وفساد الصيغة. فإن قيل: يتصور الاذن من الزوجة المدخول بها، ولا يمكن تصوره في البكر لأجل قوله: واعتدت.
أجيب بتصوره فيما إذا وطئت في الدبر أو استدخلت ماءه، وفي المجنونة أو في العاقلة إذا أذنت له إن طلقت واعتدت أن يزوجها، كما أشار إلى صحة هذا الاذن البغوي في فتاويه كما نقله الشيخان عنه وأقراه، وكلام الروضة هنا يفهمه، فيما لو قال الولي للوكيل: أذنت لك في تزويجها إذا انقضت عدتها. لكن الراجح في كتاب الوكالة خلافة، وهو الأوجه.
تنبيه: لو حذف المصنف لفظة: واعتدت كما في المحرر لصح تصوير المسألة في بكر. واحترز بقوله: بشر بولد، فقال إن كان أنثى الخ عما لو أخبر بحدوث بنت له أو بموت إحدى نساء زيد مثلا فصدق المخبر ثم قال لزيد في الثانية ولغيره في الأولى: إن صدق المخبر فقد زوجتكها، فإنه يصح، وليس بتعليق، بل هو تحقيق كقوله: إن كنت زوجتي فأنت طالق، وتكون إن بمعنى إذا، كقوله تعالى: * (وخافون إن كنتم مؤمنين) * كذا نقله الشيخان، ثم قالا: ويجب فرضه فيما إذا تيقن صدق المخبر وإلا فلفظ إن للتعليق، وتوقف في ذلك السبكي. قال البلقيني ومحل كون التعليق مانعا إذا كان ليس مقتضى الاطلاق وإلا فينعقد، فلو قال الولي: زوجتك بنتي إن كانت حية، والصورة أنها كانت غائبة وتحدث بمرضها أو ذكر موتها أو قتلها ولم يثبت ذلك، فإن هذا التعليق يصح معه العقد، وبسط ذلك.
والظاهر أن هذا داخل في كلام الأصحاب، فإنه لم يخرج عن كونه تعليقا. (و) يشترط كون النكاح مطلقا، وحينئذ (لا) يصح (توقيته) بمدة معلومة كشهر، أو مجهولة كقدوم زيد، وهو نكاح المتعة المنهي عنه، وكان جائزا في أول الاسلام رخصة للمضطر كأكل الميتة، ثم حرم عام خبير ثم رخص فيه عام الفتح، وقيل: عام حجة الوداع، ثم حرم أبدا. وإليه يشير قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: لا أعلم شيئا حرم ثم أبيح ثم حرم إلا المتعة. وأما قول الحافظ المنذري: إن القبلة نسخت مرتين أيضا، ولحوم الحمر الأهلية أيضا حرمت مرتين، فلعله لم يثبت عند الشافعي.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يذهب إلى جوازها، وروى البيهقي أنه رجع عنها. ويرد تجويزها ما في الصحيحين أن النبي (ص) قال: كنت قد أذنت في الاستمتاع بهذه النسوة، ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.
تنبيه: استثنى البلقيني من بطلان النكاح ما إذا نكحها مدة عمره أو مدة عمرها، قال: فإن النكاح المطلق لا يزيد على ذلك والتصريح بمقتضى الاطلاق لا يضر، فينبغي أن يصح النكاح في هاتين الصورتين، قال: وفي نص الأم ما يشهد له وتبعه على ذلك بعض المتأخرين، وهذا ممنوع، فقد صرح الأصحاب في البيع بأنه لو قال: بعتك هذا حياتك لم يصح البيع فالنكاح أولى، وكذا لا يصح إذا أقته بمدة لا تبقى إليها الدنيا غالبا كما قاله شيخي. وهذا مبني على أن الاعتبار بصيغ العقود لا بمعانيها. (ولا) يصح (نكاح الشغار) للنهي عنه في خبر الصحيحين من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم، (وهو) بكسر الشين وبالمعجمتين، نحو قول الولي للخاطب: (زوجتكها) أي بنتي مثلا (على أن تزوجني بنتك، ويضع كل واحدة) منهما (صداق الأخرى فيقبل) ذلك، كقوله: تزوجت بنتك وزوجتك بنتي على ما ذكرت. وتفسيره بذلك مأخوذ من آخر الخبر المحتمل لأن يكون من تفسير النبي (ص)، وأن يكون من تفسير ابن عمر الراوي، أو من تفسير الراوي عنه فيرجع إليه، وقد صرح البخاري بأنه من قول نافع. والمعنى في البطلان التشريك في البضع حيث جعل مورد النكاح امرأة وصداقا لاخرى فأشبه تزويج واحدة من اثنين. وقيل: التعليق، وقيل: الخلو من المهر. وعول الإمام على الخبر، وضعف المعاني كلها، وهو أسلم. وسمي شغارا إما من قولهم: شغر البلد عن السلطان إذا خلا عنه لخلوه عن المهر، وقيل: لخلوه عن بعض الشرائط. وإما من قولهم: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، إذ أصل الشغار في اللغة الرفع، لأن كلا منهما يقول للآخر لا ترفع رجل ابنتي حتى أرفع رجل ابنتك.
تنبيه: كلامهم يقتضي أن قوله: على أن تزوجني ابنتك استيجاب قائم مقام قوله: وزوجني ابنتك وإلا لوجب