علمها الشهود والولي، وإلا فيحتاج الوكيل إلى التصريح فيهما.
تنبيه: قد يفهم قول المصنف: فيقول أنه لا يجوز تقديم القبول على الايجاب، كقول وكيل الزوج: قبلت نكاح فلانة منك لفلان فيقول الولي: زوجتها له؟ وليس مرادا، فإن الذي جزم به في الروضة الجواز وسيأتي ما يدل عليه.
فروع: لو قال الولي لوكيل الزوج: زوجتك بنتي فقال: قبلت نكاحها لموكلي لم يصح العقد لعدم التوافق، فإن قال: قبلت نكاحها وسكت انعقد له. ولا يقع العقد للموكل بالنية بخلاف البيع، لأن الزوجين هنا بمثابة الثمن والمثمن في البيع، فلا بد من ذكرهما، ولان البيع يرد على المال وهو يقبل النقل من شخص إلى آخر فيجوز أن يقع للوكيل ثم ينتقل للموكل والنكاح يرد على البضع وهو لا يقبل النقل. وإنكار الموكل في نكاحه للوكالة يبطل النكاح بالكلية بخلاف البيع لوقوعه للوكيل كما مر في كتاب الوكالة. وليقل وكيل الولي لوكيل الزوج: زوجت فلانة فلانا فيقول وكيل الزوج: قبلت نكاحها له، ولو قال وكيل الزوج: قبلت نكاح فلانة منك لفلان، فقال وكيل الولي: زوجتها فلانا صح، لأن تقديم القبول على الايجاب جائز كما مر، فإن اقتصر وكيل الولي على قوله: زوجتها لم يصح كما لو تقدم على القبول، ولو أراد الأب أن يقبل النكاح لابنه بالولاية فليقل له الولي: زوجت فلانة بابنك، فيقول الأب: قبلت نكاحها لابني. ولا يشترط في التوكيل بقبول النكاح أو إيجابه ذكر المهر، فإن لم يذكره الزوج فيعقد له وكيله على من يكافئه بمهر المثل فما دونه، فإن عقد بما فوقه صح بمهر المثل قياسا على نظيره في الخلع خلافا لما في الأنوار من جزمه بعدم الصحة. وإن عقل وكيل الولي بدون ما قدر له الولي صح بمهر المثل، خلافا لما جرى عليه ابن المقري من عدم الصحة. وإن عقد وكيل الزوج بأكثر مما أذن له فيه الزوج صح بمهر المثل على المذهب المنصوص كما قاله الزركشي، خلافا لما في الأنوار من الجزم بعدم الصحة.
ولو قال الولي للوكيل: زوجها بشرط رهن أو ضمين بالمهر فلم يمتثل لم ينعقد تزويجه، بخلاف ما لو قال: زوجها بكذا وخذ به رهنا أو كفيلا فزوجها ولم يمتثل فإن العقد يصح كما في البيع فيهما. ولو وكله أو يزوجه امرأة ولم يعين المرأة لم يصح التوكيل كما في الوكالة بشراء عبد لم يصفه بل أولى، بخلاف ما لو قال: زوجني من شئت فيصح لأنه عام. وما ذكر مطلق ودلالة العام على إفراده ظاهرة، بخلاف المطلق لا دلالة له على فرد، وبخلاف ما لو وكلت المرأة أو الولي فإنه لا يشترط تعيين الزوج كما مر في إلزام الزوج من الحقوق ولا كذلك هي. ولو قال شخص لآخر: زوجني فلانة بعبدك هذا مثلا ففعل صلح وملكته المرأة في أحد وجهين رجحه الأذرعي، وهو قرض في أحد وجهين رجحه الأذرعي أيضا. (ويلزم المجبر) وهو الأب أو الجد، بنصب المجبر مفعولا مقدما، (تزويج) بالرفع على أنه فاعل مؤخر، (مجنونة) أطبق جنونها (بالغة) محتاجة ولو ثيبا، لاكتسابها المهر والنفقة، وربما كان جنونها لشدة الشبق. (ومجنون) بالغ أطبق جنونه و (ظهرت حاجته) للنكاح بظهور رغبته فيه، إما بدورانه حول النساء وتعلقه بهن أو بتوقع شفائه بالوطئ بقول عدلين من الأطباء لظهور المصلحة المترتبة على ذلك، فإن تقطع جنونهما لم يزوجها حتى يفيقا ويأذنا، ومعلوم أن ذلك في غير البكر، ويشترط وقوع العقد في حال الإفاقة.
تنبيه: لو قال المصنف: يزوجان بكبر لحاجة لكان أولى، إذ لا فرق بينهما. وقول الشارح: والحكمة في المخالفة بينهما، أن تزويجها يفيدها المهر والنفقة وتزويجه يغرمه إياهما بحسب ما فهمه، إذ وجود الحاجة كاف فيهما، ولذا عبر شيخنا في منهجه بما قلته واعتذر عن المصنف بأن البلوغ مظنة الاحتياج إلى النكاح، ولهذا لم يقيد المجنون بالبلوغ لدلالة الحاجة عليه. وقيل: إن ذلك مشتمل على النوع المسمى في البديع بالاحتباك، وهو أن يحذف من أول الكلام ما أثبت آخره وعكسه، فحذف ظهور الحاجة في المجنونة وأثبت البلوغ فيها وحذف البلوغ في المجنون وذكر الحاجة فيه، فهو نظير قوله تعالى: * (فئة تقاتل في سبيل الله) *، أي مؤمنة، * (وأخرى كافرة) * أي تقاتل في سبيل الشيطان. ولا يخالف هذا قول المصنف الآتي: ويزوج المجنونة أب وجد إن ظهرت مصلحة، ولا تشترط الحاجة لأن ذلك في جواز التزويج له وهذا في لزومه ولو احتاج مجنون لمن يخدمه وليس في محارمه من يقوم بخدمة ومؤن النكاح أخف من شراء أمة ومؤنتها فإنه يزوج،