تنبيه: شمل كلامه كأصله الرجعية، وبه صرح في النهاية، وفي حاوي الماوردي والمهذب وغيرهما من العراقيين أن للزوج أن يسكنها حيث شاء لأنها في حكم الزوجة، وبه جزم المصنف في نكته. والأول هو ما نص عليه في الام كما قال ابن الرفعة وغيره، وهو كما قال السبكي أولى لاطلاق الآية، وقال الأذرعي: إنه المذهب المشهور، والزركشي: إنه الصواب، ولأنه لا يجوز له الخلوة بها فضلا عن الاستمتاع فليست كالزوجات. (قلت: ولها الخروج في عدة وفاة) وعدة وطئ شبهة ونكاح فاسد، (وكذا بائن) ومفسوخ نكاحها، وضابط ذلك كل معتدة لا تجب نفقتها ولم يكن لها من يقضيها حاجتها لها الخروج (في النهار لشراء طعام) وقطن وكتان (و) بيع (غزل ونحوه) للحاجة إلى ذلك، ولقول جابر رضي الله تعالى عنه: طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجد نخلا لها فنهاها رجل فأتت النبي (ص) فذكرت ذلك له، فقال: أخرجي فجدي نخلك ولعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا رواه مسلم وأبو داود واللفظ له. قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: وتخل الأنصار قريب من منازلهم، والجذاذ لا يكون إلا نهارا أي غالبا. أما من وجبت نفقتها من رجعية أو مستبرأة أو بائن أو حامل فلا تخرج إلا بإذن أو ضرورة كالزوجة لأنهن مكفيات بنفقة أزواجهن (وكذا) لها الخروج لذلك (ليلا) إن لم يمكنها نهارا، وكذا (إلى دار جارة) لها (لغزل وحديث ونحوهما) للتأنس، لكن (بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها) لما روى الشافعي والبيهقي رضي الله تعالى عنهما: أن رجالا استشهدوا بأحد، فقالت نساؤهم:
يا رسول الله إنا نستوحش في بيوتنا فنبيت عند إحدانا؟ فأذن لهن رسول الله (ص) أن يتحدثن عند إحداهن، فإذا كان وقت النوم تأوي كل واحدة إلى بيتها.
تنبيه: محل ذلك كما قال الأذرعي وغيره إذا أمنت الخروج ولم يكن عندها من يؤنسها، وإلا فلا يجوز لها الخروج، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو يعلم النبي (ص) ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد وهذا في زمن السيدة عائشة. ولم يتعرضوا لضابط وقت الرجوع، وينبغي كما قال ابن شهبة الرجوع فيه للعادة. (وتنتقل) المعتدة (من المسكن) الذي كانت فيه عند الفرقة لعذر، وذلك (لخوف من هدم أو غرق) على مالها أو ولدها، (أو) الخوف (على نفسها) تلفا أو فاحشة للضرورة الداعية إلى ذلك، ولما روى أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كانت فاطمة بنت قيس في مكان موحش مخيف فلذلك رخص لها النبي (ص) أي في الخروج منه. (أو تأذت بالجيران) بكسر الجيم، (أو هم بها أذى شديدا، والله أعلم) للحاجة إلى ذلك. وفسر ابن عباس وغيره قوله تعالى: * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * بالبذاء على الأحماء أو غيرهم، وفي رواية لمسلم: أن فاطمة بنت قيس كانت تبدو على أحمائها فنقلها النبي (ص) إلى بيت ابن أم مكتوم ووقع للرافعي أنها فاطمة بنت أبي حبيش، وعد من سبق القلم.
تنبيه: أطلق المصنف الانتقال عند هذه الضرورات وهو يفهم أنها تسكن حيث شاءت وليس مرادا، بل قال الرافعي: الذي أورده الجمهور انتقالها إلى أقرب المواضع إلى ذلك المسكن، وقال الزركشي: المنصوص في الام أن الزوج يحصنها حيث رضي لا حيث شاءت. وتقييده الأذى بالشديد يفهم أنها لو تأذت بهم قليلا لا اعتبار به، وهو كذلك إذ لا يخلو منه أحد، ومن بالجيران الأحماء وهم أقارب الزوج، نعم إن اشتد أذاها بهم أو عكسه وكانت الدار ضيقة نقلتهم الزوج عنها، وكذا لو كان المسكن لها فإنها لا تنتقل منه لاستطالة ولا غيرها بل ينتقلون عنها، وكذا لو كانت ببيت أبويها وبذت عليهم نقلوا دونها لأنها أحق بدار أبويها، كذا قالاه. قال الأذرعي: وكان المراد أن الأولى نقلهم دونها وهو حسن.
وخرج بالجيران ما لو طلقت ببيت أبويها وتأذت بهم أو هم بها فلا نقل لأن الوحشة لا تطول بينهم، ولا يختص الانتقال بما ذكر بل لو لزمها حد أو يمين في دعوى وهي برزة خرجت له، وإن كانت مخدرة حدت وخلفت في مسكنها بأن