في أغراضها وملاذها بخلاف السفيهة كما للمريض أن ينكح أبكارا بمهور أمثالهن من غير حاجة. (ولا يحسب من الثلث إلا) قدر (زائد على مهر مثل) بخلاف مهر المثل وأقل منه فمن رأس المال، لأن التبرع إنما هو بالزائد فهو كالوصية للأجنبي، ولا يكون كالوصية للوارث لخروجه بالخلع عن الإرث إلا أن يكون وارثا بجهة أخرى غير الزوجية كابن عم أو معتق.
فإن قيل: قد جعلوا خلع المكاتب تبرعا وإن كان بمهر المثل أو أقل فهلا كان المريض كذلك أجيب بأن تصرف المريض أتم ولهذا وجب عليه نفقة الموسرين بخلاف المكاتب. ويصح خلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل لأن البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع. ثم شرع في الركن الثالث، وهو البضع وشرطه أن يملكه الزوج، فقال: (و) يصح اختلاع (رجعية في الأظهر) لأنها في حكم الزوجات في كثير من الأحكام. والثاني: لا، لعدم الحاجة إلى الافتداء لجريانها إلى البينونة. ويستثنى كما قال الزركشي ما لو عاشر الرجعية معاشرة الأزواج بلا وطئ وانقضت الأقراء أو الأشهر وقلنا يلحقها الطلاق ولا يراجعها، وهو الأصح كما سيأتي، فينبغي أن لا يصح خلعها لأنها بائن إلا في الطلاق. (لا بائن) بخلع أو غيره، فلا يصح خلعها إذ لا يملك بضعها حتى يزيله، وحكى الماوردي فيه إجماع الصحابة، قال: ولو قالت: طلقني واحدة بألف فقال: أنت طالق واحدة وطالق ثانية وطالق ثالثها، فإن أراد بالعوهما الأولى وقعت دون الأخيرتين، أو الثانية وقعت الأوليان دون الثالثة، أو الثالثة وقعت الثلاث. والخلع في الردة من الزوجين أو أحدهما، وفي إسلام أحد الزوجين الوثنيين بعد الدخول موقوف. ثم شرع في الركن الرابع، وهو العوض، فقال: (ويصح عوضه) أي الخلع (قليلا وكثيرا دينا وعينا ومنفعة) لعموم قوله تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) *، ولأنه عقد على منفعة البضع، فجاز بما ذكر كالصداق. ويستثنى من إطلاقه المنفعة صورتان: إحداهما الخلع على أنه برئ من سكناها، ففي البحر يقع الطلاق ولا يجوز البدل، لأن إخراجها من المسكن حرام، فلها السكنى وعليها مهر المثل. ثانيتهما: الخلع على تعليم شئ من القرآن، فقضية قولهم في الصداق حيث قالوا بالتعذر أنه لا يصح. (و) يشترط في العوض شروط الثمن من كونه متمولا معلوما مقدورا على تسليمه، فعلى هذا (لو خلع بمجهول) كأحد العبدين (أو خمر) معلومة أو نحوها مما لا يتملك، (بانت بمهر مثل) لأنه المراد عند فساد العوض، (وفي قول: ببدل الخمر) وهو قدرها من العصير كالقولين في إصداقها.
تنبيه: أشار بالتمثيل بالخمر إلى النجس المقصود فخرج ما لا يقصد كالدم فإنه يقع رجعيا، لأنه لم يطمع في شئ، قال الرافعي. وقد يتوقف في هذا، فإن الدم قد يقصد لأغراض. ورده ابن الرفعة بأغراض تافهة كالعدم.
ولا يخفى أن خلع الكفار بعوض غير مال صحيح كما أنكحتهم، فإن وقع إسلام بعد قبضه كله فلا شئ له عليها، أو قيل قبض شئ منه فله مهر المثل، أو بعد قبض بعضه فالقسط. ولو خلعها على عين فتلفت قبل القبض أو خرجت مستحقة أو معيبة فردها أو فاتت منها صفة مشروطة فردها، رجع عليها بمهر المثل، والعوض في يدها كالمهر في يده في أنه مضمون ضمان عقد، وقيل: ضمان يد. ومحل البينونة بالمجهول إذا لم يكن فيه تعليق، أو علق بإعطاء مجهول يمكن إعطاؤه مع الجهالة. أما إذا قال: إن أبرأتني من صداقك أو من دينك فأنت طالق فأبرأته وهي جاهلة به لم تطلق، لأن الابراء لم يصح فلم يوجد ما علق عليه الطلاق، قاله السبكي، وهو المعتمد وكلام الماوردي يوافقه، وفي كلام القفال ما يدل عليه، وفي كلام ابن الصلاح ما يخالفه، وجرى عليه في الأنور فقال: لو قال: إن أبرأت فأنت طالق، فأبرأته جاهلة به لم تطلق، بخلاف إن أبرأتني. ومحل وقوع الطلاق عند التعليق بالبراءة من الصداق، أو الدين إذا كان معلوما، أما إذا لم يتعلق بذلك الدين زكاة، فإن تعلقت به الزكاة وأبرأته لم يقع الطلاق، لأن الطلاق معلق على البراءة من جميع الدين، والدين قد استحق بعضه الفقراء فلا تصح البراءة من ذلك البعض فلم توجد الصفة، كما لو باع المال الذي تعلقت به الزكاة بعد الحول فإنه يبطل في قدرها، نبه عليه ابن العماد، وهو حسن وإن نظر فيه بعضهم.
فائدة: الابراء من جهة المبرئ تمليك ومن وجهة المبرئ إسقاطه فيشترط على الأول دون الثاني، هذا إذا لم يؤل