مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٦
لأن الطلاق لا يؤقت بمهر المثل لفساد الصيغة بالتأقيت. أو علق الزوج الطلاق بصفة كأن (قال: إذا دخلت الدار) مثلا (فأنت طالق بألف فقبلت) فورا (ودخلت) بعد قبولها ولو بعد زمن، (طلقت على الصحيح) لوجود المعلق عليه مع القبول. والثاني: لا تطلق، لأن المعارضة لا تقبل التعليق فيمتنع معه ثبوت المال فينتفي الطلاق المربوط به ويقع الطلاق (بالمسمى) كما في الطلاق المنجز، ولا يتوقف وجوبه على الطلاق، بل يجب تسليمه في الحال كما في أصل الروضة وإن كان ظاهر عبارة المصنف أنه لا يجب إلا عند وجود المعلق عليه، لأن الأعواض المطلقة يلزمها تسليمها في الحال والمعوض تأخر بالتراضي لوقوعه في التعليق، بخلاف من خلع وغيره يجب فيه تقارن العوضين في الملك.
(و) طلقت (في وجه أو قول بمهر المثل) لأن المعاوضة لا تقبل التعليق فيؤثر فساد العوض دون الطلاق لقبوله التعليق، وإذا فسد العوض وجب مهر المثل.
تنبيه: تبع المحرر في التردد في أن الخلاف وجهان أو قولان، والذي اقتضاه كلام الروضة وأصلها ترجيح أنه وجه حيث قالا: وجهان، ويقال: قولان. ويستثنى من صحة تعليق الخلع بالمسمى ما لو قال: إن كنت حاملا فأنت طالق على مائة وهي حامل في غالب الظن، فتطلق إذا أعطته وله عليها مهر مثل كما حكاه الرافعي عن نص الاملاء. ثم شرع في خلع الأجنبي سواء أكان وليا لها أم غيره فقال: (ويصح اختلاع أجنبي) مطلق التصرف بلفظ خلع أو طلاق، (وإن كرهت الزوجة) ذلك، لأن الطلاق مما يستقل به الزوج والأجنبي مستقل بالالتزام، وله بذل المال والتزامه فداء، لأن الله تعالى سمى الخلع فداء فجاز كفداء الأسير، وكما يبذل المال في عتق عبد لسيده تخليصا له من الرق. وقد يكون للأجنبي فيه غرض ديني بأن يراهما لا يقيمان حدود الله أو يجتمعان على محرم والتفريق بينهما ينقذهما من ذلك فيفعل طلبا للثواب، أو دنيوي لغرض مباح. (وهو) أي اختلاع الأجنبي مع الزوج (كاختلاعها) أي الزوجة، (لفظا) أي في ألفاظ الالتزام، (وحكما) في جميع ما مر، فهو من جانب الزوج ابتداء معاوضة فيها شوب تعليق، ومن جانب الأجنبي ابتداء معاوضة فيها شوب جعالة، فإذا قال الزوج للأجنبي: طلقت امرأتي على ألف في ذمتك فقبل، أو قال الأجنبي للزوج: طلق امرأتك على ألف في ذمتك فأجابه بانت بالمسمى، وللزوج أن يرجع قبل قبول الأجنبي نظرا للمعاوضة.
ووقع للشارح أنه قال: نظرا لشوب التعليق وهو سبق قلم. وللأجنبي أن يرجع قبل إجابة الزوج نظرا لشوب الجعالة إلى غير ذلك من الأحكام.
تنبيه: يستثنى من قوله: وحكما صور: إحداها ما لو كان له امرأتان فخالع الأجنبي عنهما بألف مثلا من ماله صح بألف قطعا وإن لم يفصل حصة كل منهما، لأن الألف تجب للزوج على الأجنبي وحده بخلاف الزوجتين إذا اختلفتا فإنه يجب أن يفصل ما يلتزمه كل منهما، قاله الماوردي. والثانية: لو اختلعت المريضة بما يزيد على مهر المثل فالزيادة من الثلث والمهر من رأس المال وفي الأجنبي الجميع من الثلث. والثالثة: لو قال الأجنبي: طلقها على هذا المغصوب. أو على هذا الخمر أو نحو ذلك وطلق وقع رجعيا، بخلاف ما إذا التمست المرأة ذلك فإنه يقع بائنا، لأن البضع يقع للمرأة فيلزمها بدله، بخلاف الأجنبي. الرابعة: لو سألت الخلع بمال في الحيض فلا يحرم بخلاف الأجنبي.
فائدة: أخذ السبكي من صحة خلع الأجنبي جواز بذل مال لمن بيده وظيفة يستنزله عنها لنفسه أو غيره، ويحل له حينئذ أخذ العوض. ويسقط حقه منها، ويبقى الامر بعد ذلك لناظر الوظيفة يفعل ما تقتضيه المصلحة شرعا، وقد مرت الإشارة إلى ذلك، وإنما كررته لأن الناس كثر منهم الوقوع في ذلك. (ولوكيلها) في الاختلاع (أن يختلع له) أي لنفسه بالتصريح أو بالنية، فيكون خلع أجنبي والمال عليه، كما لو لم توكله. وإن صرح بالوكالة أو نواها فلها، وإن أطلق وقع لها كما قاله الغزالي، وفي كلام الشافعي والأصحاب ما يدل له وإن بحث الرافعي وقوع الخلع له لعود المنفعة
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460