مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٦٤
ذلك ضمني فيغتفر فيه ما لا يغتفر في المستقبل، ولو قال لغيره: أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من حنطة عن كفارتي ونواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح، ولا يختص بالمجلس والكسوة مثل الاطعام كما قاله الخوارزمي.
(و) أشار لضابط المعتق في الكفارة بأنه كل (من ملك عبدا) لا يحتاج إليه، والمراد به الجنس الشامل للأمة.
(أو) ملك (ثمنه) من نقد أو عوض حال كون كل منهما (فاضلا عن كفاية نفسه وعياله) الذين تلزمه مؤنتهم شرعا، (نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا) وإخداما، (لا بد منه لزمه العتق) وهذا جواب الشرط، أي بخلاف من لم يملك ما ذكر، قال تعالى: * (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد) * الآية. أما من ملك عبدا هو محتاج إلى خدمته لمرض، أو كبر، أو ضخامة مانعة من خدمته نفسه، أو منصب يأبى أن يخدم نفسه، فهو في حقه كالمعدم، بخلاف من هو من أوساط الناس فيلزمه الاعتاق، لأنه لا يلحقه بصرف العبد إلى الكفارة ضرر شديد، وإنما يفوته نوع رفاهية.
واستثنى في المهمات من التكفير بالمال السفيه ولو كان موسرا وإن كان إطلاقهم هنا يشمله، فإن الرافعي ذكر في الحجر أنه كالمعسر حتى إذا حلف وحنث كفر بالصوم، وأطلق المصنف النفقة والكسوة. قال الرافعي: وسكتوا عن تقدير مدة النفقة وبقية المؤن، فيجوز أن يقدر ذلك بالعمر الغالب وأن يقدر سنة. وصوب في الروضة منهما الثاني، وقضية ذلك أنه لا نقل فيها مع أن منقول الجمهور الأول، وهو المعتمد كما مر في قسم الصدقات، وجزم البغوي في فتاويه بالثاني على قياس ما صنع في الزكاة. واعلم أن ما ذكر في الحج وفي قسم الصدقات من أن كتب الفقيه لا تباع في الحج ولا تمنع أخذ الزكاة وفي الفلس من أن خيل الجندي المرتزق تبقى له يقال بمثله هنا بل أولى كما ذكره الأذرعي وغيره. (ولا يجب) على المكفر (بيع ضيعة) وهي بفتح الضاد المعجمة: العقار، قاله الجوهري. (و) لا بيع (رأس مال) للتجارة بحيث (لا يفضل دخلهما) من غلة الضيعة وربح مال التجارة (عن كفايته) لمعونة لتحيل عبد يعتقه، بل يعدل المكفر في الصورتين للصوم، فإن فضل دخلهما عن كفايته باعهما قطعا. (ولا) بيع مسكن وعبد نفيسين ألفهما (في الأصح) لعسر مفارقة المألوف، ونفاستهما بأن يجد بثمن المسكن مسكنا يكفيه وعبدا يعتقه وبثمن العبد عبدا يخدمه وآخر يعتقه. والثاني: يجب بيعهما لتحصيل عبد يعتقه، ولا التفات إلى مفارقة المألوف في ذلك. واحترز بقوله: ألفهما عما لو لم يألفهما فيجب البيع والاعتاق قطعا.
تنبيه: كان ينبغي التعبير بالخادم بدل العبد فإن الأمة كذلك لا سيما إن احتاج إليها للوطئ. وفي الاستذكار:
لو كان له أمة للوطئ وخادم إن أمكن أن تخدمه الأمة أعتق وإلا فلا، وقدمنا أن المراد بالعبد الجنس فيكون المراد هنا كذلك ويجب بيع فاضل داره الواسعة إن أمكن بيعه مع سكنى الباقي، إذ لا ضرر ولا عسر، وسواء في ذلك المألوفة وغيرها كما يقتضيه كلام كثيرين لأنه لا يفارقها. وبيع ثوب نفيس لا يليق بالمكفر إذا حصل به غرض اللبس وغرض التكفير، إلا إذا كان مألوفا كما مر في العبد فلا يلزمه بيع بعضه لعسر مفارقة المألوف فيجزئه الصوم، وفي الحج يلزمه بيع المألوف. قال الرافعي: وكأن الفرق أن الحج لا بدل له وللاعتاق بدل. والفرق بين ما هنا وما مر في الفلس من أنه لا يبقى للمفلس خادم ولا مسكن أن للكفارة بدلا كما مر وأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة، بخلاف حقوق الآدمي. ومن له أجرة تزيد على قدر كفايته لا يلزمه التأخير لجمع الزيادة لتحصل العتق فله الصوم ولو تيسر جمع الزيادة لثلاثة أيام أو ما قاربها، فإن اجتمعت الزيادة قبل صيامه وجب العتق اعتبارا بوقت الأداء كما سيأتي. (ولا) يجب (شراء بغبن) وإن قل كماء الطهارة، كأن وجد عبدا لا يبيعه مالكه إلا بأكثر من المثل، ولا يعدل إلى الصوم، بل عليه الصبر إلى أن يجد بثمن المثل من يعتقه. وكذا لو غاب ماله يصبر إلى حضوره ولو كان فوق مسافة القصر وكان التكفير عن ظهار، لأنه لو مات لاخذت الرقبة من تركته بخلاف مثله في التيمم، لأن الصلاة لا تقضى
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460