مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٩٨
لمخالفته القياس الجلي، فإنه لا يحكم بوفاته في قسمة ميراثه وعتق أم ولده قطعا ولا فارق بينهما وبين فرقة النكاح. قال القاضي والإمام: رجع الشافعي عن القديم، وقال في الجديد: إن حكم به قاض نقض قضاؤه إن بان له أن تقليد الصحابي لا يجوز للمجتهد. والثاني: لا ينقض حكمه لشبهة الخلاف.
تنبيه: حيث قلنا بالجديد نفذ في الزوجة طلاق المفقود وظهاره وإيلاؤه وسائر تصرفات الزوج في زوجته للحكم بحياته سواء أكان قبل الحكم بالفرقة أم بعدها. ويسقط بنكاحها غيره نفقتها عن المفقود لأنها ناشزة به وإن كان فاسدا، ويستمر السقوط حتى يعلم المفقود عودها إلى طاعته وأنه فرق بينهما واعتدت وعادت إلى منزله، لأن النشوز إنما يزول حينئذ، ولا نفقة لها على الزوج الثاني إذ لا زوجية بينهما، ولا رجوع له بما أنفقه عليها لأنه متبرع إلا فيما أنفقه بحكم حاكم. (ولو نكحت) زوجة المفقود (بعد التربص و) بعد (العدة) وقبل ثبوت موته أو طلاقه، (فبان) الزوج (ميتا) وقت الحكم بالفرقة، (صح) نكاحها (على الجديد) أيضا (في الأصح) اعتبارا بما في نفس الامر، فأشبه ما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا. والثاني: لا يصح، لفقد العلم بالصحة حال العقد. وقياس الأول ممنوع بما تقدم من عدم صحة نكاح المرتابة إذا حصلت الريبة في العدة ثم نكحت بعد مضي الأقراء مع بقاء الريبة وإن بان أن النكاح صادف البينونة، وأيضا فقد جعلوا الشك في حال المنكوحة من موانع النكاح. وقد يجاب بأن هذا لما استند إلى حكم حاكم خف أمره. أما إذا بان حيا بعد أن نكحت فالزوج الأول باق على زوجتيه، لكن لا يطؤها حتى تعتد من الثاني. ولو أتت بولد ولم يدعه المفقود لحق بالثاني عند الامكان لتحقق براءة الرحم من المفقود بمضي المدة المذكورة. ولو لم تتزوج وأتت بولد بعد أربع سنين لم يلحق بالمفقود لذلك، فإن قدم المفقود وادعاه لم يعرض على القائف حتى يدعي وطئا ممكنا في هذه المدة، فإن انتفى عنه ولو بعد الدعوى به والعرض على القائف كان له منعها من ارضاعه غير اللبأ الذي لا يعيش إلا به إن وجد مرضعة غيرها وإلا فلا يمنعها منه. وإذا جاز له المنع ومنعها فخالفت وأرضعته في منزل المفقود ولم تخرج منه ولا وقع خلل في التمكين لم تسقط نفقتها عنه وإلا سقط. ثم شرع في حكم الاحداد فقال: (ويجب الاحداد) الآتي بيانه (على معتدة وفاة) لخبر الصحيحين: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. قال الرافعي: قال الأئمة: قوله: إلا على زوج مستثنى من قوله: لا يحل، وظاهره لا يقتضي الجواز، لكن أجمعوا على أنه أراد الوجوب، وأنه استثنى الواجب من الحرام اه‍. ونقض دعوى الاجماع بأن في الشامل عن الحسن البصري أنه مستحب لا واجب.
تنبيه: التقييد بإيمان المرأة جرى على الغالب، لأن غيرها ممن لها أمان يلزمها الاحداد، وكذا الأربعة أشهر وعشر فإن ذلك في الحائل. وأما الحامل فتحد مدة بقاء حملها كما قاله شيخنا في حاشيته على البخاري، وعلى ولي الصغيرة والمجنونة منعهما مما يمنع منه غيرهما. وقول المصنف: على معتدة وفاة قال الزركشي: أحسن من قول غيره المتوفى عنها لشموله فرعا حسنا، وهو ما لو مات عنها وهي حامل بشبهة وقلنا إنها تعتد عنه ثم تنتقل للوفاة لا يجب الاحداد في مدة الحمل، وتعبير المصنف يومئ إليه. (لا) زوجة معتدة (رجعية) فلا يجب عليها الاحداد قطعا لبقاء أكثر أحكام النكاح فيها، ويسن لها الاحداد كما جرى عليه ابن المقري، ونقله الرافعي عن أبي ثور عن الشافعي رضي الله تعالى عنه، ثم نقل عن بعض الأصحاب رضي الله عنهم أجمعين أن الأولى لها أن تتزين بما يدعو الزوج إلى رجعتها، وضعف هذا باحتمال أن يظن أنها فعلت ذلك إظهارا للفرح بفراقه، وعلى تقدير صحته فينبغي تخصيصه بمن ترجو عوده.
(ويستحب) الاحداد (لبائن) بخلع أو غيره لئلا تدعو الزينة إلى الفساد. (وفي قول) قديم وأشار إليه في الام أيضا:
(يجب) الاحداد كالمتوفى عنها زوجها بجامع الاعتداد عن نكاح. ودفع هذا بأنها إن فورقت بطلاق فهي مجفوة به، أو بفسخ فالفسخ منها، أو لمعنى فيها فلا يليق بها فيهما إيجاب الاحداد، بخلاف المتوفى عنها زوجها. وخرج بالزوجة
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460