الاسرى كالروم فلا خوف في أسرهم. (والتحام) أي اختلاط (قتال بين) فريقين (متكافئين) أو قريبين من التكافؤ، سواء أكانا مسلمين أم كافرين، أم كافر ومسلم، ولفظة متكافئين مزيدة على المحرر، ولا خوف إذا لم يلتحم القتال ولو كانا يتراميان بالنشاب ولا في الفريق الغالب. (وتقديم لقصاص) بخلاف الحبس له كما هو ظاهر كلامهم، ذكره البلقيني، ثم حكى عن بعض المالكية أنه حكاه عن الشافعي. فإن قيل: مقتضى ما يأتي في الوديعة من أنه إذا مرض مرضا مخوفا أو حبس ليقتل لزمه الوصية بها، لأن الحبس للقتل كالتقديم له. أجيب بأن التقديم للقصاص وقت دهشة. فلو قيل: إنه لا يوصي إلا ذلك الوقت، فإما أن تضمنه لو ترك أولا، إن ضمناه أضررناه وإن لم نضمنه أضررنا بالمالك، فاقتضت المصلحة بأن يلحق الحبس للقتل بالمخوف هناك بخلافه هنا (أو رجم) في الزنا، أو قتل في قطع طريق، (واضطراب ريح) هو مغن عن قوله: (وهيجان موج) لتلازمهما، (في) حق (راكب سفينة) في بحر أو نهر عظيم كالنيل والفرات وإن كان يحسن السباحة. نعم إن كان ممن يحسنها وهو قريب من الساحل لا يكون مخوفا كما قاله الزركشي، ولا خوف إذا كان البحر ساكنا (وطلق حامل) بسبب ولادة، بخلاف إسقاط علقة أو مضغة كما في زيادة الروضة لخطر الولادة دونها. وخرج بطلق حامل الحمل نفسه فليس بمخوف.
فائدة: روى الثعلبي في تفسير آخر سورة الأحقاف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فيكتب في صحفة ثم يغسل ويسقي: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات ورب العرش العظيم، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون. (وبعد الوضع ما لم تنفصل المشيمة) وهي التي تسميها النساء الخلاص، فإن انفصلت المشيمة فلا خوف إن لم يحصل بالولادة جرح أو ضربان شديد أو ورم.
تنبيه: لا يلحق بالأمراض السابقة وجع العين ولا الضرس ولا الصداع ولا الهرم ولا الجرب ونحو ذلك. ثم شرع في الركن الرابع وهو الصيغة فقال: (وصيغتها) أي الوصية (أوصيت له بكذا، أو ادفعوا إليه) بعد موتي كذا. (أو أعطوه) بهمزة قطع، قاله المصنف. قال: ووصلها غلط. (بعد موتي) كذا، (أو جعلته) له بعد موتي، (أو هو له بعد موتي) وهذه كلها صرائح كما هو ظاهر إطلاق الروضة، ويرشد له قول المصنف بعد: وينعقد بالكناية. ومن صرائحها أيضا: ملكته له، أو وهبته له، أو حبوته به بعد موتي.
تنبيه: قوله: بعد موتي في الموضعين قيد في المذكورين قبله، فلو ذكر هذا القيد عقب كل صيغة أو اقتصر على ذكره بعد الكل ليعود إليها على قاعدة الشافعي لكان أحسن، على أن عوده لغير الأخيرة نظرا لأن ذاك إنما هو في حروف العطف الجامعة بخلاف ما هو لاحد الشيئين مثل أو كما ذكره الفراقي وغيره. قال الولي العراقي: فيتعين حينئذ ذكره عقب كل صيغة انتهى. قال ابن شهبة: ويؤيد تعين ذكره عقب كل صيغة أنه لو ذكره بعد الكل وقلنا يعود للجميع لزم كونه قيدا في أوصيت له وليس كذلك. (فلو اقتصر على) قوله (هو له فإقرار) لأنه من صرائحه ووجد نفاذا في موضوعه فلا يكون كناية في الوصية، (إلا أن يقول: هو له من مالي فيكون وصية) لأن الاقرار لا يصح بذلك فيحتمل حينئذ الوصية فتقبل إرادتها.
تنبيه: ظاهر كلامه صراحته حينئذ لذكره له مع الصرائح. والذي في المحرر والشرحين والروضة أنه كناية، وهو المعتمد وإن رجح السبكي أنه صريح، فلو قال: هو له بعد موتي من مالي كان وصية قطعا، ولو اقتصر على وهبته له ونوى