بناء على الغالب من أن كل شهر لا يخلو عن حيض وطهر أخذا بالاحتياط أيضا، وقد مر أن الرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة أيضا. ولا يلتفت بيان الوارث هنا كما يؤخذ من إطلاقهم وإن بحث ابن الرفعة خلافه. (فإن كان) الطلاق (بائنا) في ذوات الأقراء، (اعتدت كل واحدة) منهما (بالأكثر من عدة وفاة وثلاثة من أقرائها) لأن كل واحدة وجب عليها عدة واشتبهت عليها بعدة أخرى، فوجب أن تأتي بذلك لتخرج عما عليها بيقين، كمن أشكلت عليه صلاة من صلاتين يلزمه أن يأتي بهما. (وعدة الوفاة من الموت) تحسب جزما. (والأقراء) بالرفع بخطه، تحسب (من الطلاق) على الصحيح في الروضة، لأن كلا منهما وقت الوجوب، ولو مضى قرء أو قرءان من الطلاق ثم مات الزوج فعليها الأقصى ما عدة الوفاة ومن قرء أو قرءين من أقرائها لبينونة إحداهما بالطلاق. فإن قيل: إن هذا في الطلاق المبهم أنما يأتي على مرجوح، وهو أن العدة من الطلاق، وقد مر في الطلاق أن الصحيح أنها إنما تحسب من التعيين. أجيب بأنه لما يئس من التعيين اعتبر السبب وهو الطلاق، وتقتصر الحامل منهما على الوضع، لأن عدتها لا تختلف بالتقديرين، فإن وطئ إحداهما فقط فلكل حكمه. ولو أسلم كافر وتحته أختان مثلا أو أكثر من أربع نسوة ومات قبل اختيار فعلى كل واحدة أن تعتد بأكثر العدتين. ثم شرع في حكم المفقود فقال: (ومن غاب) عن زوجته أو لم يغب عنها، بل فقد في ليل أو نهار، أو انكسرت به سفينة أو نحو ذلك (وانقطع خبره) بأن لم يعرف حاله، (ليس لزوجته نكاح) لغيره (حتى يتيقن موته) أو يثبت بما مر في الفرائض. (أو) يتيقن (طلاقه) على الجديد، لما روي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه عن علي رضي الله عنه أنه قال:
امرأة المفقود ابتليت فلتصبر ولا تنكح حتى يأتيها يعني موته، قال الشافعي: وبه نقول. ومثل ذلك لا يقال إلا عن توقيف، ولان الأصل بقاء الحياة. والمراد باليقين الطرف الراجح حتى لو ثبت ما ذكر بعدلين كفى، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الشهادات الاكتفاء في الموت بالاستفاضة مع عدم إفادتها اليقين. ولو أخبرها عدو ولو عبدا أو امرأة بموت زوجها حل لها فيما بينها وبين الله تعالى أن تتزوج، لأن ذلك خبر لا شهادة.
تنبيه: أطلق في الروضة كأصلها الجديد هنا وقيداه في الفرائض بما إذا لم تمض مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقها، قالا: فإن مضت فمفهوم كلام الأصحاب أن لها التزويج كما يقسم ماله قطعا، وهذا يعلم مما قدرته في كلامه.
(وفي القديم تربص) بحذف إحدى التاءين، أي تتربص زوجة الغائب المذكور (أربع سنين) من وقت انقطاع خبره، (ثم تعتد لوفاة) بأربعة أشهر وعشرة أيام، (وتنكح) غيره، لقضاء عمر رضي الله عنه بذلك. قال البيهقي: ويروى مثله عن عثمان وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، ولان للمرأة الخروج من النكاح بالجب والعنة لفوات الاستمتاع، وهو هنا حاصل.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف الاكتفاء بالأربع من حين موته من غير ضرب قاض، وهو أحد وجهين، وأصحهما أنه لا بد من ضرب القاضي، وإذا ضربها بعد ثبوت الحال ومضت المدة فلا بد من حكمه بوفاته وبحصول الفرقة. وهل ينفذ حكمه بها ظاهرا وباطنا كفسخه بالعنة أو باطنا فقط؟ وجهان، قال المصنف في الروضة: أصحهما وترك بياضا ولم يصحح شيئا. قال الأذرعي: والأشبه بالمذهب ترجيح نفوذه ظاهرا فقط. قال الزركشي: والمستولدة كالزوجة، وأن الزوجة المنقطعة الخبر كالزوج حتى يجوز له نكاح أختها وأربع سواها. (فلو حكم بالقديم) أي بما تضمنه من وجوب التربص أربع سنين ومن الحكم بوفاته وبحصول الفرقة بعد هذه المدة (قاض، نقض) حكمه (على الجديد في الأصح)