من ليله أصل (دخول) ولو لحاجة على الصحيح، كعيادة (في نوبة على) زوجة (أخرى ليلا) لما فيه من إبطال حق ذات النوبة. واحترز بالأول عمن عماده النهار فإن له الدخول ليلا لوضع متاع كما يفعله الأول نهارا، ولو قال وما جعلناه أصلا لا يجوز الدخول فيه على غير صاحبة النوبة لكان أشمل. (إلا لضرورة كمرضها المخوف) وشدة الطلق، وخوف النهب والحرق، وقد يخرج ما لو احتمل ذلك وأراد الدخول ليتبين حال المرض، والأصح الجواز كما نقلاه عن الغزالي.
(وحينئذ) أي حين الدخول لضرورة، (إن طال مكثه) عرفا (قضى) من نوبة الدخول عليها مثل مكثه، لأن حق الآدمي لا يسقط بالعذر. ومثلا في الروضة وأصلها طول المكث بساعة طويلة، ونقلا عن القاضي حسين تقديره بثلث الليل، ثم قالا: والصحيح أنه لا تقدير، أي فالمعتبر العرف كما مر. (وإلا) أي وإن لم يطل مكثه، (فلا) يقضي لقلته، قال الزركشي:
ويأثم إنتهى. ولا وجه لتأثيمه، لأنه دخل لضرورة، وإنما يأثم إذا تعدى بالدخول وإن لم يطل المكث كما ذكره في الروضة وأصلها.
تنبيه: قول المصنف: وحينئذ يفهم منه أنه يقضي إذا دخل بلا ضرورة وطال مكثه بطريق الأولى، ولو تعدى بالدخول قضى إن طال مكثه وإلا فلا، لكن يعصي. ولو جامع من دخل عليها في ليلة غيرها عصى، وإن قصر الزمن وكان لضرورة. قال الإمام: واللائق بالتحقيق القطع بأن الجماع لا يوصف بالتحريم، ويصرف التحريم إلى إيقاع المعصية لا إلى ما وقعت به المعصية. وحاصله أن تحريم الجماع لا لعينه، بل لأمر خارج، ويقضي المدة دون الجماع لا إن قصرت، ومحل وجوب القضاء ما إذا بقيت المظلومة في نكاحه، فلو ماتت المظلومة بسببها فلا قضاء لخلوص الحق للباقيات، فلو فارق المظلومة تعذر القضاء، ثم إن عادت بعد فراق من ظلم بها تعذر القضاء لخلوص الحق لها. ولو أخرج في الليل ظلما كرها فهل يجب عليه القضاء؟ فيه وجهان في الحاوي، قال في المطلب: والمشهور في الكتب وجوبه، وهو المنصوص، وله قضاء الفائت في أي جزء شاء من الليل. ولكن الأولى أن يكون في مثل تلك الساعة، وقيل: يجب ويعصي بطلاق من لم تستوف حقها بعد حضور وقته لتفويته حقها بعد ثبوته، وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعيا كما صرح به في أصل الروضة. قال ابن الرفعة: ويتجه أن يكون العصيان فيهما إذا طلقها بغير سؤالها وإلا فلا، فإن أعادها ولو بعقد جديد والمستوفية معه ولو بعقد بعد طلاق قضى المعادة حقها وإلا فلا، ولا يحسب مبيته مع المظلومة عن القضاء قبل عود المستوفية لذلك. (وله الدخول نهارا لوضع) أو أخذ (متاع ونحوه) كتسليم نفقة وتعريف خبر، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله (ص) يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها رواه أبو داود وقال الحاكم صحيح الاسناد. وفهم من كلامه جواز الدخول للضرورة من باب أولى. (وينبغي) إذا دخل نهارا لما ذكر، (أن لا يطول مكثه) أي يجوز له تطويل المكث، لكنه خلاف الأولى، فإن طال وجب القضاء كما في المهذب وغيره تبعا للنص. قال الشارح: ولم يذكره الشيخان مع أن المصنف قال:
(والصحيح أنه لا يقضي إذا دخل لحاجة) أي وإن طال الزمن، لأن النهار تابع مع وجود الحاجة، فيحمل كلام المهذب وغيره كما قال شيخي على ما إذا طال الزمان فوق الحاجة، وكلام المتن على ما إذا طال الزمان بالحاجة. ورأيت بعض الشراح ضعف ما في المهذب، وبعضهم ضعف ما في المتن، وحيث أمكن الجمع فهو أولى، ومقابل الصحيح يقضي إذا طال كما في الليل. واحترز بقوله: لحاجة عما إذا دخل بلا سبب، وسيأتي: (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح (أن له ما سوى وطئ من استمتاع) للحديث السابق، ولان النهار تابع. والثاني: لا يجوز. أما الوطئ فقضية كلامه أنه يحرم قطعا حيث أخرجه من محل الخلاف، وليس مرادا بل فيه وجه، وتقدم الكلام على ما يتعلق بتحريم الوطئ، وأن من عماد القسم في حقه النهار أن نهاره كليل غيره في جميع ما مر (و) الصحيح المنصوص (أنه يقضي إن دخل) نهارا