تنبيه: أهمل المصنف محل التسليم وهو منزل الزوج وقت العقد كما ذكره في التنبيه، فإن انتقل عن بلد العقد فزائد المؤنة عليه، فلو تزوج رجل بغزة امرأة بالشام سلمت نفسها بغزة اعتبارا بمحل العقد، فإن طلبها إلى مصر فنفقتها من الشام إلى غزة عليها، ثم من غزة إلى مصر عليه. وهل تلزمه مؤنة الطريق من الشام إلى غزة أم لا؟ قال الحناطي في فتاويه: نعم. وحكى الروياني فيه وجهين: أحدهما نعم لأنها خرجت بأمره، والثاني: لا، لأن تمكينها إنما يحصل بغزة، قال: وهذا أقيس. وأما من غزة إلى مصر فعليه. ولو طلب الزوج تسليمها فادعى الولي موتها وأنكر الزوج صدق الزوج بيمينه حتى لا يسلمه المهر، ويكلف الولي إقامة البينة بموتها، ويلزم الزوج مؤنة تجهيزها لأن الأصل بقاء الحياة. (ولو استمهلت) هي أو وليها (لتنظف ونحوه) كإزالة وسخ وشعر عانة وشعر إبط، (أمهلت) وجوبا على الأظهر ولو قبضت المهر، وقيل: قطعا، (ما يراه قاض) كيوم أو يومين سواء أكانت طاهرا أم حائضا أم نفساء. (ولا يجاوز ثلاثة أيام) بلياليها، لأن الغرض من ذلك يحصل فيها، ولأنها أقل الكثير وأكثر القليل. (لا لينقطع حيض) أو نفاس، فلا تمهل لذلك بل تسلم للزوج حائضا ونفساء لأنها محل للاستمتاع في الجملة، وإنما تعذر نوع منه كالقرناء والرتقاء، قال الغزالي: إلا إذا علمت من عادته أنه يغشاها في الحيض فلها الامتناع من مضاجعته، ولو كانت مدة الحيض لا تزيد على مدة الامهال للتنظيف ونحوه أمهلت كما قاله في التتمة. (ولا تسلم صغيرة) لا تحتمل الوطئ (ولا مريضة) ولا من بها هزال تتضرر بالوطئ معه (حتى يزول مانع وطئ) لأنه يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به.
تنبيه: شمل إطلاقه ما لو قال الزوج: سلموها لي ولا أطؤها حتى تحتمله وهو الأصح المنصوص كما قاله الأذرعي وغيره وجزم به الإمام والمتولي، وإن كان ثقة إذ لا يؤمن من هيجان الشهوة. وقال البغوي: يجاب الثقة في المريضة دون الصغيرة، وجرى عليه ابن المقري. والمراد كراهة التسليم كما صرح به في الروضة كأصلها في الصغيرة ومثلها المريضة.
ويحرم وطئ من لا تحتمل الوطئ لصغر أو جنون أو مرض أو هزال أو نحو ذلك لتضررها به، وتمهل حتى تطيق، فلو سلمت له صغيرة لا توطأ لم يلزمه تسلمها، لأنه نكح للاستمتاع لا للحضانة، وإذا تسلمها لم يلزمه تسليم المهر كالنفقة. وإن سلمه عالما بحالها أو جاهلا ففي استرداده وجهان أوجههما عدم الاسترداد كما يؤخذ من كلام الشيخين. ولو سلمت إليه المريضة أو النحيفة لم يجز له الامتناع، كما ليس له أن يخرجها من داره إذا مرضت ويجب عليه نفقتها، فإن خافت النحيفة الافضاء لو وطئت لعيالة الزوج لم يلزمها التمكين من الوطئ فيتمتع بغيره أو يطلق ولا فسخ له بذلك، بخلاف الرتق أو القرن فإنه يمنع الوطئ، مطلقا، والنحافة لا تمنع وطئ نحيف مثلها، وليست بعيب أيضا، نعم إن أفضاها كل أحد فله الفسخ لأنه حينئذ كالرتق. ومن أفضى امرأة بوطئ امتنع عليه العود حتى تبرأ، فإن ادعى الزوج البرء وأنكرت أو قال ولي الصغيرة لا تحتمل الوطئ وأنكر الزوج عرضت على أربع نسوة ثقات فيهما. أو رجلين محرمين للصغيرة، أو ممسوحين.
ولو ادعت النحيفة بقاء ألم بعد الاندمال وأنكر الزوج صدقت بيمينها، لأنه لا يعرف إلا منها. (ويستقر المهر) على الزوج (بوطئ) ولو في الدبر بتغييب حشفة أو قدرها من مقطوعها سواء أوجب بنكاح أو فرض كما في المفوضة، (وإن حرم) الوطئ (كحائض) لاستيفاء مقابله. والقول قول الزوج في الوطئ بيمينه. فإن قيل: لا بد في الاستقرار مع الوطئ من قبض العين، لأن المشهور أن الصداق قبل القبض مضمون ضمان عقد كالمبيع، فكما قالوا: إن المبيع قبل القبض غير مستقر وإن كان الثمن قد قبض، فكذلك الصداق. أجيب بأن المراد بالاستقرار هنا الامن من سقوط كل المهر أو بعضه بالتشطير، وفي البيع الامن من الانفساخ، والمبيع إذا تلف قبل القبض انفسخ البيع، والصداق المعين إذا تلف قبل القبض لم يسقط المهر، بل يجب بدل البضع، وهو مهر المثل على ضمان العقد وبدل العين على ضمان اليد، فافترق البابان وشمل المهر المسمى ومهر المثل، لكن يشترط لتقرير المسمى بالوطئ أن لا يحصل انفساخ النكاح بسبب سابق على الوطئ، فلو فسخ بعيب سابق على الوطئ سقط ووجب مهر المثل.