المصنف عكس الأمة المستأجرة للخدمة فإنه يلزم سيدها تسليمها للمستأجر نهارا أو ليلا إلى وقت الفراغ من الخدمة عادة ليستوفي منفعتها الأخرى، والمستأجرة للارضاع يلزمه تسليمها ليلا ونهارا.
تنبيه: اقتضى كلام المصنف أمرين: أحدهما: أنه لو أراد السيد تسليمها نهارا بدلا عن الليل لم يكن له رد. وبه صرح في الروضة كأصلها، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن تكون حرفة الزوج نهارا أو ليلا. قال الأذرعي: وقد يقال يلزمه الإجابة في الشق الثاني لأن نهاره كليل غيره، فامتناعه عناد. الأمر الثاني: أن يسلمها من الغروب، ونقل ابن الرفعة عن نص البويطي: أنه بعد الثلث الأول، وقال القاضي في كتاب النفقات وابن الصباغ هنا: يسلمها إذا فرغت من الخدمة بحكم العادة، وهو كما قال السبكي حسن ينبغي أن يحمل عليه كلام من أطلق. (ولا نفقة على الزوج حينئذ) أي وقت تسليمها ليلا فقط، (في الأصح) لعدم التمكين التام. والثاني: تجب لوجوب التسليم الواجب. والثالث: يجب شطرها توزيعا لها على الزمان.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أمرين: أحدهما: أنه لو سامح وسلمها إليه ليلا ونهارا أنه يجب جميع النفقة وهو كذلك. الأمر الثاني: أنه يجب على الزوج تسليم المهر بتسليمها ليلا فقط، وهو الأصح في زيادة الروضة، لأن التسليم الذي يتمكن معه في الوطئ قد حصل. (ولو أخلى) سيدها (في داره بيتا) لها (وقال للزوج تخلو بها فيه) ولا أخرجها من داري، (يلزمه إجابته) (في الأصح) لأن الحياء والمروءة يمنعانه من دخولها، ولو فعل ذلك لم تلزمه نفقة بلا خلاف. والثاني: يجاب السيد جمعا بين الحقين من إدامة يد السيد وتمكين الزوج. (وللسيد السفر بها) حيث لا يخلو بها وإن منع الزوج من التمتع بها لأنه مالك الرقبة والمنفعة فيقدم حقه. نعم إن كانت الأمة مكتراة أو مرهونة أو مكاتبة كتابة صحيحة لم يجز لسيدها أن يسافر بها إلا برضا المكتري والمرتهن، والمكاتبة والجانية المتعلق برقبتها مال كالمرهونة كما قاله الأذرعي إلا أن يلتزم السيد الفداء.
تنبيه: أفهم كلامه أنه ليس للزوج أن يسافر بها منفردا إلا بإذن السيد، وهو كذلك لما فيه من الحيلولة القوية بينها وبين سيدها. (وللزوج صحبتها) ليستمتع بها في وقت الاستمتاع، وليس للسيد منعه من السفر صحبتها ولا إلزامه به، فإن لم يصحبها لم يلزمه نفقتها جزما. وأما المهر فإن كان بعد الدخول استقر وعليه تسليمه وإلا لم يلزمه، وله استرداده إن كان قد سلمه، ومحل ذلك كما قاله بعض المتأخرين إذا سلمه ظانا وجوب التسليم عليه، فإن تبرع به لم يسترد كما في نظائره. (والمذهب أن السيد لو قتلها) أي أمته ولو خطأ، أو زوجها لولده ثم قتلها قبل الدخول كما قاله البغوي، (أو قتلت نفسها) هو مزيد على المحرر، أو ارتدت أو قتلت زوجها (قبل دخول سقط مهرها) الواجب لها على النص، لتفويته محله قبل تسليمه وتفويتها كتفويته. (و) المذهب المنصوص (أن الحرة لو قتلت نفسها) أو ماتت قبل دخول لا يسقط مهرها، (أو قتل الأمة أجنبي أو ماتت) قبل دخول (فلا) يسقط مهرها. وقاس المصنف ما ذكره بقوله: (كما لو هلكتا) أي الحرة والأمة، (بعد دخول) فإن المهر لا يسقط جزما كما في المحرر، واستغنى المصنف عن التصريح به لأن المقيس عليه لا يكون إلا مجزوما به في الغالب. وما ذكره في قتل الحرة هو المنصوص فيها عكس المنصوص السابق في قتل السيد أمته، وفرق بأن الحرة كالمسلمة إلى الزوج بالعقد، إذ له منعها من السفر بخلاف الأمة. وأيضا الحرة إذا قتلت نفسها غنم زوجها من ميراثها، فجاز أن يغرم مهرها بخلاف الأمة. وأيضا الغرض من نكاح الحرة الألفة والمواصلة دون الوطئ وقد وجدا بالعقد. والغرض من نكاح الأمة الوطئ، ولهذا يشترط فيه خوف العنت، وذلك غير حاصل قبل الدخول. وللأصحاب في المسألة طريقان: أشهرهما: في كل قولان بالنقل والتخريج، أرجحهما المنصوص فيهما. والطريق الثاني: القطع بالمنصوص فيهما. وفي وجه: أن قتل الأمة نفسها