لاختلاف القذفين في الحكم. ثم شرع في أمور من ثمرات اللعان، فقال: (ويتعلق بلعانه) أي الزوج وإن لم تلاعن الزوجة أو كان كاذبا، (فرقة) وهي فرقة فسخ كالرضاع لحصولها بغير لفظ وتحصل ظاهرا وباطنا. (وحرمة مؤبدة ) فلا يحل له نكاحها بعد اللعان ولا وطؤها بملك يمين لو كانت أمة واشتراها، لما في الصحيحين: أنه (ص) فرق بينهما ثم قال: لا سبيل لك عليها وفي سنن أبي داود: المتلاعنان لا يجتمعان أبدا (وإن أكذب نفسه) فلا يفيده ذلك عود النكاح ولا رفع تأبيد الحرمة، لأنهما حق له وقد بطلا فلا يتمكن من عودهما، بخلاف الحد ولحوق النسب فإنهما يعودان لأنهما حق عليه. وأما حدها، أي الزوجة، فهل يسقط بإكذابه نفسه؟ قال في الكفاية: لم أره مصرحا به، لكن في كلام الإمام ما يفهم سقوطه في ضمن تعليل، وجزم به في المطلب.
تنبيه: نفسه في المتن بفتح السين بخطه، ويجوز رفعها أيضا كما جوز في قوله (ص): إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها. (وسقوط الحد عنه) أي حد قذف الملاعنة إن كانت محصنة، وسقوط التعزير عنه إن لم تكن محصنة، ولا يسقط حد قذف الزاني عنه إلا إن ذكره في لعانه كما مر. وكان الأولى أن يعبر بالعقوبة بدل الحد ليشمل التعزير. (و) يتعلق بلعانه أيضا (وجوب حد زناها) مسلمة كانت أو كافرة إن لم تلاعن، لقوله تعالى: * (ويدرأ عنها العذاب) * الآية، فدل على وجوبه عليها بلعانه. ويتشطر به الصداق قبل الدخول، وحكمها حكم المطلقة طلاقا بائنا، فلا يلحقها طلاق ويستبيح نكاح أربع سواها ومن يحرم جمعه معها كأختها وعمتها وغير ذلك من الأحكام المرتبة على البينونة وإن لم تنقض عدتها. ولا يتوقف ذلك على قضاء القاضي ولا على لعانها بل يحصل بمجرد لعان الزوج.
فرع: لو قذف زوج زوجته وهي بكر ثم طلقها وتزوجت ثم قذفها الزوج الثاني وهي ثيب ثم لاعنا ولم تلاعن هي جلدت ثم رجمت. (وانتفاء نسب نفاه بلعانه) أي فيه حيث كان ولد، لخبر الصحيحين: أنه (ص) فرق بينها وألحق الولد بالمرأة. (وإنما يحتاج) الملاعن (إلى نفي) نسب ولد (ممكن) كونه (منه) وتقدم في كتاب الرجعة بيان أقل مدة الامكان. (فإن تعذر) كون الولد منه (بأن ولدته) الملاعنة (لستة أشهر) فأقل (من العقد) لانتفاء زمن الوطئ والوضع. (أو) أكثر منهما بقدرهما وأكثر، لكنه (طلق في مجلسه) أي العقد، (أو نكح وهو بالمشرق) امرأة (وهي بالمغرب) ولم يمض زمن يمكن فيه اجتماعهما ووطئ وحمل أقل مدة الحمل، (لم يلحقه) الولد لاستحالة كونه منه، فلا حاجة إلى انتفائه إلى لعان.
تنبيه: هذا إن كان الولد تاما، فإن لم تلده تاما اعتبر مضي المدة المذكورة في باب الرجعة. ومن صور التعذر أيضا ما لو كان الزوج صغيرا أو ممسوحا على المذهب، فلو قال: كأن ولدته بالكاف كان أولى. ويمكن إحبال الصبي لتسع سنين، ويشترط كمال التاسعة ثم يلاعن حتى يثبت بلوغه، فإن ادعى الاحتلام ولو عقب إنكاره له صدق. وخرج بالممسوح مجبوب الذكر دون الأنثيين وعكسه فإنه يمكن إحبالهما. (وله نفيه) أي الولد (ميتا) لأن نسبه لا ينقطع بالموت بل يقال مات ولد فلان وهذا قبر ولد فلان. فإن قيل: ما فائدة نفيه بعد موته؟ أجيب بأن فائدته إسقاط مؤنة تجهيزه ولو مات الولد بعد النفي جاز له استلحاقه كما في حال الحياة ويستحق إرثه، ولا نظر إلى تهمته بذلك، ولو استحلقه ثم نفاه لم ينتف عنه جزما. (والنفي) لنسب ولد يكون (على الفور) في الأظهر (الجديد) لأنه شرع لدفع ضرر محقق، فكان على الفور كالرد بالعيب وخيار الشفعة. وفي القديم قولان: أحدهما يجوز إلى ثلاثة أيام، والثاني: له النفي متى شاء ولا يسقط إلا بإسقاطه.
تنبيه: المراد بالنفي هنا كما في المطلب أن يحضر عند الحاكم ويذكر أن هذا الولد أو الحمل الموجود ليس مني