فالوصية بالزائد مكروهة كما قاله المتولي وغيره وإن قال القاضي وغيره بحرمتها.
تنبيه: عبارة المصنف أولى من قول المحرر لا ينبغي أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، لأن معناها لا يطلب، وهو إما على سبيل الوجوب أو الندب فيصدق بالمباح والحرام والمكروه، بخلاف عبارة الكتاب فإنها لا تصدق بالمباح لأنه ينبغي إما أن تكون بمعنى يندب كما حليته عليه أو يجب، ولم يقل أحد بالإباحة فيما علمت، ولا فرق بين أن يقصد بذلك حرمان الورثة أم لا، وإن قال بعض المتأخرين أنه يجزم بحرمتها حينئذ، لأن تنفيذه متوقف على إجازتهم. وسن أن ينقص عن الثلث شيئا خروجا من خلاف من أوجب ذلك، ولاستكثار الثلث في الخبر، وسواء أكانت الورثة أغنياء أم لا، وإن قال المصنف في شرح مسلم: إنهم إذا كانوا أغنياء لا يستحب النقص وإلا استحب. (فإن زاد) في الوصية على الثلث (ورد). (الوارث) الخاص المطلق التصرف، (بطلت في الزائد) على الثلث بالاجماع لأنه حقه أما إذا لم يكن له وارث خاص فالوصية بالزائد لغو لأنه حق المسلمين فلا مجيز، أو كان هو محجور عليه بسفه أو صغر أو جنون فلا عبرة بقوله. ومقتضى إطلاقهم أن الامر يوقف إلى تأهل الوارث وهو كذلك إن توقعت أهليته، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين، قال شيخي رحمه الله: لأن يد الوارث عليه فلا ضرر عليه في ذلك. (وإن أجاز) المطلق التصرف (فإجازته تنفيذ) أي إمضاء لتصرف الموصي بالزائد، وتصرفه موقوف على الإجازة، لأنه تصرف مضاف لملك. وحق الوارث إنما يثبت في ثاني الحال فأشبه بيع الشقص المشفوع. (وفي قول عطية) أي هبة (مبتدأة) من الوارث، فيعتبر فيها شروطها. قال الزركشي: وهذا الخلاف لا يختص بالوارث كما يقتضيه إطلاقهم بل أصحاب الديون المستغرقة كذلك، حتى لو أجازوا ورد الوارث لم يلتفت إليه لأن الحق إنما هو للغرماء، ولا ينتقل للوارث إلا بسقوط الدين أصلا، والإجازة لا تسقط الدين بدليل أنه لو ظهر له دفين ونحوه وفوا منه، وإذا قلنا تنفيذ فالظاهر أنه لا يحسب من ثلث من يجيز في مرضه للموصى له، ولا يتوقف على إجازة ورثة من يجيز في مرضه لوارثه اه. وقوله: (والوصية بالزيادة لغو) لا فائدة له بعد الحكم بكون الزيادة عطية من الوارث، ولو كان الوارث محجورا عليه بفلس. فإن قلنا الإجازة ابتداء عطية فليس له ذلك، وإن قلنا تنفيذ قال الأذرعي: فالقياس صحته، وفيه وقفة، والأشبه المنع لأنه ملكه الآن، ولم يحضرني فيه نقل اه. ويؤيد القياس كلام الزركشي السابق. (ويعتبر المال) الموصى بثلثه (يوم الموت) لأن الوصية تمليك بعد الموت، فلو أوصى بعبد ولا عبد له ثم ملك عند الموت عبدا تعلقت الوصية به ولو زاد ماله تعلقت الوصية به. (وقيل) يعتبر (يوم الوصية) وعليه تنعكس الأحكام السابقة، كما لو نذر التصدق بثلث ماله فإنه يعتبر يوم النذر. وأجاب الأول بأن ذلك وقت اللزوم فهو نظير الموت في الوصية.
تنبيه: لا يخفى أن الثلث الذي تنفذ فيه الوصية هو الثلث الفاضل بعد الدين، فلو كان عليه دين مستغرق لم تنفذ الوصية في شئ لكنها تنعقد حتى ننفذها لو أبرأ الغريم أو قضى عنه كما جزم به الرافعي وغيره. (ويعتبر من الثلث) الذي يوصي به (أيضا عتق علق بالموت) سواء أعلق في الصحة أم في المرض.
تنبيه: هذه المسألة معطوفة على قوله: ينبغي الخ كما يدل عليه قوله: أيضا فإنه مصدر آض: أي رجع. (و) يعتبر أيضا (تبرع نجز في مرضه) الذي مات فيه، (كوقف وهبة وعتق وإبراء) لخبر: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم رواه ابن ماجة، وفي إسناده مقال. ولو وهب في الصحة وأقبض في المرض اعتبر من الثلث أيضا، إذ لا أثر لتقدم الهبة. وخرج بتبرع ما لو استولد في مرض موته فإنه ليس تبرعا بل إتلاف واستمتاع فهو من رأس المال وبمرضه تبرع نجز في صحته فيحسب من رأس المال. لكن يستثنى من العتق في مرض الموت عتق أم الولد إذا أعتقها في مرض موته فإنه ينفذ من رأس المال كما سيأتي في محله مع أنه تبرع