عن الميت. ولا يجب قبول هبة الرقبة لما في ذلك من المنة، بل يسن. (وأظهر الأقوال اعتبار اليسار) الذي يلزم به الاعتاق (بوقت الأداء) لأنها عبادة لها بدل من غير جنسها، فاعتبر حال أدائها كالصوم والتيمم والقيام والقعود في الصلاة. والثاني: بوقت الوجوب لها، وجرى على هذا صاحب التنبيه، ونبهت على ضعفه في شرحه. والثالث: بأي وقت كان من وقتي الوجوب والأداء.
تنبيه: ما تقدم في الحر، أما العبد المظاهر فلا يتأتى تكفيره بعتق ولا إطعام بل يصوم وللسيد تحليله إن لم يأذن له فيه. ثم شرع في الخصلة الثانية من خصال الكفارة فقال: (فإن عجز) المظاهر حسا أو شرعا (عن عتق صام شهرين متتابعين) للآية، فلو تكلف الاعتاق بالاستقراض أو غيره أجزأه على الأصح لأنه ترقى إلى الرتبة العليا.
تنبيه: ولو ملك رقبة فقتلها هل له الصوم؟ إن قلنا إن الاعتبار بحالة الأداء صام كما رجحه الروياني وإلا فلا، ولو شرع المعسر في الصوم ثم أيسر لم يلزمه إعتاق. ويعتبر الشهران (بالهلال) ولو نقصا، ويكون صومهما (بنية كفارة) من الليل لكل يوم منهما كما هو معلوم في صوم الفرض، ولا يشترط تعيين جهة الكفارة من ظهار أو قتل مثلا كما سبق أول الباب، فلو كان عليه كفارتان وصام أربعة أشهر عما عليه من الكفارة أجزأ. واستثنى في المطلب ما لو صام شهرا عن كفارة. ثم آخر عن أخرى، ثم آخر عن الأولى، ثم آخر عن الأخرى، فلا يجزئه عن واحدة منهما، بخلاف نظيره من العبدين، لأن التتابع شرط. (ولا يشترط نية التتابع في الأصح) اكتفاء بالتتابع الفعلي، ولان التتابع شرط في العبادة فلا تجب نيته كستر العورة في الصلاة. والثاني: يشترط كل ليلة ليكون متعرضا لخاصة هذا الصوم.
تنبيه: لا يصح من المكفر الصوم إلا بتحقق جوازه بتعذر العتق عليه، فلو نوى من الليل الصوم قبل طلب الرقبة ثم طلبها فلم يجدها لم تصح النية. (فإن بدأ) بهمزة من الابتداء، بالصوم (في أثناء شهر) كعشرين يوما من المحرم، (حسب الشهر بعده) وهو صفر، (بالهلال وأتم) الشهر (الأول) وهو المحرم (من الثالث ثلاثين) يوما بعشرة من ربيع لتعذر الرجوع فيه إلى الهلال فاعتبر بالعدة (ويفوت التتابع بفوات يوم بلا عذر) ولو كان اليوم الأخير، كما إذا فسد صومه أو نسي النية في بعض الليالي، والنسيان لا يجعل عذرا في ترك المأمورات. وهل يبطل ما مضى أو ينقلب نفلا؟ فيه قولان، رجح في الأنوار أولهما وابن المقري ثانيهما. وينبغي حمل الأول على الافساد بلا عذر، والثاني على الافساد بعذر. ولو شك في نية صوم يوم بعد الفراغ من الصوم ولو من صوم اليوم الذي شك في نيته لم يضر إذ لا أثر للشك بعد الفراغ من اليوم، ويفارق نظيره في الصلاة بأنها أضيق من الصوم.
تنبيه: يستثنى من مفهوم عبارة المصنف ما لو أفطر لسفر، أو أفطرت الحامل، أو المرضع لأجل الولد، أو أفطر لفرط الجوع، فإن التتابع يفوت وإن وجد عذر. (وكذا) يفوت التتابع لعذر (بمرض) مسوغ للفطر (في الجديد) لأن المرض لا ينافي الصوم وقد أفطر باختياره، فأشبه ما لو أجهده الصوم فأفطر. والقديم: لا يقطع التتابع، لأن التتابع لا يزيد على أصل وجوب رمضان، وهو يسقط بالمرض، وعلم منه أن خوف المرض قاطع من باب أولى. و (لا) يزول التابع في الصوم (بحيض) لأنه ينافي الصوم ولا تخلو عنه ذات الأقراء في الشهر غالبا، والتأخير إلى سن اليأس فيه خطر. وهذا إذا لم تعتد الانقطاع شهرين فأكثر، فإن اعتادت ذلك فشرعت في الصوم في وقت يتخلله الحيض انقطع كما نقله في زيادة الروضة عن المتولي وأقره، وكذا لو ابتدأ المكفر الصوم في وقت يعلم دخول ما يقطعه عن إتيانه كشهر رمضان أو يوم النحر كما صرح به في المحرر وأهمله المصنف.
تنبيه: النفاس كالحيض لا يقطع التتابع على الصحيح، وقيل: يقطعه لندرته، وهو ظاهر نصوص الشافعي رضي الله عنه. وطرو الحيض والنفاس إنما يتصور في كفارة قتل لا ظهار، إذ لا يجب على النساء، ومن ثم اعترض على المصنف