إصداقه، وإنما امتنع فيها لعارض. واستثنى أيضا ما لو أصدقها دينا له على غيرها، فإنه لا يصح على النص مع صحة بيعه ممن هو عليه. وهذا إنما يأتي على ما جرى عليه المصنف في هذا الكتاب أن بيعه لغير من هو عليه باطل، أما ما جرى عليه في زيادة الروضة من صحته لغير من هو عليه فيصح كونه صداقا. واستثنى أيضا ما لو جعل ثوبا لا يملك غيره صداقا لتعلق حق الله تعالى به من وجوب ستر العورة به، وهذا مردود، فإنه إن تعين الستر به لم يصح بيعه ولا جعله صداقا والأصح كل منهما. واستثنى أيضا الجواهر والقسي، فإن الشيخ أبا حامد قال: لا يجوز السلم فيها كما لا يجوز جعلها صداقا، وهذا مردود أيضا فإنه لا يصح بيعها في الذمة ولا إصداقها، ويصح بيعها وإصداقها إن كانت معينة، والضابط منطبق عليه. واستثنى من عكس الضابط ما لو أصدقها ما عليها أو على عبدها من قصاص فإنه يصح، ولا يصح بيعه. (وإذا أصدقها عينا) يمكن تقويمها كعبد موصوف، (فتلفت) تلك العين (في يده) قبل القبض، (ضمنها) وإن عرضها عليها وامتنعت من قبضها، (ضمان عقد) لأنها مملوكة بعقد معاوضة فأشبهت المبيع في يد البائع. (وفي قول ضمان يد) كالمعار والمستام لعدم انفساخ النكاح بالتلف. أما إذا لم يمكن تقويم عين الصداق فهو مضمون ضمان عقد قطعا كما في الروضة وأصلها في الكلام على الصداق الفاسد أن الفاسد فيما لو أصدقها عبدا أو ثوبا غير موصوف قالا: فالتسمية فاسدة، وعليه مهر المثل قطعا.
تنبيه: إنما فرض المصنف كالروضة وأصلها الخلاف في العين مع أنه لا يختص بها. لأنه أكثر ما يظهر أثر الخلاف المتقدم فيها. والفرق بين ضماني العقد واليد في الصداق أنه على الأول يضمن بمهر المثل وعلى الثاني بالبدل الشرعي وهو المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان متقوما. ثم فرع المصنف على القولين مسائل، فقال: (فعلى الأول ليس لها بيعه) أي المذكور من العين ولا غير البيع من سائر التصرفات الممتنعة، ثم (قبل قبضه) كالمبيع. وعلى الثاني يجوز. ومما يتفرع على القولين الإقالة، فيصح على الأول دون الثاني، وهي مسألة نفيسة ذكرها القاضي الحسين.
تنبيه: لو عبر المصنف بالتصرف في العين لشمل ما قدرته، ومع هذا يرد عليه ما لو كان دينا فإنه لا يجوز الاعتياض عنه على الأصح. (ولو تلف في يده) بآفة سماوية (وجب مهر مثل) على القولين الأول، لانفساخ عقد الصداق، حتى لو كان رقيقا لزمه تجهيزه، بخلافه على الثاني لا ينفسخ فيتلف على ملكها فيلزمها تجهيزه، وعليه بدله من مثل أو قيمة. ويعتبر أقصى القيم من الاصداق إلى التلف لاستحقاق التسليم في كل وقت من ذلك.
تنبيه: لو طالبته بالتسليم فامتنع لم ينتقل إلى ضمان اليد كما صححاه، وقيل: ينتقل، ونسبه الزركشي إلى نص البويطي. (وإن أتلفته) أي الزوجة، (فقابضه) لحقها على القولين إذا كانت أهلا لأنها أتلفت حقها، وإن كانت غير رشيدة فلا، لأن قبضها غير معتد به. وتقدم في البيع أنه لو كان المبيع عبدا فقتله المشتري لصياله عليه فلم يكن قبضا فليكن هنا كذلك. (وإن أتلفه أجنبي) يضمن الاتلاف، (تخيرت) أي الزوجة، (على المذهب) بين فسخ الصداق وإبقائه كما مر نظيره في البيع. (فإن فسخت الصداق أخذت من الزوج مهر مثل) على القول الأول ويدل الصداق من مثل أو قيمة على الثاني، ويأخذ الزوج الغرم من المتلف. (وإلا) بأن لم تفسخه، (غرمت المتلف) بكسر اللام، المثل أو القيمة، وليس لها مطالبة الزوج على القول الأول ولها تغريمه على الثاني وهو يرجع على المتلف. ومقابل المذهب أنها لا تتخير ويكون الحكم كما لو تلف بآفة سماوية. ونوزع المصنف في حكاية الخلاف طريقين، والمنقول أنه قولان، أما إذا لم يضمن الأجنبي بالاتلاف كحربي أو مستحق قصاص على الرقيق الذي جعل صداقا أو نحو ذلك كإتلاف الإمام له لحرابة فكالآفة المساوية (وإن أتلفه الزوج فكتلفه) بآفة سماوية، (وقيل: كأجنبي) أي كإتلافه