في النكاح، كأريد أن أنكحك وإذا انقضت عدتك نكحتك. وذلك لأنه إذا صرح تحققت رغبته فيها فربما تكذب في انقضاء العدة. (ولا) يحل (تعريض لرجعية) لأنها زوجة أو في معنى الزوجة، ولأنها مجفوة بالطلاق فقد تكذب انتقاما. والتعريض ما يحتمل الرغبة في النكاح وعدمها، كقوله: أنت جميلة، ورب راغب فيك، ومن يجد مثلك، ولست بمرغوب عنك.
والتعريض مأخوذ من عرض الشئ، وهو جانبه، لأنه يظهر بعض ما يريده، وفهم منه منع التصريح بطريق الأولى.
(ويحل تعريض في عدة وفاة) ولو حاملا للآية السابقة، والمواعدة فيها سرا كالخطبة على الصحيح. وقال الشافعي: ولم يرد بالسر ضد الجهر، وإنما أراد الجماع، وكذا قال ابن عباس. وأنشدوا:
ألا زعمت بساسة اليوم أنني * كبرت وأن لا يشهد السر أمثالي (وكذا) يحل تعريض (لبائن) بفسخ أو ردة أو طلاق، (في الأظهر) لعموم الآية ولانقطاع سلطنة الزوج عنها. والثاني:
المنع، لأن لصاحب العدة أن ينكحها فأشبهت الرجعية.
تنبيه: هذا كله في غير صاحب العدة الذي يحل له نكاحها فيها، أما هو فيحل له التعريض والتصريح. وأما من لا يحل له نكاحه فيها كما لو طلقها بائنا أو رجعيا فوطئها أجنبي بشبهة في العدة فحملت منه فإن عدة الحمل تقدم، فلا يحل لصاحب عدة الشبهة أن يخطبها لأنه لا يجوز له العقد عليها حينئذ كما سيأتي إيضاح ذلك في العدد إن شاء الله تعالى. وحكم جواب المرأة في الصور المذكورة تصريحا وتعريضا حكم للخطبة فيما تقدم. وهل خطبة من يمتنع نكاحها في الحال كالثيب الصغيرة العاقلة والبكر فاقدة المجبر جائزة أو لا؟ بحث الزركشي الأول وبحث غيره المنع من التصريح، والأوجه أن يقال إن هذه الخطبة غير معتد بها لعدم المجيب. ويكره التعريض بالجماع لمخطوبته لقبحه، وقد يحرم بأن يتضمن التصريح بذكر الجماع، كقوله:
أنا قادر على جماعك أو لعل الله يرزقك من يجامعك. ولا يكره التصريح به لزوجته وأمته لأنهما محل تمتعه. (وتحرم خطبة على خطبة من صرح بإجابته) ولو بنائبه، (إلا بإذنه) مع ظهور الرضا بالترك لا لرغبة حياة ونحوه، لخبر: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب رواه الشيخان، واللفظ للبخاري. والمعنى فيه ما فيه من الايذاء والتقاطع، سواء أكان الأول مسلما أم لا، محرما أو لا. وذكر الأخ في الخبر جرى على الغالب، ولأنه أسرع امتثالا، نعم يشترط في الكافر أن يكون محترما. وإعراض المجيب كإعراض الخاطب، وكذا لو طال الزمان بعد إجابته بحيث يعد معرضا كما نقله الإمام عن الأصحاب، أو نكح من يحرم الجمع بينها وبين المخطوبة، وسكوت البكر غير المجبرة ملحق بالصريح كما نص عليه في الأم، والمعتبر في التحريم أن تكون الإجابة من المرأة إن كانت معتبرة الاذن، ومن وليها إن كانت غير معتبرته، ومنها مع الولي إن كان الخاطب غير كفء، ومن السلطان إن كانت مجنونة بالغة فاقدة الأب والجد، ومن السيد إن كانت أمة غير مكاتبة كتابة صحيحة، ومن السيد مع المكاتبة المذكورة، ومن المبعضة مع سيدها إن كانت غير مجبرة، ومن السيد مع وليها إن كانت مجبرة، وشرط التحريم عليه أن يكون عالما بالخطبة والإجابة وحرمة الخطبة على خطبة من ذكر، وأن تكون الخطبة الأولى جائزة فلو رد الخاطب الأول أو أجيب بالتعريض كلا رغبة عنك أو بالتصريح ولو لم يعلم الثاني بها أو بالحرمة أو علم بها ولم يعلم كونها بالصريح أو علم كونها به وحصل إعراض ممن ذكر أو كانت الخطبة الأولى محرمة كأن خطب في عدة غيره لم تحرم خطبته. ولو خطب رجل خمسا ولو بالترتيب وصرح له بالإجابة حرمت خطبة كل منهن حتى يعقد على أربع منهن أو يتركهن أو بعضهن، لأنه قد يرغب في الخامسة. قال الأسنوي:
ولو أذنت لوليها أن يزوجها بمن شاء صح، وحل لكل أحد خطبتها على خطبة غيره، نص عليه كما حكاه في البحر. قال شيخي: وهو الذي قاله الأسنوي بحسب ما فهمه، والذي في البحر أنه يحل لكل أحد أن يخطبها قبل أن يخطبها أحد اه.
وعلى هذا لا خصوصية لهذه. (فإن لم يجب ولم يرد) بأن سكت عن التصريح للخاطب بإجابة أورد والساكت غير بكر يكفي