كقضاء الدين في ذلك، كذا قاله الرافعي. قال بعض المتأخرين: ويؤخذ منه اشتراط النية في قضاء الدين، فلو دفع مالا لمن له عليه دين لا بنية الوفاء كان هبة، قال: وفيه وقفة. وكالذمي فيما ذكر مرتد بعد وجوب الكفارة، وتجزئة الكفارة بالاعتاق والاطعام فيطأ بعد الاسلام وإن كفر في الردة. وتنقسم الكفارة إلى نوعين: مخيرة في أولها، ومرتبة في آخرها وسيأتي في باب الايمان، ومرتبة وهي كفارة القتل والجماع في نهار رمضان والظهار. وقد شرع في خصاله فقال. (وخصال كفارة الظهار) ثلاثة، ولو صرح بهذا لسلم من إبهام تفسير الخصال بالعتق الموصوف فإنه لم يقل بعد ذلك: الخصلة الثانية ولا الثالثة، وإنما ذكر العتق وأحكامه، ثم قال: فإن عجز عن العتق صام، وذكر حكم الصوم، ثم قال: فإن عجز عن الصوم كفر بالاطعام وقال: خصالها مرتبة، أحدها (عتق رقبة) لكان أحسن. وللرقبة المجزئة في الكفارة أربعة شروط: أولها ما ذكره بقوله: (مؤمنة) ولو بإسلام أحد الأبوين أو للسابي فلا يجزئ كافر، قال تعالى في كفارة القتل:
* (فتحرير رقبة مؤمنة) * وألحق بها غيرها قياسا عليها، أو حملا لمطلق آية الظهار على المقيد في آية القتل كحمل المطلق في قوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * على المقيد في قوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) *، ولان الزكاة لا يجوز صرفها لكافر فكذا الكفارة به، ويشترط الايمان في باقي الكفارات أيضا. الشرط الثاني: أن تكون سالمة (بلا عيب) فيها (يخل) بأن يضر (بالعمل والكسب) إضرارا بينا، لأن المقصود تكميل حاله ليتفرع لوظائف الأحرار، وإنما يحصل ذلك إذا استقل بكفاية نفسه وإلا فيصير كلا على نفسه وعلى غيره.
تنبيه: إنما جمع المصنف بين العمل والكسب ولم يقتصر على الثاني، لأن الزمن يمكنه الاكتساب مع أنه لا يجزئ، لكنه لو اقتصر على العمل كان أخصر، أن يجعل الكسب من عطف أعم على أخص. قال الأصحاب: وملاحظة الشافعي في العيب هنا بما يضر بالعمل نظير ملاحظته في عيب الأضحية ما ينقص اللحم لأنه المقصود فيها، وفي عيب النكاح ما يخل بمقصود الجماع، وفي عيب المبيع ما يخل بالمالية، فاعتبر في كل باب ما يليق به. ثم فرع المصنف على ما اعتبره في وصف الرقبة من أجزاء ومع الثاني مذكور في قوله بعد: لا زمن، والأول في قوله: (فيجزئ صغير) ولو ابن يوم حكم بإسلامه ولو تبعا للسابي لاطلاق الآية، ولأنه يرجى كبره فهو كالمريض يرجى برؤه، وفارق في الغرة حيث لا يجزئ فيها الصغير لأنها حق آدمي، ولان غرة الشئ خياره، ويسن أن يكون من يكفر به مكلفا للخروج من خلاف العلماء، قاله الروياني.
تنبيه: أفهم كلام المصنف أن الجنين ولو انفصل لدون ستة أشهر لا يجزئ وهو كذلك، وكذا لو خرج بعضه كما قاله القفال. (و) يجزئ (أقرع) وهو من لا نبات برأسه، (أعرج) بحذف العاطف (يمكنه تباع مشي) بأن يكون عرجه غير شديد. ولو عرف المصنف المشي كما في المحرر كان أولى. (و) يجزئ (أعور) لم يضعف عوره بصر عينه السليمة كما في زيادة الروضة، فإن أضعفها وأضر العمل إضرارا بينا لم يجز.
تنبيه: أفهم كلامه عدم الاكتفاء بالأعمى، وهو كذلك وإن أبصر لتحقق اليأس في العمى، وعروض البصر نعمة جديدة بخلاف المرض كما سيأتي. فإن قيل: هذا يشكل بقولهم لو ذهب بصره بجناية فأخذ ديته ثم عاد استردت لأن العمى المحقق لا يزول. أجيب بأن الأول في العمى الأصلي والثاني في الطارئ. (و) يجزئ (أصم) وهو فاقد السمع، (و) يجزئ (أخرس) قال في التنبيه: إذا فهمت إشارته، في الروضة: يفهم الإشارة، وينبغي اعتبارهما. قال في التنبيه: فإن جمع بين الصمم والخرس لم يجزه، لأن اجتماع ذلك يورث زيادة الضرر. وظاهر كلامه في الروضة تبعا للرافعي ترجيح الاجزاء، وهو الظاهر. (و) يجزئ (أخشم) بخاء وشين معجمتين: فاقد الشم.
(وفاقد أنفه، و) فاقد (أذنيه، و) فاقد (أصابع رجليه) كلها، لأن فقد ذلك لا يخل بالعمل والكسب بخلاف فاقد