مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤
من ليله أصل (دخول) ولو لحاجة على الصحيح، كعيادة (في نوبة على) زوجة (أخرى ليلا) لما فيه من إبطال حق ذات النوبة. واحترز بالأول عمن عماده النهار فإن له الدخول ليلا لوضع متاع كما يفعله الأول نهارا، ولو قال وما جعلناه أصلا لا يجوز الدخول فيه على غير صاحبة النوبة لكان أشمل. (إلا لضرورة كمرضها المخوف) وشدة الطلق، وخوف النهب والحرق، وقد يخرج ما لو احتمل ذلك وأراد الدخول ليتبين حال المرض، والأصح الجواز كما نقلاه عن الغزالي.
(وحينئذ) أي حين الدخول لضرورة، (إن طال مكثه) عرفا (قضى) من نوبة الدخول عليها مثل مكثه، لأن حق الآدمي لا يسقط بالعذر. ومثلا في الروضة وأصلها طول المكث بساعة طويلة، ونقلا عن القاضي حسين تقديره بثلث الليل، ثم قالا: والصحيح أنه لا تقدير، أي فالمعتبر العرف كما مر. (وإلا) أي وإن لم يطل مكثه، (فلا) يقضي لقلته، قال الزركشي:
ويأثم إنتهى. ولا وجه لتأثيمه، لأنه دخل لضرورة، وإنما يأثم إذا تعدى بالدخول وإن لم يطل المكث كما ذكره في الروضة وأصلها.
تنبيه: قول المصنف: وحينئذ يفهم منه أنه يقضي إذا دخل بلا ضرورة وطال مكثه بطريق الأولى، ولو تعدى بالدخول قضى إن طال مكثه وإلا فلا، لكن يعصي. ولو جامع من دخل عليها في ليلة غيرها عصى، وإن قصر الزمن وكان لضرورة. قال الإمام: واللائق بالتحقيق القطع بأن الجماع لا يوصف بالتحريم، ويصرف التحريم إلى إيقاع المعصية لا إلى ما وقعت به المعصية. وحاصله أن تحريم الجماع لا لعينه، بل لأمر خارج، ويقضي المدة دون الجماع لا إن قصرت، ومحل وجوب القضاء ما إذا بقيت المظلومة في نكاحه، فلو ماتت المظلومة بسببها فلا قضاء لخلوص الحق للباقيات، فلو فارق المظلومة تعذر القضاء، ثم إن عادت بعد فراق من ظلم بها تعذر القضاء لخلوص الحق لها. ولو أخرج في الليل ظلما كرها فهل يجب عليه القضاء؟ فيه وجهان في الحاوي، قال في المطلب: والمشهور في الكتب وجوبه، وهو المنصوص، وله قضاء الفائت في أي جزء شاء من الليل. ولكن الأولى أن يكون في مثل تلك الساعة، وقيل: يجب ويعصي بطلاق من لم تستوف حقها بعد حضور وقته لتفويته حقها بعد ثبوته، وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعيا كما صرح به في أصل الروضة. قال ابن الرفعة: ويتجه أن يكون العصيان فيهما إذا طلقها بغير سؤالها وإلا فلا، فإن أعادها ولو بعقد جديد والمستوفية معه ولو بعقد بعد طلاق قضى المعادة حقها وإلا فلا، ولا يحسب مبيته مع المظلومة عن القضاء قبل عود المستوفية لذلك. (وله الدخول نهارا لوضع) أو أخذ (متاع ونحوه) كتسليم نفقة وتعريف خبر، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله (ص) يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها رواه أبو داود وقال الحاكم صحيح الاسناد. وفهم من كلامه جواز الدخول للضرورة من باب أولى. (وينبغي) إذا دخل نهارا لما ذكر، (أن لا يطول مكثه) أي يجوز له تطويل المكث، لكنه خلاف الأولى، فإن طال وجب القضاء كما في المهذب وغيره تبعا للنص. قال الشارح: ولم يذكره الشيخان مع أن المصنف قال:
(والصحيح أنه لا يقضي إذا دخل لحاجة) أي وإن طال الزمن، لأن النهار تابع مع وجود الحاجة، فيحمل كلام المهذب وغيره كما قال شيخي على ما إذا طال الزمان فوق الحاجة، وكلام المتن على ما إذا طال الزمان بالحاجة. ورأيت بعض الشراح ضعف ما في المهذب، وبعضهم ضعف ما في المتن، وحيث أمكن الجمع فهو أولى، ومقابل الصحيح يقضي إذا طال كما في الليل. واحترز بقوله: لحاجة عما إذا دخل بلا سبب، وسيأتي: (و) الصحيح، وعبر في الروضة بالأصح (أن له ما سوى وطئ من استمتاع) للحديث السابق، ولان النهار تابع. والثاني: لا يجوز. أما الوطئ فقضية كلامه أنه يحرم قطعا حيث أخرجه من محل الخلاف، وليس مرادا بل فيه وجه، وتقدم الكلام على ما يتعلق بتحريم الوطئ، وأن من عماد القسم في حقه النهار أن نهاره كليل غيره في جميع ما مر (و) الصحيح المنصوص (أنه يقضي إن دخل) نهارا
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460