أو ثبتك) أو نحو ذلك: كحبستك أو نكاحك أو عقدك أو حبستك على النكاح لمجئ لفظ الاختيار والامساك في الحديث والباقي في معناهما. قال في أصل الروضة: وكلام الأئمة يقتضي أن جميع ذلك صريح، لكن الأقرب أن يجعل قوله:
اخترتك وأمسكتك من غير تعرض للنكاح كناية اه. قال شيخنا: ومثلها ثبتك، ومقتضى هذا صحة الاختيار بالكناية، وهو كذلك وإن منعه الماوردي والروياني، وقال: إنه كابتداء النكاح. قال ابن الرفعة: وينبغي إذا جعل كاستدامته أن يكون على الخلاف في حصول الرجعة بالكناية. ولو أسلم معه أو في العدة ثمان ففسخ نكاح أربع منهن كقوله: فسخت نكاحهن، ولم يرد بالفسخ الطلاق استقر نكاح الباقيات. وسكت المصنف عن ألفاظ الفسخ.
قال الماوردي: ويصح بالصريح، ك فسخت نكاحها أو رفعته أو أزلته، وبالكناية: كصرفتها. وإن أراد بالفسخ الطلاق فحكمه ما ذكره في قوله: (والطلاق اختيار) للنكاح لأنه إنما يخاطب به المنكوحة، وسواء المعلق والمنجز فإن طلق أربعا حرم الجميع، أما المطلقات فلما مر، وأما الباقيات فلاندفاعهن بالشرع. ولا فرق في الطلاق بين الصريح والكناية، نعم لفظ الفراق من صريح الطلاق، وهو هنا فسخ، قال الروياني: لأنه قد يقع على غير الزوجة بخلاف لفظ الطلاق. قال الزركشي: وقضية هذا أن لفظ الفراق صريح في الفسخ أيضا فيكون حقيقة فيه وفي الطلاق ويتعين في كل منهما بالقرينة. ولو قال لأربع: أريدكن حصل التعيين به وإن لم يقل معه للباقيات لا أريدكن. (لا الظهار والايلاء) فليس كل منهما باختيار للنكاح (في الأصح) لأن الظهار وصف بالتحريم، والايلاء حلف على الامتناع من الوطئ، وهما بالأجنبية أليق. والثاني: هما تعيين للنكاح كالطلاق. وعلى الأول لو اختار من ظاهر منها أو آلى للنكاح صح الظهار والايلاء، وتكون مدة الايلاء من الاختيار ويصير في الظهار عائدا إن لم يفارقها في الحال.
تنبيه: قال الأذرعي في القوت: الظاهر أن قول المصنف الأصح راجع إلى الظهار والايلاء فقط، وجعله في الغنية راجعا إليهما وإلى الطلاق. والأول أوجه، والوطئ ليس باختيار، لأن الاختيار إما كابتداء النكاح أو كاستدامته وكل منهما لا يحصل إلا بالقول كالرجعة، وللموطوءة المسمى الصحيح أو مهر المثل إن لم يكن صحيحا إن اختار غيرها.
(ولا يصح تعليق اختيار) استقلالي (ولا) تعليق (فسخ) لم ينو به الطلاق كقوله: إن دخلت الدار فقد اخترت نكاحك أو فسخته، لأنهما تعيين، ولا تعيين مع التعليق. وخرج باستقلالي تعليق الاختيار الضمني كمن دخلت الدار فهي طالق، فلو دخلت واحدة طلقت على الأصح وحصل الاختيار لها ضمنا، فإن نوى بالفسخ الطلاق يصح تعليقه، لأنه حينئذ طلاق والطلاق يصح تعليقه ويحصل الاختيار به ضمنا وإن كان معلقا، إذ يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في المستقل. (ولو حصر الاختيار في خمس) أو أكثر من نسوة أسلم عنهن صح و (اندفع من زاد) على ذلك وإن لم يكن تعيينا تاما، (وعليه التعيين) التام بعد ذلك لما في دون الخمس، لحبسه أكثر من العدد الشرعي ولدفع الضرر عنهن فإن كلا منهن لا يعلم أنها منكوحة أو مفارقة.
تنبيه: قوله: وعليه التعيين يحتمل أن يكون كلاما مستأنفا فلا يختص بالمسألة قبله، بل يعمها وغيرها، ويحتمل أن يختص بها، لكن يرجح الأول أن المصنف عمل بخطه فاصلة قبله. وفي قوله: (و) عليه (نفقتهن) أن الخمس هذان الاحتمالان أيضا. والثاني هنا أظهر كما قاله ابن قاسم، لأن النفقة لم يتقدم لها ذكر. ويستمر وجوب نفقتهن (حتى يختار) من الخمس أربعا. وقال ابن قاسم: فأقل، أي لأنهن محبوسات بحكم النكاح. (فإن ترك الاختيار حبس) لأنه امتنع من واجب لا يقوم غيره مقامه فيه. فإن سأل الانتظار في الاختيار ليتفكر في الاحظ، قال الروياني: أمهله الحاكم ثلاثة أيام ولا يزيد. وقال صاحب الذخائر: ينبغي القطع بإمهاله ثلاثا، لأنها مدة التروي شرعا، أما النفقة فلا يمهل بها لتضررهن بتركها. وإن أصر على الحبس ولم يفده عزر بما يراه الحاكم من ضرب وغيره، وهكذا كل من أقر بحق وقدر على أدائه وامتنع وأصر ولم ينجح فيه الحبس ورأي الحاكم أن يضم إلى الحبس التعزير بالضرب وغيره