تنبيه: كلام المصنف قد يوهم جواز ليلتين لها إذا كان للحرة أربعة، وليس مرادا بل الشرط ليلة لها وليلتين للحرة، ولا تجوز الزيادة على ذلك ولا النقص عنه لئلا يزاد القسم على ثلاث أو ينقص عن ليلة وهما ممتنعان كما مر. وهذا كله إذا لم يطرأ العتق، فلو عتقت الأمة في الليلة الأولى من ليلتي الحرة وكانت البداءة بالحرة فالثانية من ليلتها للعتيقة ثم يسوي بينهما إن أراد الاقتصار لها على ليلة، وإلا فله توفية الحرة ليلتين وثلاثا وإقامة مثل ذلك عند العتيقة، وإن عتقت في الثانية منهما فله إتمامها ويبيت مع العتيقة ليلتين. وإن خرج حين العتق إلى مسجد أو بيت صديق أو نحو ذلك أو إلى العتيقة لم يقض ما مضى من الليلة. فإن قيل: إن كان النصف الأول من الليلة حقا للحرة فيجب إذا كمل الليلة أن لا يقضي جميعها، وإن لم يكن حقا لها فيجب أن يقضيه إذا خرج فورا. أجيب عن الشق الأول بأن نصفي الليلة كالثلاثة أيام والسبعة في حق الزفاف للثيب، فالثلاث حق لها، وإذا أقام عندها سبعا قضى الجميع كما سيأتي، فكذا إذا أقام النصف الثاني قضاه مع النصف الأول، ولكن مقتضى هذا أن محله إذا طلبت منه تمام الليلة، كما إذا طلبت الثيب السبعة، وإلا فيقضي الزائد فقط. وعن الشق الثاني بأن العتيقة قبل العتق لا يثبت لها استحقاق نظير النصف المقسوم، كما لو كان عبد بين اثنين لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه، فالمهايأة بينهما تكون يومين ويوما، فإذا اشترى صاحب الثلث السدس من الآخر في أثناء اليوم لم يرجع عليه بأجرة ما مضى. وإن عتقت في ليلتها قبل تمامها زادها ليلة لالتحاقها بالحرة قبل الوفاء، أو بعد تمامها اقتصر عليها ثم سوى بينهما، ولا أثر لعتقها في يومها لأنه تابع، وإن كانت البداءة بالأمة وعتقت في ليلتها فكالحرة فيتمها ثم يسوي بينهما، أو عتقت بعد تمامها أو في الحرة ليلتين ثم سوى بينهما، لأن الأمة قد استوفت ليلتها قبل عتقها فتستوفي الحرة بإزائها ليلتين.
ولو لم تعلم الأمة بعتقها حتى مر عليها أدوار وهو يقسم لها قسم الإماء قضى الزوج لها ما مضى إن علم بذلك وإلا فلا، وعلى هذا يحمل كلام من أطلق عدم القضاء وكلام من أطلق القضاء. ثم أشار إلى المسألة الثانية بقوله: (وتختص) وجوبا زوجة (بكر جديدة) أي جددها على من في عصمته زوجة يبيت عندها ولو أمة أو كافرة، (عند زفاف) وهو حمل العروس لزوجها، (بسبع) ولاء (بلا قضاء) للباقيات، (و) تختص وجوبا زوجة (ثيب) وهي التي إذنها النطق، (بثلاث) ولاء بلا قضاء، لخبر ابن حبان في صحيحه: سبع للبكر وثلاث للثيب والمعنى في ذلك زوال الحشمة بينهما ولهذا سوى بين الحرة والأمة، لأن ما يتعلق بالطبع لا يختلف بالرق والحرية كمدة العنة والايلاء، وزيد للبكر، لأن حياءها أكثر. والحكمة في الثلاث والسبع أن الثلاث مغتفرة في الشرع، والسبع عدد أيام الدنيا، وما زاد عليها تكرار، فإن فرق لم تحسب، لأن الحشمة لا تزول بالمفرق واستأنس وقضى المفرق للأخريات. وخرج ب جديدة من طلقها رجعيا بعد توفية حق الزفاف، فإنه إذا راجعها لا زفاف لها، بخلاف البائن وبخلاف مستفرشة أعتقها سيدها ثم تزوجها فإنه يجب لها حق الزفاف، ولو لم يكن عنده غيرها أو كانت ولم يبت عندها لم يثبت للجديدة حق الزفاف. ولا ينافي هذا قول أصل الروضة: لو نكح جديدتين لم يكن في نكاحه غيرهما وجب لهما حق الزفاف لأنه محمول على من أراد القسم، وإن قال المصنف في شرح مسلم: الأقوى المختار وجوبه مطلقا لخبر أنس، فقد رده البلقيني بأن في مسلم طرقا فيها الصراحة بما إذا كانت عنده زوجة أو أكثر غير التي زفت إليه، فتكون هذه الرواية المطلقة مقيدة بتلك الروايات. ودخل في الثيب المذكورة من كانت ثيوبتها بوطئ حلال أو حرام أو وطئ شبهة، وخرج بها من حصلت ثيوبتها بمرض أو وثبة أو نحو ذلك. (ويسن تخييرها) أي الثيب (بين ثلاث بلا قضاء) للباقيات، (و) بين (سبع بقضاء) أي مع قضاء لهن، كما فعل (ص) بأم سلمة رضي الله تعالى عنها حيث قال لها: إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت أي بالقسم الأول بلا قضاء، وإلا لقال: وثلثت عندهن، كما قال: وسبعت عندهن رواه مالك، وكذا مسلم بمعناه. أما إذا لم تختر السبع بأن لم تختر شيئا أو اختارت دون سبع، لم يقض إلا ما فوق الثلاث لأنها