وذلك كأن يقول أولا لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم يقول له ثانيا: إن دخلتها فأنت حر عن كفارتي فيعتق المعلق بالصفة عند دخولها، ولا يجزئ عن كفارته لأنه مستحق العتق بالتعليق الأول. ولا يشترط في العتق عن الكفارة التنجيز. (و) حينئذ (له تعليق عتق الكفارة بصفة) على الأصح، كقوله لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي فدخلها عتق عن الكفارة لأن المأمور به تحرير رقبة وهو حاصل بالتعليق السابق. ويشترط في المعلق عتقه عنها أن يكون بصفة الاجزاء حال التعليق، فلو قال لمكاتبه كتابة صحيحة. إذا عجزت عن النجوم فأنت حر عن كفارتي أو لعبده الكافر إذا أسلمت فأنت حر عن كفارتي، أو قال: إن خرج الجنين سليما فهو حر عن كفارتي ثم وجدت الصفة عتق ولم يجز عن الكفارة. ولو علق عتق عبده المجزئ عن الكفارة بصفة ثم كاتبه فوجدت الصفة أجزأه إن وجدت الصفة بغير اختيار المعلق كما يؤخذ من كلام الرافعي. ويجزئ مرهون وجان إن نفذنا عتقهما بأن كان المعتق موسرا.
ويجزئ آبق ومغصوب ولو لم يقدر على انتزاعه من غصب لقدرته على منافع نفسه، هذا إن علم حياتهما ولو بعد الاعتاق لكمال رقمهما سواء أعلما عتق أنفسهما أم لا، لأن علمهما ليس بشرط في نفوذ العتق فكذا في الاجزاء، فإن لم يعلم حياتهما لم يجز إعتاقهما، وبه علم أن من انقطع خبره لا يجزئ لأن الوجوب متيقن والمسقط مشكوك فيه، بخلاف الفطرة تجب للاحتياط. وتجزئ حامل وإن استثنى حملها ويتبعها في العتق ويبطل الاستثناء في صورته. وإذا لم يمنع الاستثناء نفوذ العتق لم يمنع سقوط الفرض. ولا يجزئ موصى بمنفعته ولا مستأجر لعجزهما عن الكسب لنفسهما وللحيلولة بينهما وبين منافعها، وبهذا فارق المريض الذي يرجى برؤه والصغير. ويجزئ من تحتم قتله بخلاف من قدم للقتل، والفرق أن من قدم للقتل يقتل غالبا، فإن لم يقتل كان كمريض لا يرجى برؤه، والمتحتم قتله قد يتأخر للقتل عنه . وقد ترجع البينة ولا يضر في العتق التشقيص، (و) حينئذ يجزئ (إعتاق عبديه عن كفارتيه) أنفق جنسهما أو اختلف، (عن كل) منهما (نصف ذا) العبد (ونصف ذا) العبد لتخليص الرقبتين من الرق. وهل يقع العتق مبعضا على ما نواه ثم يسري أو يقع كل عبد عن كفارة؟ وجهان في الروضة كأصلها بلا ترجيح، وظاهر كلام المتن الأول ونسبه في الشامل للجمهور.
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو ظهر أحدهما معيبا أو مستحقا مثلا فعلى التبعيض لم يجز واحد منهما عن كفارته، وعلى الثاني يبرأ من كفارة واحدة ويبقى عليه أخرى.
تنبيه: لو سكت المكفر عن التشقيص بأن أعتق عبديه عن كفارتيه ولم يزد على ذلك صح كما جزم به الإمام، وتقع كل رقبة عن كفارة في أحد وجهين يظهر ترجيحه. (ولو أعتق معسر نصفين) له من عبدين (عن كفارة) عليه، (فالأصح الاجزاء إن كان باقيهما حرا) لحصول المقصود وهو إفادة الاستقلال. والثاني: المنع مطلقا، كما لا يجزئ شقصان في الأضحية. والثالث: الاجزاء مطلقا، تنزيلا للاشقاص منزلة الاشخاص. وخرج بالمعسر الموسر فيجزيه ذلك بلا قيد لسريانه إلى باقيهما.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لو كان باقي أحدهما فقط حرا لم يجزه، قال الزركشي: وليس كذلك بل الظاهر الاجزاء لخلوص رقبة كاملة اه. وهذا ظاهر. ولو أعتق موسر نصف عبده مشترك بينه وبين آخر عن كفارته، فإن نوى مع عتق نصيبه صرف عتق نصيب شريك أيضا إليها أجزأه، وإلا فينصرف نصيبه فقط إليها فيكمل ما يوفي رقبة.
الشرط الرابع: خلو الرقبة عن شوب العوض كما نبه على ذلك بقوله: (ولو أعتق) عبده عن كفارته (بعوض) يأخذه (لم يجز) ذلك الاعتاق (عن كفارة) لعدم تجرده لها.
تنبيه: أفهم إطلاقه العوض أنه لا فرق بين جعل العوض على العبد كأعتقتك عن كفارتي على أن ترد علي ألفا أو على أجنبي كأعتقت عبدي هذا عن كفارتي بألف عليك فقبل. أو يقول له الأجنبي: أعتق عبدك عن كفارتك وعلي كذا فيعتقه فورا، وهو كذلك. وإذا لم يجز استحق العوض على الملتمس في أصح الوجهين، ويقع الولاء للمعتق