفذ أمرهما لأن الوكيل ينعزل بالاغماء والجنون، وإن أغمي على أحدهما أو جن قبل البعث لم يجز بعث الحكمين، وإن غاب أحدهما بعد بعث الحكمين نفذ أمرهما كما في سائر الوكلاء، فإن لم يرض الزوجان ببعث الحكمين ولم يتفقا على شئ أدب القاضي الظالم منهما واستوفى المظلوم حقه ويعمل بشهادة الحكمين. وعلى القول الثاني يشترط في الحكمين الذكورة
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460