مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٣٣
ويجوز من فوق إزار إن لم يخف فتنة ولم تكن شهوة. وأورد على هذا الضابط صورا طردا وعكسا، فمن الأول ما أبين من أجنبية فإنه يحرم نظره لا مسه. ومنه حلقة دبر زوجته وأمته فيحرم نظره عند الدارمي لا مسه، وهذا ضعيف. ومنه ما لو أمكن الطبيب معرفة العلة بالمس دون النظر فإنه يباح المس لا النظر. ومن الثاني المحرم، فإنه يحرم مس بطن أمه وظهرها وغمز ساقها ورجلها كما في الروضة، لكنه مخالف لما في شرح مسلم للمصنف من الاجماع على جواز مس المحارم، وجمع بينهما بحمل الأول على مس الشهوة، والثاني على مس الحاجة والشفقة، وهو جمع حسن، لكن يبقى ما إذا لم تكن شهوة، ولا حاجة ولا شفقة، قال السبكي: وبينهما مراتب متفاوتة، فما قرب إلى الأول ظهر تحريمه، وما قرب إلى الثاني ظهر جوازه اه‍. والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد، فقد قبل (ص) فاطمة وقبل الصديق الصديقة. فإن قيل: إن ذلك كان للشفقة. أجيب بأن الثابت إنما هو انتفاء الشهوة، وما عدا ذلك يصدق بما ذكرناه.
تنبيه: عبارة الشرح والروضة والمحرر: وحيث حرم النظر حرم المس، قال السبكي: وهي أحسن من عبارة الكتاب، لأن حيث اسم مكان، والمقصود هنا أن المكان الذي يحرم نظره يحرم مسه، ومتى اسم زمان فهو ليس مقصودا هنا. قال ابن النقيب: وقد يقال إن الزمان أيضا مقصود، فإن الأجنبية يحرم نظرها، فإذا عقد عليها جاز، فإذا طلقها حرم، وكذلك الطفلة على العكس، وكذلك يستثنى زمان المداواة والمعاملة ونحوهما. (و) اعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة فالنظر والمس (مباحان لفصد وحجامة وعلاج) ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك، لأن في التحريم حينئذ حرجا، فللرجل مداواة المرأة وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبي بامرأتين وهو الراجح كما سيأتي في العدد إن شاء الله تعالى. ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه كما صححه في زيادة الروضة، وأن لا يكون ذميا مع وجود مسلم، وقياسه كما قال الأذرعي: أن لا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح، صرح به في الكفاية. ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما، فالظاهر كما قال الأذرعي أن الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل بل الأشبه عند الشيخين كما مر أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة بخلاف الرجل.
تنبيه: رتب البلقيني ذلك فقال: فإن كانت امرأة فيعتبر وجود امرأة مسلمة، فإن تعذرت فصبي مسلم غير مراهق، فإن تعذر فصبي غير مراهق كافر، فإن تعذر فامرأة كافرة، فإن تعذرت فمحرمها المسلم، فإن تعذر فمحرمها الكافر، فإن تعذر فأجنبي مسلم، فإن تعذر فأجنبي كافر اه‍. والمتجه تأخير المرأة الكافرة عن المحرم بقسميه، وقيد في الكافي الطبيب بالأمين فلا يعدل إلى غيره مع وجوده كما قاله الزركشي، وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان، ولا يكشف إلا قدر الحاجة كما قاله القفال في فتاويه. وفي معنى الفصد والحجامة نظر الخائن إلى فرج من يختنه، ونظر القابلة إلى فرج التي تولدها. ويعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفي غيرهما ما عدا السوأتين تأكدها بأن يكون مما يبيح التيمم كشدة الضنى كما نقلاه عن الإمام، وقضية هذا كما قال الزركشي أنه لو خاف شيئا فاحشا في عضو باطن امتنع النظر، وفيه نظر. وفي السوأتين مزيد تأكدها بأن لا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة كما نقلاه عن الغزالي وأقراه. (قلت: ويباح النظر) من الأجنبي للأمرد وغيره، (لمعاملة) من بيع وغيره (وشهادة) تحملا وأداء، حتى يجوز النظر إلى الفرج للشهادة على الزنا والولادة وإلى الثدي للشهادة على الرضاع. هذا إن قصد به الشهادة، فإن قال: تعمدت النظر لغير الشهادة فسق وردت شهادته، إن قال: حانت مني التفاتة بتعمد فرأيته قبل.
وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة عليها كلفت الكشف عن وجهها عند الأداء إن لم يعرفها في نقابها، فإن عرفها لم يفتقر إلى الكشف، قاله الماوردي. قال الزركشي: وقضيته تحريم النظر حينئذ اه‍. وهو ظاهر. ويجوز النظر إلى عانة ولد الكافر لينظر هل أنبت أم لا؟ ويجوز للنسوة أن ينظرن إلى ذكر الرجل إذا ادعت المرأة عبالته وامتنعت
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460