لا يسقط المهر لأنها ليست المستحقة له، وفي وجه: أن قتل الأجنبي أو موتها يسقط المهر كفوات مبيع قبل القبض بناء على أن السيد يزوج بالملك، ولو قتل الحرة الزوج أو أجنبي لم يسقط قطعا.
فرع: لو قتلت الحرة زوجها قبل الدخول هل يستقر مهرها أو يسقط؟ نقل عن بعض شراح مختصر المزني السقوط، وجزم به في الأنوار، واعتمده شيخي. وتوجيهه ربما يؤخذ من تعليل قتل الأمة ومن فسخ الحرة بعيب زوجها قبل الدخول أو بعقد صحيح، وعلى هذا يكون مستثنى من قول المصنف في الباب الآتي: إن موت أحد الزوجين يقرر المهر كما استثنى منه قتل الأمة. (ولو باع) السيد أمة له (مزوجة) قبل دخول أو بعده، (فالمهر) المسمى أو بدله إن كان فاسدا بعد الوطئ (للبائع) لوجوبه بالعقد الواقع في ملكه. أما إذا وجب في ملك المشتري فهو له بأن كان النكاح تفويضا أو فاسدا ووقع الوطئ فيهما، أو الفرض أو الموت في الأولى بعد البيع والمنفعة الواجبة بالفراق للمشتري لوجوبها في ملكه. (فإن طلقت) غير المفوضة بعد بيعها (قبل دخول) بها، (فنصفه له) أي البائع لما مر، وهذه المسألة مستفادة مما قبلها، (ولو زوج) سيد (أمته بعبده) ولم يكن مكاتبا ولا مبعضا، (لم يجب مهر) ولا نصفه كما قاله الماوردي، لأن السيد لا يثبت له على عبده دين، بدليل ما لو أتلف ماله فإنه لا ضمان عليه في الحال ولا بعد العتق. وهل وجب المهر ثم سقط أو لم يجب أصلا؟
ظاهر كلام المصنف الثاني، وجرى عليه في المطلب. وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا زوجه بها وفوض بضعها ثم وطئها بعد ما أعتقه، فإن قلنا بعدم الوجوب فلا شئ للسيد عليه، وإن قلنا بالوجوب وجب للسيد عليه مهر المثل لأنه وجب بالوطئ وهو حر، ولو زوج أمته بعبد غيره ثم اشتراه قبل أن يقبض مهرها منه، قال الماوردي: فإن كان بيد العبد من كسبه بعد النكاح شئ فهو للمشتري يأخذه من المهر وليس للبائع فيه حق، وإن لم يكن فلا يطالبه بشئ لأنه صار عبده.
وهل هذا الشراء أسقط المهر أو منع من المطالبة مع بقاء المهر فيه؟ وجهان، أوجههما الثاني، وتظهر فائدتهما فيما لو أعتق العبد أو باعه هل يطالب أولا؟ أما المكاتب فكالأجنبي، وأما المبعض فالظاهر كما قاله الزركشي تبعا للأذرعي أنه يجب عليه بقسط ما فيه من الحرية.
تنبيه: قول المصنف: بعبده لغة تميم، واللغة الفصحى: زوج أمته عبده بغير باء، نبه عليه المصنف في تحرير التنبيه.
خاتمة: قد يخلو النكاح عن المهر أيضا في صور: منها السفيه إذا نكح فاسدا ووطئ. ومنها إذا وطئت المفوضة في الكفر واعتقدوا أن لا مهر ثم أسلموا. ومنها إذا وطئ العبد سيدته أو أمة سيده بشبهة. ومنها إذا وطئ المرتهن الأمة المرهونة بإذن الراهن مع الجهل بالتحريم وطاوعته، وقياسه يأتي في عامل الفرائض والمستأجر ونحوهما.
ومنها إذا وطئت حرية بشبهة فإنه لا يضمن بضعها كما لا يضمن ما لها، ومنها إذا وطئ مرتدة بشبهة وماتت على الردة.
ومنها إذا وطئ السيد أمته غير المكاتبة أو الزوج زوجته بعد الوطأة الأولى، إذ هي المقابلة بالمهر على الأصح . ومنها إذا وطئ ميتة بشبهة. ومنها إذا استرق الكافر حرا مسلما وجعله صداقا لامرأته وأقبضها إياه ثم أسلما على ما مر فيه. ومنها ما لو أعتق المريض أمة هي ثلث ماله ثم نكحها بمسمى، فينعقد النكاح بلا مهر إن لم يجر دخول لأن وجوبه يثبت على الميت دينا يرق به بعضها لعدم خروجها من الثلث فيبطل النكاح والمهر، فإثباته يؤدي إلى إسقاطه فيسقط، أما إذا دخل بها فينظر، فإن عفت عن المهر سقط وإن لم تعف عنه بطل العتق في البعض وتبين بطلان النكاح واستحقت من المهر بقسط ما عتق منها، ويستخرج ذلك بطريق الجبر والمقابلة، فيقال: فيما لو كانت قيمتها مائة ومهرها خمسين عتق منها شئ وبالمهر لها نصف شئ لأن نصف قيمتها يبقى للورثة ثلاثمائة إلا شيئا ونصف شئ يعدلان شيئين، وهما مثلا ما فات بالعتق، فبعد الجبر ثلاثمائة تعدل ثلاثة أشياء ونصف شئ فإنه يعدل شيئا وسدس شئ تبسطها أسداسا وتقلب الاسم، فالشئ ستة والمائة سبعة، فالشئ ستة أسباع الأمة، ذكره في أصل الروضة في باب الوصية.