ويجوز من فوق إزار إن لم يخف فتنة ولم تكن شهوة. وأورد على هذا الضابط صورا طردا وعكسا، فمن الأول ما أبين من أجنبية فإنه يحرم نظره لا مسه. ومنه حلقة دبر زوجته وأمته فيحرم نظره عند الدارمي لا مسه، وهذا ضعيف. ومنه ما لو أمكن الطبيب معرفة العلة بالمس دون النظر فإنه يباح المس لا النظر. ومن الثاني المحرم، فإنه يحرم مس بطن أمه وظهرها وغمز ساقها ورجلها كما في الروضة، لكنه مخالف لما في شرح مسلم للمصنف من الاجماع على جواز مس المحارم، وجمع بينهما بحمل الأول على مس الشهوة، والثاني على مس الحاجة والشفقة، وهو جمع حسن، لكن يبقى ما إذا لم تكن شهوة، ولا حاجة ولا شفقة، قال السبكي: وبينهما مراتب متفاوتة، فما قرب إلى الأول ظهر تحريمه، وما قرب إلى الثاني ظهر جوازه اه. والذي ينبغي عدم الحرمة عند عدم القصد، فقد قبل (ص) فاطمة وقبل الصديق الصديقة. فإن قيل: إن ذلك كان للشفقة. أجيب بأن الثابت إنما هو انتفاء الشهوة، وما عدا ذلك يصدق بما ذكرناه.
تنبيه: عبارة الشرح والروضة والمحرر: وحيث حرم النظر حرم المس، قال السبكي: وهي أحسن من عبارة الكتاب، لأن حيث اسم مكان، والمقصود هنا أن المكان الذي يحرم نظره يحرم مسه، ومتى اسم زمان فهو ليس مقصودا هنا. قال ابن النقيب: وقد يقال إن الزمان أيضا مقصود، فإن الأجنبية يحرم نظرها، فإذا عقد عليها جاز، فإذا طلقها حرم، وكذلك الطفلة على العكس، وكذلك يستثنى زمان المداواة والمعاملة ونحوهما. (و) اعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة فالنظر والمس (مباحان لفصد وحجامة وعلاج) ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك، لأن في التحريم حينئذ حرجا، فللرجل مداواة المرأة وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة إن جوزنا خلوة أجنبي بامرأتين وهو الراجح كما سيأتي في العدد إن شاء الله تعالى. ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه كما صححه في زيادة الروضة، وأن لا يكون ذميا مع وجود مسلم، وقياسه كما قال الأذرعي: أن لا تكون كافرة أجنبية مع وجود مسلمة على الأصح، صرح به في الكفاية. ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلما، فالظاهر كما قال الأذرعي أن الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل بل الأشبه عند الشيخين كما مر أنها تنظر منها ما يبدو عند المهنة بخلاف الرجل.
تنبيه: رتب البلقيني ذلك فقال: فإن كانت امرأة فيعتبر وجود امرأة مسلمة، فإن تعذرت فصبي مسلم غير مراهق، فإن تعذر فصبي غير مراهق كافر، فإن تعذر فامرأة كافرة، فإن تعذرت فمحرمها المسلم، فإن تعذر فمحرمها الكافر، فإن تعذر فأجنبي مسلم، فإن تعذر فأجنبي كافر اه. والمتجه تأخير المرأة الكافرة عن المحرم بقسميه، وقيد في الكافي الطبيب بالأمين فلا يعدل إلى غيره مع وجوده كما قاله الزركشي، وشرط الماوردي أن يأمن الافتتان، ولا يكشف إلا قدر الحاجة كما قاله القفال في فتاويه. وفي معنى الفصد والحجامة نظر الخائن إلى فرج من يختنه، ونظر القابلة إلى فرج التي تولدها. ويعتبر في النظر إلى الوجه والكفين مطلق الحاجة، وفي غيرهما ما عدا السوأتين تأكدها بأن يكون مما يبيح التيمم كشدة الضنى كما نقلاه عن الإمام، وقضية هذا كما قال الزركشي أنه لو خاف شيئا فاحشا في عضو باطن امتنع النظر، وفيه نظر. وفي السوأتين مزيد تأكدها بأن لا يعد التكشف بسببها هتكا للمروءة كما نقلاه عن الغزالي وأقراه. (قلت: ويباح النظر) من الأجنبي للأمرد وغيره، (لمعاملة) من بيع وغيره (وشهادة) تحملا وأداء، حتى يجوز النظر إلى الفرج للشهادة على الزنا والولادة وإلى الثدي للشهادة على الرضاع. هذا إن قصد به الشهادة، فإن قال: تعمدت النظر لغير الشهادة فسق وردت شهادته، إن قال: حانت مني التفاتة بتعمد فرأيته قبل.
وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة عليها كلفت الكشف عن وجهها عند الأداء إن لم يعرفها في نقابها، فإن عرفها لم يفتقر إلى الكشف، قاله الماوردي. قال الزركشي: وقضيته تحريم النظر حينئذ اه. وهو ظاهر. ويجوز النظر إلى عانة ولد الكافر لينظر هل أنبت أم لا؟ ويجوز للنسوة أن ينظرن إلى ذكر الرجل إذا ادعت المرأة عبالته وامتنعت