قومها التحلي بهما، أو أشبها الذهب والفضة بحيث لا يعرفان إلا بتأمل أوخموها بهما فإنهما يحرمان، قال الأذرعي:
والتمويه بغير الذهب والفضة، أي مما يحرم تزينها به، كالتمويه بهما، وإنما اقتصروا على ذكرهما اعتبارا بالغالب.
(وكذا لؤلؤ) يحرم عليها التزين به (في الأصح) لأن الزينة فيه ظاهرة، قال تعالى: * (يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا) * وتردد فيه الإمام لأنه يباح للرجل، فمقابل الأصح احتمال للإمام لا وجه للأصحاب. (و) يحرم عليها (طيب في بدن وثوب) لخبر الصحيحين عن أم عطية: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، وأن نكتحل، وأن نتطيب، وأن نلبس ثوبا مصبوغا. (و) يحرم أيضا استعمالها الطيب (في طعام وكحل) غير محرم قياسا على البدن. وضابط الطيب المحرم عليها كل ما حرم على المحرم، وتفصيل ذلك سبق في كتاب الحج، لكن يلزمها إزالة الطيب الكائن معها حال الشروع في العدة، ولا فدية عليها في استعماله بخلاف المحرم في ذلك. واستثني استعمالها عند الطهر من الحيض وكذا من النفاس كما قاله الأذرعي وغيره قليلا من قسط أو أظفار، وهما نوعان من البخور كما ورد به به الخبر في مسلم. ولو احتاجت إلى تطيب جاز كما قاله الإمام قياسا على الاكتحال كما سيأتي. (و) يحرم عليها دهن شعور رأسها ولحيتها إن كان لها لحية لما فيه من الزينة بخلاف دهن سائر البدن، و (اكتحال بإثمد) وإن لم يكن فيه طيب، وهو بكسر الهمزة والميم: حجر يتخذ منه الكحل الأسود، ويسمى بالأصبهاني، وإنما حرم ذلك لحديث أم عطية المار، لأن فيه جمالا وزينة للعين، سواء في ذلك البيضاء والسوداء، وقيل: يجوز للسوداء.
تنبيه: أفهم كلامه جواز الحكم الأبيض كالتوتيا، وهو كذلك، إذ لا زينة فيه لكنه يوهم جواز الأصفر وهو الصبغ بفتح الصاد وكسرها مع إسكان الباء وبفتح الصاد وكسر الباء، وهو محرم على السوداء وكذا على البيضاء على الأصح لأنه يحسن العين. (إلا) اكتحال بأثمد أو صبر (لحاجة كرمد) فيجوز لها للضرورة لحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: أن النبي (ص) دخل عليها وهي حادة على أبي سلمة وقد جعلت على عينها صبرا، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت:
هو صبر لا طيب فيه، فقال: إنه يشب الوجه أي يوقده ويحسنه فلا تجعليه إلا ليلا وامسحيه نهارا وحملوه على أنها كانت محتاجة إليه ليلا فأذن لها فيه ليلا بيانا للجواز عند الحاجة مع أن الأولى تركه. وأما خبر مسلم. جاءت امرأة إلى رسول الله (ص) فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ قال: لا، مرتين أو ثلاثة كل ذلك يقول: لا فحمل على أنه نهي تنزيه أو أنه (ص) لم يتحقق الخوف على عينها، أو أنه يحصل لها البرة بدونه، لكن في رواية زادها عبد الحق: إني أخشى أن تنفقئ عينها، قال: لا وإن انفقأت. وأجيب عنها بأن المراد: وإن انفقأت عينها في زعمك لأني أعلم أنها لا تنفقئ. وإذا قد علمت ذلك فإطلاق المصنف الجواز عند الحاجة ليس بجيد، فإن القائل به خصه بالليل دون النهار كما دل عليه الحديث، وصرح به الشافعي رضي الله تعالى عنه في الام كما نقله الأذرعي وغيره.
نعم إن احتاجت إليه نهارا أيضا جاز، ويمكن حمل إطلاق المصنف بالجواز على ذلك. (و) يحرم عليها (إسفيذاج) لأنه يزين به الوجه، وهو بفاء وذال معجمة: ما يتخذ من رصاص يطلى به الوجه ليبيضه، قال بعضهم: وهو لفظ مولد. (و) يحرم عليها (دمام) لأنه يزين به الوجه أيضا، وهو بضم الدال المهملة وكسرها كما في الرقائق، وضبطه في الروضة بخطه بالضم فقط: المسمى بالحمرة التي يورد بها الخد. ويحرم أيضا طلي الوجه بالصبر لأنه يصفر الوجه فهو كالخضاب. (و) يحرم (خضاب حناء) وهو مذكر ممدود مهموز، واحدة حناة، (ونحوه) أي الحناء كزعفران وورس، أي الخضاب بذلك لما في ذلك من الزينة.
تنبيه: أشعر كلامه بحرمة ذلك في جميع البدن، وبه صرح ابن يونس، لكن الذي في الروضة كأصلها عن الروياني وأقراه أن حرمته تكون فيما يظهر كالوجه واليدين والرجلين، لا فيما تحت الثياب، لأنه (ص) أذن لام سلمة