أي استغنت إن فعلت أو افتقرت إن خالفت، والمراد بالدين الطاعات والأعمال الصالحات والعفة عن المحرمات (بكر) لحديث جابر: هلا أخذت بكرا تلاعبها وتلاعبك متفق عليه. وروى ابن ماجة: عليكم بالابكار فإنهن أعذب أفواها أي ألين كلمة وأنتق أرحاما أي أكثر أولادا وأرضى باليسير. وروى أبو نعيم عن شجاع بن الوليد قال: كان فيمن كان قبلكم رجل حلف لا يتزوج حتى يستشير مائة نفس، وإنه استشار تسعة وتسعين رجلا واختلفوا عليه، فقال: بقي واحد وهو أول من يطلع من هذا الفج فآخذ بقوله ولا أعدوه، فبينما هو كذلك إذ طلع عليه رجل راكب قصبة فأخبره بقصته، فقال له: النساء ثلاثة: واحدة لك، وواحدة عليك، وواحدة لا لك ولا عليك، فالبكر لك، وذات الولد من غيرك عليك، والثيب لا لك ولا عليك. ثم قال: أطلق الجواد فقال له: أخبرني بقصتك فقال: أنا رجل من علماء بني إسرائيل مات قاضينا، فركبت هذه القصبة وتباهلت لأخلص من القضاء. قال في الاحياء: وكما يستحب نكاح البنت يسن أن لا يزوج ابنته إلا من بكر لم يتزوج قط، لأن النفوس جبلت على الايناس بأول مألوف، ولهذا قال (ص) في خديجة: إنها أول نسائي. نسيبة: أي طيبة الأصل، لما في خبر الصحيحين: ولحسبها. وأما خبر: تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء فقال أبو حاتم الرازي: ليس له أصل، وقال ابن الصلاح: له أسانيد فيها مقال، ولكن صححه الحاكم. (ليست قرابة قريبة) هذا من نفي الموصوف المقيد بصفة فيصدق بالأجنبية والقرابة البعيدة. وهي أولى منها، واستدل الرافعي لذلك تبعا للوسيط بقوله (ص): لا تنكحوا القرابة القريبة، فإن الولد يخلق ضاويا أي نحيفا، وذلك لضعف الشهوة غير أنه يجئ كريما على طبع قومه. قال ابن الصلاح: ولم أجد لهذا الحديث أصلا معتمدا، قال السبكي: فينبغي أن لا يثبت هذا الحكم لعدم الدليل. وقد زوج النبي (ص) عليا بفاطمة رضي الله تعالى عنهما وهي قرابة قريبة اه. وما ذكر من أن غير القريبة أولى وهو ما صرح به في زيادة الروضة، لكن ذكر صاحب البحر والبيان أن الشافعي نص على أنه يستحب له أنه لا يتزوج من عشيرته، وعلله الزنجاني بأن من مقاصد النكاح اتصال القبائل لأجل التعاضد والمعاونة واجتماع الكلمة اه. والأولى حمل كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه على عشيرته الأقربين، ولا يشكل ذلك بتزوج النبي (صلى الله عليه وسلم) زينب مع أنها بنت عمته لأنه تزوجها بيانا للجواز، ولا بتزوج علي فاطمة رضي الله تعالى عنها لأنها بعيدة في الجملة، إذ هي بنت ابن عمه، وأيضا بيانا للجواز.
تنبيه: لو أبدل المصنف ليست بقوله غير كان مناسبا للصفات المتقدمة. وبقي عليه من صفات المنكوحة أمور ذكرت منها كثيرا في شرح التنبيه، منها أن تكون ولودا، لخبر: تزوجوا الولود الودود فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده، ويعرف البكر ولودا بأقاربها. وأن تكون جميلة لخبر الحاكم؟ خير النساء من تسر إذا نظرت، وتطيع إذا أمرت، ولا تخالف في نفسها ومالها. قال الماوردي: لكنهم كرهوا ذات الجمال البارع فإنها تزهو بجمالها، وإن الإمام أحمد قال لبعض أصحابه: ولا تغال في المليحة، فإنها قل أن تسلم لك، وأن تكون عاقلة. قال الأسنوي: ويتجه أن يراد بالعقل هنا العقل العرفي، وهو زيادة على مناط التكليف اه. والمتجه كما قال شيخنا أن يراد أعم من ذلك، وأن لا يكون لها مطلق يرغب في نكاحها، وأن لا تكون شقراء، فقد أمر الشافعي الربيع أن يرد الغلام الأشقر الذي اشتراه له وقال: ما لقيت من أشقر خير قط، وقصته مع الأشقر الذي أضافه في عوده من اليمن مشهورة. وأن تكون ذات خلق حسن، وأن تكون خفيفة المهر، لما روى الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي (ص) قال: أعظم الناس بركة أيسرهن صداقا وقال عروة: أول شؤم المرأة أن يكثر صداقها. وهذه الصفات كلها قل أن يجدها الشخص في نساء الدنيا، وإنما توجد في نساء الجنان، فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا منهن. ويسن أن لا يزيد على امرأة واحدة من غير حاجة ظاهرة. قال ابن العماد: ويقاس بالزوجة في هذا السرية، لكن منع القفال والجويني التسري في زماننا لعدم التخميس. نعم مسبي الكفار بعضهم من بعض يجوز