المصنف ما يرتبط به الايجاب بالقبول دون مكان العقد، فمتى وجد الاعطاء طلقت، وإن زادت على ما ذكره لدلالة اللفظ على الزمان وعمومه في سائر الأوقات، ولو قيد في هذه بزمان أو مكان تعين: وخرج بالاثبات ما إذا بدأ بصيغة تعليق بمتى ونحوها في النفي، كقوله: متى لم تعطني كذا فأنت طالق فهو للفور، لأن متى ونحوها في النفي تقتضي الفور، وبالزوج المرأة، فإنها لو قالت: متى طلقتني فلك علي ألف اختص الجواب بمجلس التواجب. وفرق الغزالي بينهما بأن الغالب على جانبه التعليق وعلى جانبها المعاوضة. (وإن قال: إن) بكسر الهمزة، (أو إذا أعطيتني) كذا فأنت طالق، (فكذلك) أي فتعليق لا رجوع له فيه قبل الاعطاء، ولا يشترط القبول لفظا ولا الاعطاء في المجلس لأنهما من حروف التعليق كمتى.
وخرج ب إن المكسورة المفتوحة، فإن بها يقع الطلاق في الحال بائنا لأنها للتعليل، قاله الماوردي، قال: وكذلك الحكم في إذ لأنها لماضي الزمان، ولكن قياس ما رجحه المصنف في تعليق الطلاق الفرق بين النحوي وغيره كما سيأتي تحريره.
(لكن يشترط) في التعليق المذكور (إعطاء على الفور) في مجلس التواجب لأنه قضية العوض في المعاوضات، وإنما تركت هذه القضية في متى ونحوها لأنها صريحة في جواز التأخير مع كون المغلب في ذلك من جهة الزوج معنى التعليق بخلاف جانب الزوجة كما مر.
تنبيه: محل الفور في الحرة، أما إذا كانت الزوجة أمة والمشروط غير خمر، كأن قال: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، فلا يشترط الاعطاء فورا لأنها لا تقدر على الاعطاء إلا من كسبها وهو متعذر في المجلس غالبا، فإن أعطته ألفا ولو من غير كسبها ومال السيد طلقت بائنا لوجود الصفة ورد الزوج الألف لمالكها، وتعلق مهر المثل بذمتها تطالب به إذا عتقت. فإن قيل: نقل الرافعي عن البغوي أنه لو قال لزوجته الأمة: إن أعطيتيني ثوبا فأنت طالق لم تطلق إذا أعطته ثوبا لأنها لا تملكه، فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك. أجيب بأن الثوب مبهم لا يمكن تمليكه بخلاف الألف درهم مثلا فإنه يمكن تمليكها في الجملة لغيرها فقوي الابهام في الأول، وهذا أولى من تضعيف أحد الجانبين. وقضية التعليل إلحاق المبعضة والمكاتبة بالحرة وهو ظاهر، فإن كان المشروط خمرا اشترط الاعطاء فورا وإن لم تملك الخمر لأن يدها ويد الحرة عليه سواء، وقد تشتمل يدها عليه. (وإن بدأت) أي الزوجة (بطلب طلاق) سواء أكان على جهة التعليق نحو إن أو متى أو لم يكن على جهته ك طلقني على كذا، (فأجاب) الزوج قولها فورا، (فمعاوضة) من جانبها لأنها تملك البضع بما تبذله من العوض، (فيها شوب جعالة) لأنها تبذل المال في مقابلة ما يستقل به الزوج وهو الطلاق، فإذا أتى به وقع الموقع وحصل غرضها كالعامل في الجعالة، (فلها الرجوع قبل جوابه) لأن هذا حكم المعاوضات والجعالات جميعا. (ويشترط فور لجوابه) في محل التواجب في الصيغ السابقة المقتضية فورا وغيرها كالتعليق بمتى تغليبا للمعاوضة من جانبها بخلاف جانب الزوج، وقد تقدم الفرق بينهما، فإن طلق متراخيا كان مبتدئا لا يستحق عوضا ويقع الطلاق حينئذ رجعيا. نعم لو صرحت بالتراخي لم يشترط الفور كما قاله الزركشي، قال: ولم يذكروه، ونقل عن البيان أنها لو قالت: خالعتك بكذا، فقال: قبلت لم تطلق لأن الايقاع إليه.
تنبيه: سكوت المصنف عن تطابق الايجاب والقبول هنا يدل على أنه لا يشترط، وهو كذلك، فلو قالت:
طلقني بألف فطلقها بخمسمائة وقع بها على الصحيح لأنه سامح ببعض ما طلبت أن يطلقها عليه. (ولو طلبت) من الزوج (ثلاثا) يملكها عليها (بألف فطلق طلقة بثلثه فواحدة) تقع (بثلثه) تغليبا لشوب الجعالة، كما لو قال: إن رددت عبيدي الثلاث فلك ألف فرد واحدا استحق ثلث الألف، ولو طلق طلقتين استحق ثلثي الألف، ولو طلقها طلقة