مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٥
في أغراضها وملاذها بخلاف السفيهة كما للمريض أن ينكح أبكارا بمهور أمثالهن من غير حاجة. (ولا يحسب من الثلث إلا) قدر (زائد على مهر مثل) بخلاف مهر المثل وأقل منه فمن رأس المال، لأن التبرع إنما هو بالزائد فهو كالوصية للأجنبي، ولا يكون كالوصية للوارث لخروجه بالخلع عن الإرث إلا أن يكون وارثا بجهة أخرى غير الزوجية كابن عم أو معتق.
فإن قيل: قد جعلوا خلع المكاتب تبرعا وإن كان بمهر المثل أو أقل فهلا كان المريض كذلك أجيب بأن تصرف المريض أتم ولهذا وجب عليه نفقة الموسرين بخلاف المكاتب. ويصح خلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل لأن البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع. ثم شرع في الركن الثالث، وهو البضع وشرطه أن يملكه الزوج، فقال: (و) يصح اختلاع (رجعية في الأظهر) لأنها في حكم الزوجات في كثير من الأحكام. والثاني: لا، لعدم الحاجة إلى الافتداء لجريانها إلى البينونة. ويستثنى كما قال الزركشي ما لو عاشر الرجعية معاشرة الأزواج بلا وطئ وانقضت الأقراء أو الأشهر وقلنا يلحقها الطلاق ولا يراجعها، وهو الأصح كما سيأتي، فينبغي أن لا يصح خلعها لأنها بائن إلا في الطلاق. (لا بائن) بخلع أو غيره، فلا يصح خلعها إذ لا يملك بضعها حتى يزيله، وحكى الماوردي فيه إجماع الصحابة، قال: ولو قالت: طلقني واحدة بألف فقال: أنت طالق واحدة وطالق ثانية وطالق ثالثها، فإن أراد بالعوهما الأولى وقعت دون الأخيرتين، أو الثانية وقعت الأوليان دون الثالثة، أو الثالثة وقعت الثلاث. والخلع في الردة من الزوجين أو أحدهما، وفي إسلام أحد الزوجين الوثنيين بعد الدخول موقوف. ثم شرع في الركن الرابع، وهو العوض، فقال: (ويصح عوضه) أي الخلع (قليلا وكثيرا دينا وعينا ومنفعة) لعموم قوله تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) *، ولأنه عقد على منفعة البضع، فجاز بما ذكر كالصداق. ويستثنى من إطلاقه المنفعة صورتان: إحداهما الخلع على أنه برئ من سكناها، ففي البحر يقع الطلاق ولا يجوز البدل، لأن إخراجها من المسكن حرام، فلها السكنى وعليها مهر المثل. ثانيتهما: الخلع على تعليم شئ من القرآن، فقضية قولهم في الصداق حيث قالوا بالتعذر أنه لا يصح. (و) يشترط في العوض شروط الثمن من كونه متمولا معلوما مقدورا على تسليمه، فعلى هذا (لو خلع بمجهول) كأحد العبدين (أو خمر) معلومة أو نحوها مما لا يتملك، (بانت بمهر مثل) لأنه المراد عند فساد العوض، (وفي قول: ببدل الخمر) وهو قدرها من العصير كالقولين في إصداقها.
تنبيه: أشار بالتمثيل بالخمر إلى النجس المقصود فخرج ما لا يقصد كالدم فإنه يقع رجعيا، لأنه لم يطمع في شئ، قال الرافعي. وقد يتوقف في هذا، فإن الدم قد يقصد لأغراض. ورده ابن الرفعة بأغراض تافهة كالعدم.
ولا يخفى أن خلع الكفار بعوض غير مال صحيح كما أنكحتهم، فإن وقع إسلام بعد قبضه كله فلا شئ له عليها، أو قيل قبض شئ منه فله مهر المثل، أو بعد قبض بعضه فالقسط. ولو خلعها على عين فتلفت قبل القبض أو خرجت مستحقة أو معيبة فردها أو فاتت منها صفة مشروطة فردها، رجع عليها بمهر المثل، والعوض في يدها كالمهر في يده في أنه مضمون ضمان عقد، وقيل: ضمان يد. ومحل البينونة بالمجهول إذا لم يكن فيه تعليق، أو علق بإعطاء مجهول يمكن إعطاؤه مع الجهالة. أما إذا قال: إن أبرأتني من صداقك أو من دينك فأنت طالق فأبرأته وهي جاهلة به لم تطلق، لأن الابراء لم يصح فلم يوجد ما علق عليه الطلاق، قاله السبكي، وهو المعتمد وكلام الماوردي يوافقه، وفي كلام القفال ما يدل عليه، وفي كلام ابن الصلاح ما يخالفه، وجرى عليه في الأنور فقال: لو قال: إن أبرأت فأنت طالق، فأبرأته جاهلة به لم تطلق، بخلاف إن أبرأتني. ومحل وقوع الطلاق عند التعليق بالبراءة من الصداق، أو الدين إذا كان معلوما، أما إذا لم يتعلق بذلك الدين زكاة، فإن تعلقت به الزكاة وأبرأته لم يقع الطلاق، لأن الطلاق معلق على البراءة من جميع الدين، والدين قد استحق بعضه الفقراء فلا تصح البراءة من ذلك البعض فلم توجد الصفة، كما لو باع المال الذي تعلقت به الزكاة بعد الحول فإنه يبطل في قدرها، نبه عليه ابن العماد، وهو حسن وإن نظر فيه بعضهم.
فائدة: الابراء من جهة المبرئ تمليك ومن وجهة المبرئ إسقاطه فيشترط على الأول دون الثاني، هذا إذا لم يؤل
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460