من التمكين.
تنبيه: هذا كله إذا لم يخف فتنة، فإن خافها لم ينظر إلا إن تعين عليه فينظر ويضبط نفسه، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذلك في كتاب الشهادات. وقوله: (وتعليم) مزيد على الروضة وأصلها بل على غالب كتب المذهب. قال السبكي: كشفت عن هذه المسألة كتب المذهب، وعد منها اثني عشر مصنفا فلم أجدها. وإنما يظهر فيما يجب تعلمه وتعليمه كالفاتحة وما يتعين تعليمه من الصنائع المحتاج إليها بشرط التعذر من وراء حجاب، وأما غير ذلك فكلامهم يقتضي المنع، ومنهم المصنف حيث قال في الصداق: ولو أصدقها تعليم قرآن وطلق قبله فالأصح تعذر تعليمه اه. وقال الشارح: وهو، أي التعليم للأمرد خاصة لما سيأتي اه. ويشير بذلك إلى مسألة الصداق. والمعتمد أنه يجوز النظر للتعليم للأمرد وغيره، واجبا كان أو مندوبا، وإنما منع من تعليم الزوجة لأن كلا من الزوجين تعلقت آماله بالآخر، فصار لكل منهما طمعة في الآخر، فمنع عن ذلك. (ونحوها) أي المذكورات، كجارية يريد الرجل شراءها أو عبد تريد المرأة شراءه، وكالحاكم يحلف المرأة ويحكم عليها كما قاله الجرجاني. قال الأذرعي: وقياسه جوازه عند الحكم لها اه. وهو ظاهر، وإنما ينظر في جميع ما تقدم (بقدر الحاجة، والله أعلم) لأن ما جاز للضرورة يقدر بقدرها، فينظر في المعاملة إلى الوجه فقط كما جزم به الماوردي وغيره، وفيما إذا اشترى جارية أو اشترت عبدا ما عدا ما بين السرة والركبة. قال الماوردي: ولا يزاد على النظرة الواحدة إلا إن يحتاج إلى ثانية للتحقق فيجوز. وقضية هذا أنه إذا عرفها بالنظر إلى بعض وجهها لم يكن له أن يستوعب جميع وجهها، وهو ما قاله الماوردي وغيره، وإن قال في البحر أنه يستوعبه.
تنبيه: كل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا. كشعر عانة ولو من رجل، وقلامة ظفر حرة ولو من يديها. وتجب مواراته على ما اقتضاه كلام القاضي لئلا ينظر إليه أحد، واستبعد الأذرعي الوجوب، قال: والاجماع الفعلي في الحمامات على طرح ما تناثر من امتشاط شعور النساء، وحلق عانات الرجال اه، وليس في كلام الشيخين ما يدل على الوجوب، فالأوجه ما قاله الأذرعي. وأما إذا أبين شعر من رأس أمة أو شئ من ظفرها فهو مبني على حل نظره قبل انفصاله، وقد تقدم الخلاف في ذلك. (وللزوج النظر إلى كل بدنها) أي زوجته في حال حياتها كعكسه، ولو إلى الفرج ظاهرا وباطنا لأنه محل تمتعه، ولكن يكره لكل منهما نظر الفرج من الآخر، ومن نفسه بلا حاجة، وإلى باطنه أشد كراهة. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: ما رأيت منه ولا أرى مني، أي الفرج. وأما خبر: النظر إلى الفرج يورث الطمس أي العمى كما ورد كذلك، فرواه ابن حبان وغيره في الضعفاء، بل ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وخالفه ابن الصلاح وحسن إسناده وقال: أخطأ من ذكره في الموضوعات. ومع ذلك هو محمول على الكراهة كما قاله الرافعي. وخص الفارقي الخلاف بغير حالة الجماع، وجرى عليه الزركشي والدميري، وهو ممنوع، فإن الحديث المذكور مصرح بحالة الجماع واختلفوا في قوله: يورث العمى، فقيل: في الناظر، وقيل: في الولد، وقيل في القلب. وشمل كلامهم الدبر، وقول الإمام، والتلذذ بالدبر بلا إيلاج جائز صريح فيه، وهو المعتمد كما مرت الإشارة إليه وإن خالف في ذلك الدارمي وقال بحرمة النظر إليه. ويستثنى زوجته المعتدة عن وطئ الغير بشبهة، فإنه يحرم عليه نظر ما بين السرة والركبة ويحل ما سواه على الصحيح. قال السبكي: والخلاف الذي في النظر إلى الفرج لا يجري في مسه لانتفاء العلة، هذا هو الظاهر وإن لم يصرحوا به. وقال: سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن مس الرجل فرج زوجته وعكسه، فقال: لا بأس به، وأرجو أن يعظم أجرهما. قال الزركشي: ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة زوجها إذا منعها منه، بخلاف العكس لأنه يملك التمتع بها بخلاف العكس اه. وهذا ظاهر وإن توقف فيه بعض المتأخرين. أما نظر كل منهما إلى الآخر بعد الموت فهو كالمحرم كما في المجموع، وقد مرت الإشارة إليه في كتاب الجنائز. والأمة كالزوجة في النظر، فلكل منهما ومن سيدها أن ينظر إلى الآخر ولو إلى الفرج مع الكراهة لا المحرمة عليه بكتابة وتزويج