الأقلون - عن القياس على المسافرة بأنها تكون بالقرعة، وهي تدفع الوحشة. وإن أقرع هنا، قال الرافعي: وجب أن يجوز، وعبر في الروضة بقوله: ينبغي القطع بالجواز، أو يحمل النص على ما إذا كان ثم عذر كما نبه على ذلك بقوله: (إلا لغرض كقرب مسكن من مضى إليها) دون الأخرى، (أو خوف عليها) لكونها جميلة مثلا دون غيرها لكونها ذميمة، أو حصل تراض أو قرعة كما مر فلا يحرم عليه ما ذكر، ويلزم من دعاها الإجابة، فإن أبت بطل حقها. (ويحرم أن يقيم بمسكن واحدة) منهن (ويدعوهن) أي من بقي منهن (إليه) لأن إتيان بيت الضرة شاق على النفس، ولا يلزمهن الإجابة، فإن أجبن فلصاحبة البيت المنع وإن كان البيت ملك الزوج، لأن حق السكنى فيه لها كما قاله ابن داود.
تنبيه: التعبير بالإقامة يقتضي الدوام، وبحث الزركشي أن الحكم كذلك ولو مكث أياما على نية الإقامة، وهو ظاهر. ولو رضين كلهن بذلك جاز، ولو قال إلا برضاهن كالتي بعدها لكان أولى. (و) يحرم (أن يجمع) ولو ليلة واحدة (بين ضرتين) فأكثر (في مسكن) أي بيت واحد لما بينهما من التباغض، (إلا برضاهما) فيجوز الجمع بينهما لأن الحق لهما، ولو رجعا بعد الرضا كان لهما ذلك.
تنبيه: التعبير بالمسكن يقتضي أنه لا يلزمه في السفر إفراد كل واحدة بخيمة ومرافق، وهو ظاهر لما في إيجاب ذلك من الضرر بالزوج، وضرر الزوجات لا يتأبد فيحتمل. وإذا رضيتا بالبيت الواحد، قال الشيخان: كره أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرى لأنه بعيد عن المروءة، وظاهره كراهة التنزيه، وبه صرح المصنف في تعليقه على التنبيه، وقضية كلام جماعة تحريم ذلك، وصرح به القاضي أبو الطيب، وصوبه الأذرعي وقال: إنه مقتضى نصه في الام، لما في ذلك من سوء العشرة وطرح الحياء اه. ويمكن الجمع بينهما بأن يكون محل التحريم إذا كانت إحداهما ترى عورة الأخرى.
ولو طلب الزوج ذلك وامتنعت لم يلزمها الإجابة، ولا تصير ناشزة بالامتناع، قاله الشيخان مع قولهما بكراهة الوطئ في هذه الحالة. وقول المصنف: ضرتين يقتضي جواز الجمع بين الزوجة والسرية، لأن الجوهري فسر الضرة بالزوجة، لكن صرح الماوردي والروياني بأنهما كالزوجتين، والمعتمد أنه يعتبر رضا الزوجة فقط، لأن السرية لا يشترط رضاها لأن له جمع إمائه بمسكن وهي أمة. ولو اشتملت دار على حجرات مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، والعلو والسفل إن تميزت المرافق مسكنان. ثم شرع في بيان زمان القسم وقدره، فقال: (وله) أي للزوج المقيم (أن يرتب القسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها) وهو أولى، وعليه التواريخ الشرعية، فإن أول الأشهر الليالي. وقضية كلامه اعتبار الليل بغروب الشمس إلى طلوع الفجر، قال ابن الرفعة: والوجه الرجوع في ذلك إلى العرف الغالب اه. وهذا هو الظاهر، فإن بعض الناس يبقى في حانوته إلى هدوة من الليل. (والأصل) في القسم من مقيم معيشته نهارا (الليل) لأنه وقت السكون، (والنهار تبع) له لأنه وقت الانتشار في طلب المعاش، قال تعالى:
* (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) *، وقال تعالى: * (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) *. (فإن عمل ليلا وسكن نهارا كحارس) ووقاد حمام، (فعكسه) فيكون النهار في حقه أصلا والليل تبع له لسكونه بالنهار ومعاشه بالليل، فلو كان يعمل تارة بالنهار وتارة بالليل لم يجز أن يقسم لواحدة ليلة تابعة ونهارا متبوعا لاخرى، عكسه على الأصح في زيادة الروضة لتفاوت الغرض. أما المسافر فعماده وقت نزوله من ليل أو نهار قل أو كثر، لأن الخلوة والسكون حينئذ. ويؤخذ من العلة ما قاله الأذرعي أنه لو لم يحصل الخلوة إلا حالة السير كأن كان بمحفة وحالة النزول يكون مع الجماعة في نحو خيمة كان عماد قسمه حالة سيره دون حالة نزوله حتى يلزمه التسوية في ذلك. (وليس للأول) أي