الموطوءة بشبهة وبنكاح فاسد وأم الولد، والمفسوخ نكاحها بعيب ونحوه فلا يسن لهن الاحداد كما مر (وهو) أي الاحداد بحاء مهملة من أحد، ويقال فيه: الحداد من حد، لغة المنع، لأن المحددة تمنع نفسها مما سيأتي. وقيل بالجيم من جددت الشئ قطعته، فكأنها انقطعت عن الزينة. وشرعا: (ترك لبس مصبوغ لزينة) لحديث أبي داود بإسناد حسن: المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل.
تنبيه: قوله: لزينة متعلق بمصبوغ، أي إن كان المصبوغ مما يقصد للزينة كالأحمر والأصفر، وكذا الأخضر والأزرق الصافيين، وفي الحديث تنبيه عليه حيث ذكر المعصفر. والمشقة، وهي المصبوغة بالمشق، وهي بكسر الميم:
المغرة، بفتحها، ويقال: طين أحمر يشبهها. ولو أراد مطلق الصبغ لم يكن للتقييد بهذين النوعين فائدة، ونعته بقوله:
(وإن خشن) أي المصبوغ، على أن فيه خلافا، والمشهور عدم الجواز. (وقيل يحل ما صبغ غزله ثم نسج) كالبرود، لخبر: لا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب وهو بفتح العين وإسكان الصاد المهملتين: ضرب من برود اليمن يعصب غزله، أي يجمع ثم يشد، ثم يصبغ معصوبا، ثم ينسج. ورد هذا بأنه معارض برواية: ولا ثوب عصب وفي رواية لأبي داود مكان إلا ثوب عصب، إلا مغسولا فتعارضت الروايات. أو يؤول بالصبغ الذي لا يحرم كالأسود، لأن الذي يصبغ قبل النسج أحسن من الذي يصبغ بعده غالبا، لأن الغالب أنه لا يصبغ قبل النسج إلا الرفيع. (ويباح غير مصبوغ من قطن وصوف وكتان) ولو اختلف لونه الخلقي وكان نفيسا، لأن تقييده (ص) الثوب بالمصبوغ يفهم أن غير المصبوغ مباح، ولان نفاستها من أصل الخلقة لا من زينة دخلت عليها كالمرأة الحسناء لا يلزمها أن تغير لونها بسواد ونحوه. (وكذا) يباح لها (إبريسم) أي حرير لم يصبغ (في الأصح) إذا لم يحدث فيه زينة كالكتان.
والثاني: يحرم. لأن لبسه تزيين، ولها لبس الخز قطعا لاستتار الإبريسم فيه بالصوف ونحوه. (و) يباح (مصبوغ لا يقصد لزينة) كالأسود، وكذا الأزرق والأخضر المشبعان المكدران لأن ذلك لا يقصد للزينة، بل لنحو حمل وسخ أو مصيبة.
تنبيه: حاصل ذلك أن ما صبغ لزينة يحرم، وما صبغ لا لزينة كالأسود لم يحرم لانتفاء الزينة عنه، فإن تردد بين الزينة وغيرها كالأخضر والأزرق. فإن كان براقا صافي اللون حرم لأنه مستحسن يتزين به، أو كدرا أو مشبعا أو أكهب بأن يضرب إلى الغبرة فلا لأن المشبع من الأخضر والأزرق يقارب الأسود، ومن الأزرق يقارب الكحلي، ومن الأكهب يقاربهما. (ويحرم) عليها الطراز على الثوب إن كبر، وأما إن صغر فإن ركب على الثوب فكذلك، وإن نسج مع الثوب فلا كما جزم به في الأنوار. ويحرم عليها (حلي ذهب وفضة) سواء أكان كبيرا كالخلخال والسوار أو صغيرا كالخاتم والقرط، لما روى أبو داود والنسائي بإسناد حسن أن النبي (ص) قال: المتوفى عنها زوجها لا تلبس الحلي ولا تكتحل ولا تختضب والحلي بفتح الحاء وإسكان اللام جمعه حلي بضم الحاء وكسر اللام، ومراد المصنف المفرد، وإنما حرم ذلك لأنه يزيد في حسنها كما قيل:
وما الحلي إلا زينة لنقيصة * يتمم من حسن إذا الحسن قصرا فأما إذا كان الجمال موفرا * كحسنك لم يحتج إلا أن يزورا تنبيه: أطلق المصنف تحريم الحلي من غير فرق بين ليل ونهار، والذي في الشروح والروضة أنه يجوز لها لبسه ليلا لحاجة كالاحراز له بلا كراهة وبكراهة من غير حاجة. فإن قيل: لبس المصبوغ يحرم ليلا، فهلا كان هناك كذلك أجيب بأن ذلك يحرك الشهوة بخلاف الحلي. وأما لبسه نهارا فحرام إلا إن تعين طريقا لاحرازه فيجوز للضرورة كما قاله الأذرعي. والتقييد بالذهب والفضة يفهم جواز التحلي بغيرهما كنحاس ورصاص، وهو كذلك إلا أن تعود