مال الزوج على مرحلتين. قال السبكي: ويحتاج القول بالأخذ مع ماله الغائب إلى دليل اه. دليله القياس المتقدم، قاله الرافعي: وقد يتردد الناظر في اشتراط مسافة القصر، بل ينبغي الجواز فيما دونها لأجل الحاجة الناجزة اه. ويرد بأن ما دونها في الحاضر فلم ينظروا إليه (و) لا يمنع الاخذ أيضا من الزكاة دينه (المؤجل) الذي لا يملك غيره، فيأخذ منها حتى يحل الاجل كما لو كان ماله غائبا.
تنبيه: قضية إطلاق المصنف أنه لا فرق بين أن يحل قبل مضي زمن مسافة القصر أم لا. قال الرافعي: وقد يتردد الناظر فيه اه. وهذا إنما يأتي على المنقول، وأما على بحثه المتقدم فلا. ويجاب من جهة المنقول بأن الدين لما كان معدوما لم يعتبروا له زمنا، بل يعطى حتى يحل ويقدر على خلاصه بخلاف المال الغائب، ففرق فيه بين قرب المسافة وبعدها. (و) لا يمنع الاخذ منها أيضا (كسب) حرام أو (لا يليق به) أي بحاله ومروءته، لأنه يخل بمروءته فكان كالعدم. وإطلاق الكسب في الحديث المار محمول على الكسب الحلال اللائق. وأفتى الغزالي بأن أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب لهم أخذ الزكاة اه. وجرى عليه في الأنوار فقال: فلو كان من أهل بيت لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن وهو قوي قادر حلت له الزكاة. قال الدميري: وينبغي حمله على ما إذا لم يعتادوا ذلك للاستغناء عنه بالغنى، فأما عند الحاجة إليه والقدرة عليه فتركه ضرب من الحماقة ورعونات النفس فلا وجه للترفع عنه وأخذ أوساخ الناس، بل أخذها أذهب للمروءة من التكسب بالنسخ والخياطة ونحوهما في منزله، وقد أجر سيدنا علي رضي الله تعالى عنه نفسه، أي ليهودي يستقي له كل دلو بتمرة كما مر في الإجارة اه. والأول أظهر. (ولو اشتغل بعلم) شرعي كما في الروضة يتأتى منه تحصيله كما قاله الدارمي وأقراه، (والكسب يمنعه) من اشتغاله بذلك، (ففقير) فيشتغل به ويأخذ من الزكاة لأن تحصيله فرض كفاية. أما من لا يتأتى منه التحصيل فلا يعطى إن قدر على الكسب. وخرج بقوله: والكسب يمنعه ما لو كان لا يمنعه، فلا يعطى إذا كان يليق به مثله. ومثله في البسيط بالتكسب بالوراقة، يعني النسخ.
تنبيه: يؤخذ من التعليل المذكور أن من اشتغل بتعلم القرآن أو بما كان آلة للعلم الشرعي والكسب يمنعه ويتأتى منه تحصيله أن له الاخذ، وهو كذلك، وقد صرح به في الأنوار فقال: ولو قدر على الكسب بالوراقة أو غيرها وهو مشتغل بتعلم القرآن أو العلم الذي هو فرض كفاية أو تعليمه والاشتغال بالكسب يقطعه عن التعلم والتعليم حلت له الزكاة.
(ولو اشتغل بالنوافل) للعبادات وملازمة الخلوات في المدارس ونحوهما، (فلا) يكون فقيرا، وادعى في المجموع الاتفاق عليه، لأن الكسب وقطع الطمع عما في أيدي الناس أولى من الاقبال على النوافل مع الطمع. والفرق بين المشتغل بهذا وبين المشتغل بعلم أو قرآن بأن ذلك مشتغل بما هو فرض كفاية بخلاف هذا، ولان نفع هذا قاصر عليه بخلاف ذاك. وفي فتاوي أن البرزي: أنه لو نذر صوم الدهر وكان لا يمكنه أن يكتسب مع الصوم كفايته أن له أخذ الزكاة، وأنه لو كان يكتسب كفايته من مطعم وملبس ولكنه محتاج إلى النكاح فله أخذها لينكح لأنه من تمام كفايته اه. وهو ظاهر. وفي فتاوي القفال: أن مستغرق الوقت بالعبادة والصلاة آناء الليل والنهار يحل له أخذ الزكاة كالمشتغل بالفقه وإن كان قويا، أما غيره فلا وإن كان صوفيا اه. وفي قياسه على الفقه نظر لما تقدم من الفرق. (ولا يشترط فيه) أي فقير الزكاة الآخذ منها (الزمانة) وهي بفتح الزاي: العاهة، (ولا التعفف عن المسألة على الجديد) فيهما، لقوله تعالى: * (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * أي غير السائل، ولأنه (ص) أعطى من لم يسأل ومن سأل ومن لم يكن زمنا. والقديم يشترطان. ورجح في الروضة القطع بالأول، ونسبه في المجموع للجمهور. (والمكفي بنفقة قريب أو) نفقة (زوج ليس فقيرا) ولا مسكينا أيضا، فلا يعطى من سهمهما (في الأصح) لأنه غير محتاج كالمكتسب كل يوم قدر كفايته. والثاني: نعم، لاحتياجهما إلى غيرهما.