لاختلاف الأغراض باختلاف الأزواج، وليس للوكيل شفقة تدعوه إلى حسن الاختيار. وأجاب الأول بأن شفقة الولي تدعوه إلى أنه لا يوكل إلا من يثق بنظره واختياره. (ويحتاط) حتما (الوكيل) عند الاطلاق، (فلا يزوج غير كفء) لأن الاطلاق مقيد بالكفء، ولا كفء مع طلب أكفأ منه، فإن زوج به لم يصح. (وغير المجبر) لكونه غير أب أو جد أو لكونها ثيبا (إن قالت له: وكل، وكل) يتناول كلامه ثلاث صور: الأولى: قالت له: زوج ووكل فله الأمران جزما.
الثانية: قالت: وكل وسكتت عن التزويج إلى التوكيل جزما، وظاهره أنه لا يزوج بنفسه وليس مرادا، بل له ذلك.
الثالثة: أذنت له في التوكيل ونهته عن التزويج بنفسه، ظاهره صحة الاذن، وليس مرادا بل الاذن باطل، لأنها منعت الولي وردت التزويج إلى التوكيل الأجنبي فأشبه التفويض إليه ابتداء. (وإن) أذنت له في التزويج (ونهته) عن التوكيل (فلا) يوكل، ونفى الإمام والبغوي الخلاف فيه عملا بإذنها لأنها إنما تزوج بالاذن ولم تأذن في تزويج الوكيل بل نهت عنه. (وإن قالت) له (زوجني) ساكتة عن التوكيل والنهي عنه، (فله التوكيل في الأصح) لأنه بالاذن متصرف بالولاية فأشبه الوصي والقيم وهما يتمكنان من التوكيل بغير إذن، بل هو أولى منهما لأنهما نائبان وهو ولايته أصلية بالشرع، وإذنها في التزويج شرط في صحة تصرفه وقد حصل والثاني: لا، لأنه يتصرف بالاذن فلا يوكل إلا بإذن كالوكيل. وعلى الأول لا يشترط تعيين الزوج للوكيل، فإن عينت في أذنها للولي شخصا وجب تعيينه للوكيل في التوكيل وإلا لم يصح النكاح وإن زوجها الوكيل من المعين اتفاقا، لأن التفويض المطلق مع أن المطلوب معين فاسد، وهذا كما لو قال ولي الطفل للوكيل: بع ماله بدون ثمن المثل فباعه الوكيل بثمن المثل فإنه لا يصح لفساد صيغة التفويض. (ولو وكل) غير المجبر (قبل استئذانها في النكاح لم يصح) التوكيل (على الصحيح) المنصوص، لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ فكيف يوكل غيره. والثاني: يصح، لأنه يلي تزويجها بشرط الاذن، فله تفويض ما له لغيره.
تنبيه: كان الأولى أن يقول: قبل إذنها، لأن استئذانها بغير إذنها لا عبرة به، وقد يفهم كلامه أنها لو أذنت له ولم يعلم فوكل أنه لا يصح، وينبغي كما قال الزركشي الصحة، كما لو تصرف الفضولي وكان وكيلا في نفس الامر، ولو لم يكن لها ولي سوى الحاكم وأمر رجلا بتزويجها قبل أن تأذن له في تزويجها فزوجها بإذنها صح، بناء على أن استنابة الحاكم في شغل معين كتحليف وسماع شهادة تجري مجرى الاستخلاف، ولو قالت للقاضي: أذنت لأخي أن يزوجني، فإن عضل فزوجني هل يصح الاذن أو لا؟ الظاهر كما قاله الزركشي البطلان، ولو وكل المجبر رجلا ثم زالت البكارة بوطئ قبل التزويج هل تبطل الوكالة أو لا لكن لا يزوج إلا بإذن؟ الأوجه الأول. ولو قال لوكيله في النكاح: تزوج لي فلانة من فلان وكان فلان وليها لفسق أبيها ثم انتقلت الولاية للأب، أو قال له: زوجنيها من أبيها فمات الأب وانتقلت الولاية للأخ مثلا، هل للوكيل تزويجها ممن صار وليا؟ الظاهر كما قال الزركشي المنع. (وليقل وكيل الولي) للزوج: (زوجتك بنت فلان) أي زيد مثلا، فيقبل.
تنبيه: قضية قوله: بنت فلأن جواز الاقتصار على اسم الأب، ومحله إن كانت مميزة بذكر الأب وإلا فلا بد أن يذكر صفتها ويرفع نسبها إلى أن ينتفي الاشتراك كما يؤخذ من كلام الجرجاني. (وليقل الولي لوكيل الزوج: زوجت بنتي فلانا) أي موكله، (فيقول وكيله: قبلت نكاحها له) فإن ترك لفظة له لم يصح العقد كما لو قال الزوج قبلت ولم يقل نكاحها أو تزويجها، ومع ذلك فمحل الاكتفاء بما ذكر في الأولى إذا علم الشهود والزوج الوكالة، وفي الثانية إذا