تنبيه: محل ما ذكره إذا لم يشع في العرف استعمال هذا اللفظ في طلب العوض وإلزامه، فإن شاع فهو كقوله: طلقتك على كذا، حكاه الشيخان عن المتولي وأقراه. فإن قيل: نقل الرافعي في تعليق الطلاق عن المتولي والأكثرين أنه إذا تعارض مدلولان لغوي وعرفي قدم اللغوي، وقضية ذلك عدم اللزوم هنا. أجيب بأن الكلام هنا فيما إذا اشتهر في العرف استعمال لفظ في إرادة شئ ولم يعارضه مدلول لغوي، والكلام هناك فيما إذا تعارض مدلولان: لغوي وعرفي. وخرج بقوله: ولم يسبق طلبها بمال ما إذا سبق، فإن الصيغة تكون مقتضية للالتزام، سواء أكان ما طلبته معينا أم لا، كقولها:
طلقني بمال وسيأتي. ثم استثنى من وقوع ما ذكره رجعيا ما تضمنه قوله: (فإن قال أردت) به ما يراد بطلقتك بكذا وصدقته الزوجة، (فكهو) أي فكقوله طلقتك الخ، (في الأصح) فتبين منه بذلك المسمى إن قبلت لأنه يصلح أن يكون كناية في اقتضاء العوض، فإن لم تقبل لم يقع. والثاني: المنع، إذ لا أثر للتوافق في ذلك لأن اللفظ لا يصلح للالزام، فكأن لا إرادة. وعلى الأول فإن لم تصدقه لم يلزمها المال قطعا إن حلفت أنها لا تعلم أنه أراد ذلك إن كانت قبلت، فإن نكلت وحلفت بانت بالمسمى، فإن لم تقبل ولا حلفت فكأنه لا إرادة وحيث انتفت الإرادة يقع الطلاق ظاهرا، أما فيما بينه وبين الله تعالى، فقال السبكي: يقطع بعدم الوقوع، وعلى الوجه الثاني لا حلف لأنها وإن صدقته لم يؤثر.
تنبيه: قول المصنف: فكهو فيه جر الضمير بالكاف، وهو شاذ. (وإن سبق) طلبها بمال معين، كطلقني بألف، فقال: أنت طالق وعليك أولى أو ولي عليك ألف، (بانت بالمذكور) لتوافقهما عليه، قوله: وعليك ألف إن لم يكن مؤكدا لا يكون مانعا. أما إذا سبق طلبها بمال مبهم، كطلقني بمال، فإن عينه في جوابه كأن قال طلقتك على ألف فهو كما لو ابتدأ. فإن قبلت بانت بالألف وإلا فلا طلاق وإن أبهم الجواب فقال:
طلقتك بمال أو اقتصر على طلقتك بانت بمهر المثل.
تنبيه: محل البينونة فيما إذا سبق طلبها إذا قصد جوابها، فإن قال: قصدت ابتداء الطلاق وقع رجعيا كما قاله الإمام وأقراه، قال: والقول قوله في ذلك بيمينه، ولو سكت التفسير فالظاهر أنه يجعل جوابا. (وإن) شرط شرطا إلزاميا كأن (قال أنت طالق) أو طلقتك (على أن لي عليك كذا) كألف، (فالمذهب) المنصوص، وعبر في الروضة بالصواب المعتمد، (أنه كطلقتك بكذا، فإذا قبلت) فورا كما نص عليه في الام بأن تقول: قبلت، وكذا ضمنت كما اقتضاه كلام الماوردي (بانت ووجب المال) لأن على للشرط، فجعل كونه عليها شرطا، فإذا ضمنته طلقت، هذا هو المنصوص في الام، وقطع به العراقيون وغيرهم، ومقابله قول الغزالي: يقع الطلاق رجعيا ولا مال، لأن الصيغة شرط، والشرط في الطلاق يلغوا إذا لم يكن من قضاياه كما لو قال أنت طالق على أن لك علي كذا، فإذا تعبير المصنف بالمذهب ليس بظاهر لأن المسألة ليس فيها خلاف محقق لأن الغزالي ليس من أصحاب الوجوه. قال الأذرعي: فكأنه غره قول المحرر:
والظاهر ولم يرد نقل خلاف بل إرادته المنقول كما دل عليه كلامه في مواضع اه. أما الشرط التعليقي كقوله: أنت طالق إن أعطيتني ألفا فلا خلاف في توقفه على الاعطاء. (وإن قال: إن ضمنت لي ألفا فأنت طالق) أو: أنت طالق إن ضمنت لي ألفا، (فضمنت) له التزمت له الألف (في الفور بانت ولزمها الألف) لوجود الشرط في العقد المقتضى للالزام إيجابا وقبولا.
والمراد بالفور هنا وفيما مر مجلس التواجب كما عبر به في المحرر، بخلاف ما لو أعطته الألف أو قالت: رضيت أو شئت أو قبلت بدل ضمنت لأن المعلق عليه الضمان لا غيره. وليس المراد بالضمان هنا وفيما يأتي في الباب الضمان المحتاج إلى أصل فذاك عقد مستقل مذكور في بابه، ولا الالتزام المبتدأ لأن ذاك لا يصح إلا بالنذر، بل المراد التزام بقبول على سبيل العوض فلذلك لزم لأنه في ضمن عقد.