وجاءت به الآثار، وصح ذلك من عمر رضي الله عنه في الثلاثة الأول وهي المشتركة بين الزوجين، رواه عنه الشافعي وعول عليه، لأن مثله لا يكون إلا عن توقيف، وفي الصحيح: فر من المجذوم فرارك من الأسد. قال الشافعي في الأم:
وأما الجذام والبرص فإنه، أي كلا منهما يعدي الزوج ويعدي الولد، وقال في موضع آخر: الجذام والبرص مما يزعم أهل العلم بالطب والتجارب أنه يعدي كثيرا، وهو مانع للجماع لا تكاد نفس أحد أن تطيب أن يجامع من هو به، والولد قل ما يسلم منه، فإن سلم أدرك نسله. فإن قيل: كيف قال الشافعي إنه يعدي وقد صح في الحديث: لا عدوى؟ أجيب بأن مراده أنه يعدي بفعل الله لا بنفسه. والحديث ورد ردا لما يعتقده أهل الجاهلية من نسبة الفعل لغير الله تعالى وأن مخالطة الصحيح لمن به شئ من هذه الادواء سبب لحدوث ذلك الداء، ولان معظم النكاح هو الوطئ والقرن والرتق مانعان منه فيتعذر مقصوده. وحكى الماوردي إجماع الصحابة على ثبوت الخيار بالجب والعنة.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف ما لو زال العيب قبل الفسخ وما لو علم به بعد الموت، والأصح لا خيار فيهما. وقضية قوله: وجد أنه لو علم أحدهما بعيب صاحبه قبل العقد لا خيار له وليس على إطلاقه، بل لو علمت بعنته قبل العقد فلها الخيار بعده على المذهب، لأن العنة تحصل في حق امرأة دون أخرى وفي نكاح دون نكاح، ويثبت الخيار للزوجة بالعنة وإن كان قادرا على جماع غيرها. ولا فرق في ثبوت الخيار فيما ذكر بين أن يجد أحد الزوجين بالآخر مثل ما به من العيب أو لا. (وقيل إن وجد به مثل عيبه) من الجذام أو البرص قدرا وفحشا (فلا) خيار لتساويهما. وأجاب الأول بأن الانسان يعاف من غيره ما لا يعاف من نفسه. أما المجنونان جنونا مطبقا فيتعذر الخيار لهما لانتفاء الخيار. وقول المصنف:
مثل عيبه احترز به عما إذا كان في أحدهما أكثر أو أفحش أو اختلف الجنس فإنه يثبت الخيار قطعا نعم إن كان مجبوبا، بالموحدة - وهي رتقاء فطريقان: قيل كالجنس، وقيل: لا خيار قطعا. ولو اختلفا في شئ هل هو عيب كبياض هل هو برص أو لا؟ صدق المنكر وعلى المدعي البينة.
تنبيه: قد علم مما تقرر أن جملة العيوب سبعة، وأنه يمكن في حق كل من الزوجين خمسة. واقتصار المصنف على ما ذكر من العيوب يقتضي أنه لا خيار فيما عداها، قال في الروضة: وهو الصحيح الذي قطع به الجمهور، فلا خيار بالبخر والصنان والاستحاضة والقروح السيالة والعمى والزمانة والبله والخصاء والافضاء ولا بكونه يتغوط عند الجماع، لأن هذه الأمور لا تفوت مقصود النكاح بخلاف نظيره في البيع لفوات المالية. (ولو وجده خنثى واضحا) بأن زال إشكاله قبل عقد النكاح بذكورة أو أنوثة، (فلا) خيار له (في الأظهر) سواء أوضح بعلامة قطعية أم ظنية أو بإخباره، لأن ما به من ثقبة أو سلعة زائدة لا يفوت مقصود النكاح. والثاني: له الخيار بذلك لنقرة الطبع عنه، أما الخنثى المشكل فنكاحه باطل. ولو وجدها مستأجرة العين، نقل الشيخان عن المتولي أنه ليس له منعها عن العمل ولا نفقة عليه، وظاهره أنه لا خيار له وهو المعتمد، ونقلا عن الماوردي أن له الخيار إن جهل. ولا يسقط برضا المستأجر بالاستمتاع نهارا. ويلحق بالمرأة الرتقاء ضيقة المنفذ إن كان يحصل إفضاؤها بالوطء من كل واطئ كما أشار إليه الرافعي في الديات، وعلى هذا يقاس بالعنين كبير الآلة بحيث لا تسع حشفته امرأة، وبه صرح الغزالي في الديات، وأغرب الخفاف فعد في عيوب الرجل كونه مشعر الإحليل، قال الزركشي: وينبغي على قياسه كون المرأة خشنة المدخل بحيث يتأذى المدخل. (ولو حدث به) أي الزوج بعد العقد (عيب) كأن جب ذكره، (تخيرت) قبل الدخول جزما وبعده على الأصح لحصول الضرر به كالمقارن، مع أنه لا خلاص لها إلا بالفسخ بخلاف الرجل.
تنبيه: شمل إطلاق المصنف ما لو جبت ذكر زوجها، وهو الأصح. فإن قيل: إذا عيب المشتري المبيع لم يثبت له خيار، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأنها بالجب لا تصير قابضة لحقها، فهي كالمستأجر إذا عيب العين المستأجرة والمشتري بالتعييب قابض لحقه. (إلا عنة) حدثت (بعد دخول) لحصول مقصود النكاح من المهر وثبوت الحضانة وقد عرفت