ذكره الحيض هنا وكلامه في كفارة الظهار، وأجيب عنه بأن كلامه في مطلق الكفارة، وأيضا قد يتصور من المرأة بأن تصوم عن قريبها الميت العاجز في كفارة الظهار بناء على القديم المختار. (وكذا جنون) لا يزول به التتابع (على المذهب) لمنافاته للصوم كالحيض، ويأتي في الجنون المتقطع ما سبق عن المتولي كما صرح به في الذخائر، والاغماء المستغرق كالجنون كما في الروضة وهو المعتمد، وقيل: كالمرض، وكلام التنقيح يشعر بترجيحه، وقال الأذرعي: إنه المذهب والمنصوص في الام. ولو صام رمضان بنية الكفارة أو بنيتهما بطل صومه ويأثم بقطع صوم الشهرين ليستأنف، إذ هما كصوم يوم. ولو وطئ المظاهر فيهما ليلا عصى ولم يستأنف. ثم شرع في الخصلة الثالثة من خصال الكفارة فقال: (فإن عجز) المظاهر (عن صوم) أو ولاء (بهرم أو مرض قال الأكثرون) من الأصحاب: (لا يرجى زواله) وقال الأقلون كالإمام والغزالي: لا بد من تقييد المرض بكونه يدوم شهرين إما بظن عادة مطردة في مثله أو بقول الأطباء.
وصحح هذا في زوائد الروضة، ولو اقتصر المصنف على هذا لفهم منه الأول. وأطلق جمع من الأصحاب المرض من غير تفرقة بين رجاء زواله وعدمه.
تنبيه: عطف المرض على الهرم من عطف عام على خاص، فإن المرض عرض، والهرم مرض طبيعي. (أو) لم يعجز ولكن (لحقه بالصوم مشقة شديدة) وضبطها بعضهم بما يبيح التيمم. ودخل في المشقة شدة الشبق على ما رجحه الأكثرون وصرح به المصنف في كفارة الوقاع، وهو شدة الغلمة: أي شهوة الوطئ. وإنما لم يجز ترك صوم رمضان بشدة الشبق، لأنه لا بدل له، ولأنه يمكنه الوطئ فيه ليلا بخلافه في كفارة الظهار لاستمرار حرمته إلى الفراغ منها كما مرت الإشارة إليه. (أو خاف) من الصوم (زيادة مرض كفر بإطعام ستين مسكينا) للآية السابقة، (أو فقيرا) لأنه أشد حالا منه، ويكفي البعض مساكين والبعض فقراء.
تنبيه: قوله: كفر بإطعام تبع فيه لفظ القرآن، والمراد تمليكهم، فقد جاء: أطعم النبي (ص) الجدة السدس أي ملكها فلا يكفي التغدية ولا التعشية. وهل يشترط اللفظ أو يكفي الدفع؟ عبارة الروضة تقتضي اللفظ لأنه عبر بالتمليك، قال الأذرعي: وهو بعيد، أي فلا يشترط لفظ. وهذا هو الظاهر كدفع الزكاة. وإنما لم ينتظر زوال المرض المرجو زواله للصوم كما ينتظر المال الغائب للعتق، لأنه لا يقال لمن غاب ماله لا يجد رقبة، ويقال للعاجز بالمرض لا يستطيع الصوم، ولان حصول المال متعلق باختياره بخلاف زوال المرض. ويشترط في المسكين والفقير أن يكونا من أهل الزكاة، وحينئذ (لا) يكفي تمليكه (كافرا) ولو ذميا، (ولا هاشميا، و) لا (مطلبيا) ومن تلزمه نفقته كزوجته وقريبه، ولا إلى مكفي بنفقة قريب أو زوج، ولا إلى عبد ومكاتب، لأنها حق لله تعالى فاعتبر فيها صفات الزكاة. نعم لو دفعها إلى العبد بإذن سيده والسيد بصفة الاستحقاق جاز لأنه صرف لسيده. ويصرف للستين المذكورين (ستين مدا) لكل واحد مد كأن يضعها بين أيديهم، ويملكها لهم بالسوية أو يطلق، فإذا قبلوا ذلك أجزأ على الصحيح، فلو فاوت بينهم بتمليك واحد مدين وآخر مدا أو نصف مد لم يجز وإن أوهم كلام المصنف خلافه، فلو قال: ستين مدا مدا بتكرير المد كان أولى، ولو قال: خذوه ونوى فأخذوه بالسوية أجزأ، فإن تفاوتوا لم يجزئ إلا مد واحد ما لم يتبين معه من أخذ مدا آخر وهكذا. وإن صرف ستين مدا إلى مائة وعشرين بالسوية احتسب له بثلاثين مدا، فيصرف ثلاثين أخرى إلى ستين منهم ويسترد من الباقين إن كان ذكر لهم أنها كفارة. وإن صرف ستين إلى ثلاثين بحيث لا ينقص كل منهم عن مد لزمه صرف ثلاثين مدا إلى ثلاثين غيرهم ويسترد كما سبق، ولو صرف لمسكين واحد مدين من كفارتين جاز. وإن أعطى رجلا مدا واشتراه منه مثلا ودفعه لآخر وهكذا إلى ستين أجزأه وكره. ولو دفع الطعام